الأجانب والمهاجرون في مرمى اليمين المتشدد
استبق حزب الشعب ذو التوجه اليمني جميع منافسيه ليدشن منذ بداية هذا الأسبوع حملته الدعائية للاستفتاء على قانون الأجانب الجديد، فأصدر ورقة يحدد فيها موقفه منهم، ويطالب بدعم شعبي ورسمي لرؤيته.
مختلف التيارات السياسية انتقدت هذه الافكار ووصفتها بعديمة الجدوى وغير المنطقية لكن السجال والجدل بدأ يتصاعد.
قال حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد في ورقته “إن سويسرا تكافح اليوم لمواجهة مشكلات متعددة سببها ارتفاع نسبة الأجانب في سويسرا إلى 22% وزيادة المهاجرين من دول ذات ثقافة غريبة”، وطالب في الوثيقة التي أعدها الحزب ونشرها يوم 20 مارس، بأن يتعاون الجميع لإعادة وضع ما وصفها بـ “قواعد البلاد المتعارف عليها”.
لكن هذه النعرة التي يمكن النظر إليها على أنها ذات طابع وطني أو قومي متشدد لم تخل من الإشارة إلى الأجانب، حيث ورد في الوثيقة أن “من يقيم هنا كضيف عليه أن يخضع للقانون السويسري ويحترم عاداتنا وتقاليدنا أو أن يغادر البلاد”.
واستعرض الحزب أعداد الأجانب الذين يتم تجنيسهم سنويا، وأشار إلى أنه تضاعف ليصل في موفى عام 2005 إلى 40 ألف شخص، وهي زيادة لا تتناسب مع عدد الأجانب المقيمين أو الوافدين الجدد المتواصل في الصعود عام وراء عام، رغم المطالبة بتسهيل إجراءات منح الجنسية.
تفاصيل رؤية الحزب
الحزب ربط في ورقته بين هذه الأعداد وارتفاع معدلات الجريمة في سويسرا، وبين عدد المحتجزين في السجون الذين يطالبون بوجبات غذائية تتناسب مع ثقافاتهم وعاداتهم الدينية، ومع الأرقام التي تسجلها مكاتب الباحثين عن عمل، والراغبين في تقاضي المعونات الاجتماعية وحتى تأمينات التعويضات بسبب العجز المرضي التي أدى ارتفاع المطالبين بها إلى الحد الذي “تحولت فيه اللغة الألمانية في شرق سويسرا إلى لغة أجنبية”، حسبما ورد في الورقة التي استندت إلى أن العديد من المراسلات التي تتم بين بعض السلطات والهيئات باتت بلغتين من بينها اللغة التي يتحدث بها الأجنبي صاحب المشكلة.
وتخلص الوثيقة إلى تأكيد جوهر رؤية الحزب الذي يصر منذ عدة أعوام على أن الهجرة إلى سويسرا “تؤدي إلى المزيد من الأعباء المالية والمخاطر التي تهدد الكنفدرالية”.
من جهة أخرى، دعا حزب الشعب السويسري الناخبين إلى تأييد تشديد القوانين المتعلقة بشؤون المهاجرين والحصول على الجنسية المطروحة للتصويت قبل موفى هذا العام على الأرجح، حرصا على الصالح العام.
ويرى الحزب أنه يجب أن تكون القوانين الحالية سارية على الجميع من دون استثناءات، كما يدعو إلى التقليل من عدد الأجانب المقيمين من خلال عقوبات رادعة، تقضى حتى بسحب الجنسية ممن اكتسبها والترحيل من سويسرا ليس للجاني فقط، بل “لأسرته أيضا”، حسبما صرح به إيفان بيران، رئيس مجموعة العمل الخاصة بالمهاجرين التابعة للحزب (وهو في الوقت نفسه ضابط شرطة ونائب في البرلمان).
ردود فعل في اتجاه واحد
وكما كان متوقعا أثار بيان الحزب ردود فعل متعددة من التيارات السياسية المختلفة، لاسيما على الفقرة المتعلقة بسحب الجنسية المكتسبة وترحيل العائلات بأكملها إذ ارتكب أحد أبنائها جريمة.
فقد رأت الأحزاب الأخرى أن اقتراح سحب الجنسية يتعارض مع الدستور والقانون، لاسيما لمن لا يحمل أي جواز سفر آخر، إذ سيتحول في هذه الحالة إلى “بدون”، وهي مشكلة جديدة لا يمكن لسويسرا أن تتسبب فيها.
بينما يرى سياسيون آخرون بأن الحكم على سلوك الأجانب لا يمكن تغييره من خلال مثل تلك القوانين، إذ يخضع ذلك إلى معايير تختلف من شخص على آخر، وليس من السهل إلقاء كافة الأجانب في سلة الاتهام، إذ أن القانون يحمي الجميع ويوفر الأمن والاستتباب المطلوبين.
