البرنامج النووي الإيراني بعيون سويسرية
قبل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسميا يوم 21 نوفمبر نوايا ايران باعتزام التوقيع على بروتوكول يعطي الوكالة الحق في إجراء مزيد من عمليات التفتيش المباغتة.
وقد تزامن هذا القرار مع مقال نشرته “المجلة العسكرية السويسرية العامة” تضمن انطباعات مشوبة بالحذر من النوايا الايرانية.
تسائل الفيزيائي والخبير النووي كريستوف فيتس في مقال نشرته المجلة العسكرية السويسرية العامة في عددها لشهر نوفمبر الجاري: هل تريد ايران التستر تحت غطاء برنامج نووي سلمي للوصول إلى القنبلة الذرية؟.
ولا يترك الخبير النووي القارئ في حيرة من أمره بل يجيبه بـ”هناك احتمال”، ويعززه بما يراه “دلالات واضحة تدعم احتمالات حصول إيران على برنامج نووي عسكري”.
ومع أنه ليس خافيا أن إيران لا تدخر وسعا في تأسيس البنية التحتية لبرنامج نووي موجه للأغراض السلمية، إلا أن الخبير السويسري يرى بأن حجم تلك البنية التحتية “أكبر من استخدامها للهدف المعلن”، ويعرب عن دهشته من هذا التوجه، على الرغم من أن إيران لديها من الغاز الطبيعي والنفط ما يكفي لتلبية احتياجاتها من الطاقة لعقود طويلة.
غير مربح اقتصاديا ..
ويواصل الخبير السويسري انتقاداته قائلا بأن تكاليف الإنفاق على تلك البنية التحتية ليست مجدية من الناحية الاقتصادية، حتى لو كانت لتخصيب اليورانيوم أو البلوتونيوم، وان ما تفكر فيه ايران من تصدير النفط والغاز بدلا من استهلاكهما محليا قد لا يكون مُـربحا، لاختلاف اسعار هذه المادة الحيوية الهامة على الصعيد الدولي.
ويرجع قلق الخبير السويسري إلى أن المنشآت النووية الإيرانية قادرة، على إنتاج المواد الأساسية للأسلحة الذرية، كما يمكنها تطبيق تلك التقنيات في المجال السلمي. والملفت هنا هو أن الكاتب بدأ أولا بالاستخدام العسكري، ثم جعل من الاستخدام المدني “احتمالا واردا”، وهذا الترتيب في الاستخدام يتعارض مع الحياد الذي من المفروض أن يكون ملازما لتحليل المعطيات القائمة.
وهو ما يعني أيضا أن لديه قناعة راسخة بأن الأهداف الأساسية للبرنامج النووي الإيراني عسكرية قبل أن تكون سلمية.
القبول الايراني لا يعفي من الشك!
ويسوق الخبير السويسري من ضمن “أدلة الاشتباه” ما شهدته طهران من مد وجزر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، وتصريح الأخيرة بأن إيران لم تعلن عن جميع المواد المخصبة المتوفرة لديها، مخلة بذلك بإلتزاماتها، إلا أنه في الوقت نفسه يشيد بموقف إيران من قبولها التوقيع على بروتوكول إضافي، والذي رحبت به كافة الأطراف التي تأمل فعلا في تهدئة الأوضاع وعدم اشتعال فتيل أزمة جديدة.
ولابد من التذكير بأن قبول ايران بشروط الوكالة الدولة للطاقة الذرية يعني أن أي شك في برامج إيران النووية يسمح للمفتشين الدوليين بالتوجه إلى طهران في غضون 24 ساعة، ومن الممكن أن يبدأ التفتيش خلال ساعتين فقط إذا كان الأمر على درجة عالية من الخطورة.
وعلى الرغم من تلك الموافقة الإيرانية التي لم تقدمها دول أخرى يدور الحديث بكثرة حول برامجها النووية، إلا أن الخبير السويسري يصر على وضع علامات الشك والريبة وراء كل فقرة تقدم الخطوات الإيجابية التي أقدمت عليها إيران، فهو يشير عقب الإشادة بالسماح للمفتشين بدخول المواقع في أي وقت، بأن الحكومة الإيرانية منقسمة فيما بينها حول استخدام وتطبيقات برنامجها النووي.
وماذا عن الآخرين ؟
ثم يعود الخبير السويسري فيتس ليذكر القارئ بأن ايران تمتلك صواريخ بعيدة المدى وتجري اختبارات على أنواع جديدة تصل إلى أبعد من 1000 كم، كما لا يستبعد أن يكون هناك تنسيق بين برنامج تطوير الصواريخ و”المشاريع النووية العسكرية” حسب وصفه.
وتأتي هذه التلميحات بهذا الشكل المثير للريبة في الوقت الذي أكد فيه محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا في آخر تقرير له أنه “لا يوجد دليل حتى الان على برنامج سري للأسلحة النووية، ولكن من غير الممكن حتى الآن الحكم بشأن ما إذا كانت أهداف طهران سلمية بالكامل كما تصر ايران”.
ولكن كرستوف فيتس يُذكِّر بأن طهران لم تف مرات كثيرة بتعهداتها طبقا لاتفاقية حظر الأسلحة النووية، دون أن يحدد هذه الخروقات، أو يقارن بينها وبين ممارسات دول أخرى مثل الصين والهند وباكستان وروسيا وإسرائيل.
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.