الإصلاح ضرورة ملحة في لجنة حقوق الانسان
تجمع المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان على القول إن على الدورة الواحدة والستين للجنة حقوق الإنسان إدخال إصلاحات ضرورية، من أجل استرجاع مصداقية هذا المحفل الدولي الهام.
والجديد في دعوة الأصوات المطالبة بإصلاح أداء اللجنة أنها تُحمل كل الدول الأعضاء مسؤولية ما وصلت إليه لجنة حقوق الإنسان من جمود وتسييس وكيل بمكيالين .
يبدو أن أداء لجنة حقوق الإنسان التي مقرها في جنيف، والتي ستشرع في دورتها الواحدة والستين في الفترة ما بين 14 مارس حتى 22 ابريل، قد بلغ مستوى من السوء إلى درجة أن أحداً لم يعد قادرا على الصمت وتجاهل المطالبة بضرورة إدخال إصلاحات فعلية وعملية.
“إستعادة المصداقية مطلب ُملح”
فمنظمة هومان رايت واتش، أوضحت على لسان مديرها العام كينيث روت ” أن على لجنة حقوق الإنسان أن تُدخل إصلاحات جذرية (على عملها) لإستعادة مصداقيتها” . وطالبت المنظمة اللجنة بأن “تهتم بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان حيثما تقع، بدل الاهتمام بكيفية تجنب إدانة الدول التي ترتكب أبشع الانتهاكات”.
منظمة العفو الدولية، وعلى لسان مدير مكتبها في جنيف بيت سبلينتر، ذكرت بأن ” لجنة حقوق الانسان تجنبت خلال السنوات الأخيرة إدانة بعض الدول، التي ترتكب انتهاكات في مجال حقوق الانسان”. وطالبت كل الدول الأعضاء في لجنة حقوق الانسان الثلاثة والخمسين ” بوقف هذا التغاضي المشين عن مواجهة انتهاكات لحقوق الانسان في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية في معسكر جوانتانامو، وروسيا بخصوص الشيشان، والعراق والزمبابوي”.
و كانت لجنة الخبراء رفيعي المستوى، التي شكلها الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لتقييم أداء مؤسسات المنظومة الأممية وكيفية تحسينها، قد توصلت إلى نتيجة بشأن اللجنة مفادها أنها “تعاني من تآكل مصداقيتها ومن ابتعادها عن الحرفية”.
وهو ما دفع منظمة العفو الدولية الى مطالبة كل الدول الاعضاء وغير الأعضاء في اللجنة ” إلى اتخاذ الدورة الواحدة والستين كفرصة لإعادة المصداقية والحرفية “، لمحفل سيظل في نظر الكثيرين في العالم آخر محفل للتظلم فيما يتعلق بانتهاك وسلب حرياتهم وحقوقهم.
كل له نظرته الإصلاحية
إصلاح وتحسين آداء لجنة حقوق الانسان ليس وليد اليوم، بل هو من البنود المطروحة منذ سنوات على جدول أعمالها.
ماهو جديد اليوم أن الكل يصر على التعجيل بإدخال هذه الإصلاحات من جهة، وبتحميل كل الدول الأعضاء في اللجنة مسؤولية انحرافها عن آداء مهامها على أحسن وجه، من جهة أخرى.
ففيما يتعلق بالإصلاحات المقترحة، ترى منظمة هومان رايت واتش على لسان مديرها كينيث روت “أن اللجنة يجب أن تقصى من عضويتها الدول التي ترتكب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان”.
أما لجنة الشخصيات رفيعة المستوى، السابق ذكرها، فقد أوصت “بضرورة توسيع عضوية لجنة حقوق الإنسان لتشمل كل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة ال 191”.
وهناك اقتراح تقدمت به سويسرا، وسيعاد طرحه بعد مراجعته حسب ما أفادت به بعض المصادر المطلعة، يدعو إلى إمكانية إقامة مجلس دولي لحقوق الإنسان، يكون في نفس مستوى مجلس الأمن، ويهتم بقضايا حقوق الإنسان.
