مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

البنك الوطني يشدد سياسته النقديـة

يترقب البنك الوطني السويسري نمو إجمالي الناتج الداخلي بحوالي 3%، مقابل 2,5% التي توقعها في يونيو الماضي. Keystone

شدد البنك الوطني السويسري مُجددا سياسته النقدية بإقدامه يوم الخميس 14 سبتمبر، للمرة الرابعة في ظرف تسعة أشهر، على رفع معدل الفائدة المرجعي لديه بربع نقطة.

ولم يـُفاجئ خبراء الاقتصاد بهذا القرار، خاصة وأن الفرنك السويسري تراجع إلى أدنى مستوى له منذ ست سنوات مقارنة مع اليورو.

هذه هي المرة السادسة على التوالي والمرة الرابعة في ظرف تسعة أشهر التي يـُقدم فيها البنك الوطني السويسري على رفع سعر الفائدة المرجعي لديه، والذي أصبح الآن في المستوى الذي كان عليه قبل أربعة أعوام ونصف.

وجاء تحرّك البنك – الذي أوضح أنه يريد الإبقاء على آفاق إيجابية في مجال التضخم- كرد على تسارع النمو الاقتصادي وضعف الفرنك السويسري مقابل اليورو.

وقد كان القرار الذي أعلنه البنك الوطني السويسري يوم الخميس 14 سبتمبر مُـرتقبا، إذ كان المحللون الاقتصاديون يتوقعون أن تقوم مؤسسة الإصدار النقدي برد الفعل أولا لمواجهة انخفاض قيمة الفرنك السويسري مقارنة مع اليورو، إذ تراجعت العملة السويسرية إلى أدنى مستوى لها منذ ست سنوات مُقابل العملة الأوروبية الموحدة.

ويقول برنار لومبير، الخبير الاقتصادي لدى المصرف الخاص “بيكتيت وشركاؤه”: “إن هذا العنصر يشكل على المدى القصير العامل الرئيسي لاتخاذ القرار.

ولئن كان سعر الفرنك السويسري مشجعا للصادرات، فإنه قد يؤدي – في حال سجل المزيد من التراجع، إلى حصول فك ارتباط تقني بين العملة السويسرية ومنطقة اليورو. فالفرنك الضعيف يشجع بالتأكيد صناعة التصدير السويسرية (مثل الآلات والصناعة الصيدلية والساعات)، لكن هذه الظاهرة تؤدي في المقابل إلى الترفيع في سعر الواردات.

“افتقار للوضوح”

من جهته، قال جانويليم أكيت، رئيس الخبراء الاقتصاديين لدى المصرف الخاص “جوليوس بير”: “لقد كنا ننتظر رسالة حول الفرنك، لكن بعدم تأكيده بوضوح في بيانه أنه يرغب في عملة قوية، يعطي البنك الوطني السويسري إشارة سيئة للسوق”.

وكدليل على ذلك، نوه الخبير أكيت إلى أن الفرنك تراجع مقابل اليورو فور انتشار خبر التوجه الجديد للسياسة النقدية للبنك الوطني. فبعد الساعة الثالثة ظهرا بقليل، ناهز سعر اليورو 1,591 فرنكا، مقابل 1,583 قبل ساعة ونصف من ذلك الموعد.

ويعتقد أكيت أن استمرار ضعف الفرنك قد يضطر البنك الوطني السويسري إلى رفع معدلاته بربع نقطة في ديسمبر القادم لإنعاش عملته. ونوه في هذا السياق إلى أن البنك المركزي الأوروبي يعتزم الاستمرار في ممارسة سياسة تقييدية، وأن الاحتياطي الفدرالي الأمريكي نفسه قد يـُواصل أيضا الرفع في أسعار الفائدة.

وفي المصرف الخاص “غوني وشركاؤه”، يتوقع الخبير رولان دوس أيضا مواصلة تطبيع نسب الفوائد في البنك الوطني السويسري على مراحل تشمل 25 نقطة أساسية في كل مرة. لكن هذا الخبير الاقتصادي قال إنه بدأ يشك في أن البنك الوطني سيشدد سياسيته النقدية مجددا في مارس القادم، لأنه يعتقد بأن توجه الاقتصاد العالمي يميل إلى التراجع.

النمو متواصل، ولكن…

وقد أعلن البنك الوطني السويسري أيضا تقديراته الربع سنوية للوضع الاقتصادي والنقدي في الكنفدرالية، وآخر توقعاته المتعلقة بالظرف الاقتصادي.

ويترقب البنك نمو إجمالي الناتج الداخلي بحوالي 3%، مقابل 2,5% التي توقعها في يونيو الماضي.

أما الحركية الاقتصادية فستضعف بشكل بطيء لكن أكيد، مع ارتفاع إجمالي الناتج الداخلي في عام 2007 بنسبة تقل عن معدل عام 2006. ومع أنه يـُنتظر أن يرتفع حجم الصادرات، رغم تراجع مُرتقب في وتيرتها، إلا أن ذلك لا يـُلغي أن الاقتصاد السويسري يشهد وتيرة توسع أعلى من مُتوسط إمكانياته على المدى البـعيد.

وعلى مستوى الاستثمارات، يتوقع البنك الوطني السويسري أن يتواصل النمو في مواد التجهيز بفضل استخدام مرتفع للإمكانيات المتوفرة. ويـَفترض في المقابل أن يتراجع الإنفاق في مجال البناء.

استهلاك “قوي”

ينعكس تسارع الاقتصاد السويسري المتواصل منذ بضعة أشهر بشكل تام على سوق الشغل. وهو عامل يشجع استهلاكا “قويا”، حسب البنك الوطني.

على مستوى الأسعار، يتوقع البنك أن يبلغ معدل نسبة التضخم لهذا العام 1,3%. ويقول إنه يضمن – من خلال تقييد سياسته النقدية – الاستقرار في هذا المجال.

يشار في الأخير إلى أن البنك الوطني السويسري رفع هامش المراوحة لمؤشر “ليبور” (وهو سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن) لثلاثة أشهر إلى 1,25-2,25% سعيا بذلك إلى الوصول إلى قيمة متوسطة للمؤشر في حدود 1,75%.

سويس انفو مع الوكالات

أعاد البنك الوطني السويسري النظر إيجابا في توقعاته بشأن النمو الاقتصادي لعام 2006، إذ يترقب ارتفاع إجمالي الناتج الداخلي بـنسبة 3% بدل 2,5% التي توقعها مُسبقا.
يفترض أن تبلغ نسبة التضخم هذا العام 1,3%، وكانت التوقعات الاخيرة تشير إلى ارتفاع الأسعار بـ1,2%.
في عام 2007، يتوقع أن يبطء النمو الاقتصادي، وأن يظل مع ذلك مرتفعا على المستوى السويسري.

مؤشر “ليبور” (LIBOR:London Inter Bank Offer Rate)، هو سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن، وهو متوسط السعر بين المصارف الخاص بجمعية المصرفيين البريطانيين وأهم المصارف النشيطة على المستوى الدولي.

يعتبر مؤشر “ليبور” أداة أساسية بالنسبة للبنك الوطني السويسري وكبريات المصارف المركزية في العالم.

يُـنشر سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن كل يوم على الساعة الحادية عشرة صباحا (بتوقيت لندن) من قبل جمعية المصرفيين البريطانيين.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية