البنتاغون يتعهد بمعاملة أسراه طبقا لاتفاقيات جنيف
تعهدت وزارة الدفاع الأميركية بمعاملة كل المعتقلين لديها وفق مواثيق اتفاقيات جنيف الخاصة بالمعاملة الإنسانية للأسرى، بمن فيهم معتقلو غوانتانامو.
جاء ذلك في ختام جلسة عقدتها اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ الأمريكي حول المسألة، أعلن خلالها المستشار القانوني بالبنتاغون أن عدد المعتقلين لدى القوات الأميركية يبلغ نحو ألف بمختلف أنحاء العالم.
جاء تعهد البنتاغون بعد القرار الذي أصدرته المحكمة الأميركية العليا بعدم الاعتراف بشرعية المحاكم العسكرية الاستثنائية لمعتقلي غوانتانامو.
على الرغم من اعتبار أوساط من الإدارة الأمريكية أن القرار الوارد في مذكرة وزارة الدفاع بخصوص معاملة معتقلي جوانتانامو وفقا لبنود معاهدات جنيف، “لا يشكل تحولا كبيرا عن السياسة المتبعة حتى الآن”، فإن القرار أثار ردود فعل متعددة تسير كلها في اتجاه اعتبار ان ما تم هو خطوة أولى وانه يجب انتظار ما سيتم على ارض الواقع وما إذا كان سيشمل كل الأسرى وكل أماكن الاعتقال الخاضعة لإشراف السلطات الأمريكية.
نقيض الأقوال السابقة
مذكرة وزارة الدفاع الأمريكية الحاملة لتوقيع نائب وزير الدفاع جوردان اينغلاند والصادرة يوم 7 يوليو 2006، تشير الى ضرورة معاملة كل الأسرى الموجودين بين أيدي القوات الأمريكية في العالم بما في ذلك الموجودين في معتقل غوانتانامو، وفقا لمعاهدات جنيف.
وتطالب هذه المذكرة بضرورة احترام ما تنص عليه المادة الثالثة من معاهدة جنيف المعنية بحماية أسرى الحرب وهي المادة التي تنص على ضرورة “معاملة الأسرى بإنسانية” وعلى أن يتم توفير “كل الضمانات القانونية في حال محاكمتهم”.
وكانت الإدارة الأمريكية قد أصرت حتى الآن على القول بأن الأسرى المعتقلين في إطار حملات محاربة الإرهاب والذين أطلق عليهم منذ خريف عام 2001 تعبير “المقاتلين غير الشرعيين”، لا ينطبق عليهم إطار أسرى الحرب الذي تنص عليه معاهدات جنيف.
فقد تم اعتقال أكثر من 500 أسير غالبيتهم بدون أية محاكمة وبدون إشعارهم بالتهم الموجهة لهم باستثناء عشرة بالمائة فقط منهم اتهموا بارتكاب جرائم.
قرار المحكمة العليا
الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الدفاع الأمريكية اليوم والتي أثارت منذ يوم الثلاثاء 11 يوليو نقاشا برلمانيا داخل الكونغرس حول كيفية معاملة الأسرى، اتخذت بعد إصدار المحكمة العليا الأمريكية حكما قاطعا يوم 29 يونيو 2006 يقضي باعتبار المحاكم العسكرية التي كان الرئيس الأمريكي يرغب في تقديم هؤلاء الأسرى أمامها “غير شرعية لا وفقا للقانون الأمريكي ولا وفقا للقوانين الدولية”.
ويجبر البند الثالث من معاهدات جنيف، الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها موقعة على هذه المعاهدة، على عدم إصدار أحكام ضد أسرى الحرب من قبل محاكم غير شرعية أو غير نظامية.
لكن تصريحات أمريكية أشارت الى أن الرئيس بوش ما زال مصرا على ضرورة تقديمهم أمام محاكم عسكرية، وأن ما يجب مراعاته الآن هو مجرد “البحث عن الإطار الشرعي”.
وهذا ما تمت مناقشته أمام الكونغرس حيث طالب أعضاء من وزارتي الدفاع والعدل في مداخلة لهم أمام لجنة العدالة بالكونغرس بـ “البحث عن إضفاء الشرعية على المحاكم العسكرية التي كان يطالب بها الرئيس الأمريكي”.
وقد دعا النائب البرلماني الجمهوري ليندسلي غراهام إلى “عرضهم على المحاكم العسكرية الأمريكية القائمة”، وهو الأمر الذي عارضته الإدارة الأمريكية حتى الآن بتعلة “أن ذلك سيؤدي إلى تسريب أسرار متعلقة بمحاربة الإرهاب”.
ترحيب وترقب
في اول رد فعل للجنة الدولية للصليب الأحمر على القرار الأمريكي، قالت أنتونيلا نوتاري، الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر لسويس إنفو إنه يمكن اعتبار ما تم التصريح به “خطوة هامة نحو جعل مراكز الاعتقال الأمريكية خاضعة للقانون الإنساني الدولي”.
وأضافت السيدة نوتاري أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر “تأخذ بعين الاعتبار القرار الأمريكي وبالأخص تطبيق المادة الثالثة من معاهدة جنيف على كل مراكز الاعتقال الأمريكية في العالم”.
كما اعتبرت السيدة نوتاري أن “المادة الثالثة من معاهدة جنيف تعتبر اقل ما يمكن القيام به من حماية في كل الصراعات الدولية وغير الدولية”، مضيفة بأن “علينا انتظار ما سيطبق على أرض الواقع وماإذا كان هذا القرار ينطبق على المعتقلات الواقعة خارج نطاق وزارة الدفاع” الأمريكية وذكرت بالمناسبة بأن “اللجنة الدولية طالبت السلطات الأمريكية بضرورة الوصول الى المعتقلات السرية ولكنها لم تتوصل بأي رد لحد الآن”.
نفس الترحيب عبرت عنه منظمة العفو الدولية التي طالبت بأن “يشمل القرار ايضا المعتقلين المحتجزين في سجون وكالة المخابرات المركزية الأمريكية”.
نداء إلى الأوروبيين
من جهته، وجه مانفريد نوفاك، المقرر الخاص الأممي المكلف بمناهضة التعذيب بالمناسبة نداء للأوروبيين من أجل استقبال الأسرى الذين قد يفرج عنهم من معتقل غوانتانامو ولا يرغبون في العودة الى بلدانهم الأصلية مخافة التعرض للتعذيب وسوء المعاملة.
وأشار المقرر الخاص إلى أن “حوالي 10% من المعتقلين في غوانتانامو بالإمكان تقديم دلائل لفتح قضايا جنائية ضدهم أمام محكمة أمريكية عادية وليس أمام محاكم عسكرية”.
وبالنسبة للبقية، يقول المقرر الخاص إنه “يجب أن تشكل لجان تحقيق مستقلة للنظر فيما إذا كانوا يرغبون في العودة الى بلدانهم، وإلا يجب البحث عن حلول بديلة وإما ترحيلهم إلى بلدان أوروبية أو غير أوروبية”.
ويذكر المقرر الخاص الأممي المكلف بمناهضة التعذيب بأن “مجرد عدم تحديد مدة الاعتقال يعتبر انتهاكا خطيرا للقانون الدولي”، إضافة الى “طريقة الاستنطاق اللاإنسانية التي كانت تمارس ضد الأسرى”، حسب قوله.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.