إلا أن المقترح لم يحسم مشكلة عدد الدول الأعضاء فيه، إذ توجد عدة سيناريوهات: إما 25 او 53 ( الوضع الحالي)، أو 191 أي بعدد دول منظمة الأمم المتحدة، لإعطاء اللجنة الصفة العالمية المطلوبة.
إلا أن السيد كلود ادريان زولر، مدير المنظمة السويسرية “مركز جنيف لحقوق الإنسان” يعتبر أن هذا المشروع “غير قابل للتطبيق على المدى القريب”، وقد لا يتم قبوله إلا ضمن صفقة إصلاح المنظومة الأممية “كمقايضة مقابل تعديل عضوية مجلس الأمن الدولي”.
مزيد من الصلاحيات.. أو من التمويل!
وهناك من يطالب بتعزيز عمل ميكانزمات الدفاع عن حقوق الإنسان، إما بإعطاء المفوضة السامية لحقوق الإنسان مزيدا من الصلاحيات، أو بزيادة الميزانية العادية لمفوضية حقوق الإنسان، بدلاً من تركها عرضة لضغوط الدول التي تقدم مساهمات طوعية لبرامج محددة، وهي التبرعات التي تأتي في بعض الأحيان ان لم يكن في معظمها لأهداف مقصودة.
ومن الاقتراحات التي تقدمت بها سويسرا إمكانية تكليف جهة أكاديمية بإعداد التقرير السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان، لتفادي التسيس والمساومات، وهناك رؤية تدعو إلى أن يتم تكليف جامعة برن بذلك.
لكن لكي تتحول هذه الأفكار الى خطوات عملية، يجب عرضها أولاً على الدول الأعضاء، والحصول على مساندة الأغلبية، وهذا ما يتوقع حدوثه مع بداية هذه الدورة.
تدارك اخطاء الماضي
ومن المتوقع في دورة هذا العام للجنة حقوق الإنسان، أن يتم طرح ملف السودان وبالتحديد قضية إقليم دارفور على جدول أعمالها (هذا عدا عن الملفات المعتادة الخاصة بكولومبيا وكوبا وإيران).
وكان لافتاً أن السودان أعيد انتخابه من قبل الدول الأعضاء في لجنة حقوق الإنسان، رغم النزاع النازف الدائر في إقليمه والجدل الشائك المحيط به، وهو الأمر الذى وصفته العديد من المنظمات غير الحكومية ب ” أكبر مساس بمصداقية اللجنة”.
وقد أضيف الى بنود جدول الأعمال لهذه السنة النيبال، بعد أن شهدت إنقلاباً قام به الملك هناك، وسيطر من خلاله على مقاليد كل السلطات، وهو ما قد يقود الى مشروع قرار إدانة في حقها.
وإذا كان ملف حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة قد يعرف بعض الهدوء بسبب انتعاش مسار عملية السلام من جديد، فإن ملف الأراضي العربية المحتلة، والمقصود هنا قضية لبنان وسوريا، قد يعرف بعض التصعيد على ضوء المتغيرات الجارية في لبنان، والاتهامات والضغوط المتزايدة التي تتعرض لها سوريا.
وإذا كانت النقطة السوداء التي ظلت تخيم على لجنة حقوق الإنسان خلال السنتين الماضيتين، تتمثل في تجاهل ما يحدث في العراق من انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل الاحتلال، والاكتفاء بمتابعة ما ارتكب في عهد النظام السابق، فإن الدعوات الملحة للإصلاح إضافة إلى تطورات الأحداث، قد ترغم الدول الأعضاء على فتح ملف التجاوزات المرتكبة أيضا في عهد الاحتلال، خصوصا وأن موضوع احترام حقوق الإنسان في مجال محاربة الإرهاب سيتم طرحه من خلال المطالبة بتعيين مقرر خاص بهذا الملف.
وكما قال ممثل منظمة العفو الدولية بيتر سبلينتر في رد على سؤال لسويس إنفو ” بدون طرح موضوع الانتهاكات في العراق اليوم، لن تستعيد لجنة حقوق الإنسان مصداقيتها”.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.