من جهتها، علقت وسائل الإعلام على مقترحات الحزب المثيرة للجدل. فقد رأت صحيفة “نويه لوتسرنر تسايتونغ” الصادرة في لوتسرن بأن حزب الشعب السويسري “يريد إجبار الأجانب على القبول بالمعايير السويسرية في كل شيء، في خطوة جديدة بعدما تمكن من الحصول على أغلب ما يريده في هذا الملف”، وتضيف الصحيفة “يرى الحزب أن نوعية التعليم في المدارس قد تأثرت سلبيا بوجود الأجانب وهناك سوء استغلال للخدمات الاجتماعية” وهذه مقدمات لأن يطرح الحزب قوانين أكثر تشددا لعرقلة لم شمل العائلات الأجنبية في سويسرا، مثل التأكد بأن تلك الأسرة لن تطالب بدعم اجتماعي وأنها تجيد لغة المنطقة المقيمة فيها (الألمانية أو الفرنسية أو الإيطالية).
شعارات رنانة .. فأين الحلول؟
صحيفة “بازلر تسايتونغ” الصادرة في بازل، قالت بأن هذا “الكتالوغ” الذي أعده الحزب هو تسخين مسبق لآراء الناخبين حتى قبل تحديد موعد التصويت على الاستفتاء المتعلق بقوانين الأجانب الجديدة، وتوقعت الصحيفة أن يكون في جعبة الحزب المزيد من التحركات على مستوى الكانتونات وعلى الصعيد الفدرالي أيضا.
وقالت “بازلر تسايتونغ” في تعليقها “إن ورقة حزب الشعب ما هي إلا عناوين رنانة بدلا من تقديم حلول عملية، فلا أحد يعارض أن يسري القانون على الجميع أو يحترم الكل القواعد السارية في البلاد، وإذا كان الحزب يشير إلى مشكلات مختلفة فإن الهدف يكون المناقشة الجادة وليس الشعارات العالية”.
صحيفة “برنر تسايتونغ” الصادرة في برن أجرت حوارا مع رئيس الحزب اولي ماورر، طرحت فيه السلبيات التي رأتها في ورقة الحزب، واتهمته بأنه حزب معاد للأجانب، وهو ما رفضه ماورر جملة وتفصيلا واعتبرها مجرد “دعاية رخيصة ضد حزبه وبرنامجه”، بل نفى أيضا أن تكون هذه الحملة في هذا التوقيت لكسب المزيد من الأنصار والمؤيدين المترددين في اختيار التيار السياسي المناسب، ووجه إنتقاده إلى الإعلام الذي اختار فقرات محددة من “الكتالوغ” لعرضها، متناسيا أن الحزب هو الذي اختار تلك الفقرات وأصدرها في بياناته الصحفية.
لقد نجح حزب الشعب السويسري مرة أخرى في أن تتحول مبادرته وأفكاره إلى الموضوع الرئيس في أحاديث السويسريين على اختلاف توجهاتهم وأن يظل محور اهتمام الرأي العام في كل تصريح أو بيان يصدر عنه، لمعرفة ما يعتزم القيام به. صحيح أن الانتخابات البرلمانية المقبلة لن تنظم إلا في خريف عام 2007، لكن من الواضح أن حملتها الدعائية قد انطلقت بعدُ.
سويس انفو – تامر أبوالعينين
يبلغ تعداد سكان سويسرا 7.461 مليون نسمة من بينهم 1.541 مليون أجنبي.
يعيش قرابة ثلثي الأجانب في المناطق الصناعية الكبرى شمالي سويسرا، وقرابة الثلث في منطقة غرب سويسرا لا سيما في مناطق بحيرة ليمان.
أغلب الاجانب ينحدرون من دول الإتحاد الأوروبي لاسيما دول الجوار وهي ألمانيا وفرنسا والنمسا وإيطاليا.
يقدر عدد المسلمين بحوالي 330 ألف شخص يقدم أغلبهم من منطقة البلقان وتركيا.
أعلن حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) عن رؤيته بخصوص التحويرات التي يجب إدخالها على قوانين الأجانب واللاجئين في سويسرا، ودعا إلى اعتماد إجراءات صعبة وصارمة.
يحاول الحزب كعادته لفت أنظار الرأي العام إليه من خلال تحويل ملف تواجد الأجانب إلى قضية تخيف الشارع السويسري وتثير حفيظته حول ما وصفه بقيم وعادات سويسرا الراسخة.
من المفترض أن يتم عرض مشروع قانون الأجانب الجديد للتصويت في وقت لاحق من هذا العام وتحاول الأحزاب استمالة الناخبين إلى آرائها حيث ترى أغلب الأحزاب أن التعددية الثقافية مكسب للكنفدرالية على عكس ما يرى حزب الشعب السويسري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.