التخويف لم يعد كافيا!
تسجلُ سوقُ المُخدرات العنيفة والمُصنعة كيميائيا "ازدهارا" مُخيفا في سويسرا حيثُ يُقدرُ الطلبُ على مادتي الهيروين والكوكايين فقط بـ22 طنا سنويا! أما تعاطي الأحداث للمُخدرات الكيماوية فحكاية مُرعبة أخرى...
لعلَّ مادتي الكُوكايين والهروين هما من المُخدرات القوية الأكثر شهرة في العالم، لكنَّ سوقَ المُخدرات لم تعُد تكتفي بتوفير هاذين المُخدرين فحسب. ففي سويسرا مثلا، باتت هذه السوق “تزخرُ” أيضا بمُخدرات كيماوية على شكل أقراص تلقى حاليا إقبالا كبيرا في أوساط الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 سنة.
وتحُل هذه الأقراص من نوع Amphétamines وEcstasy محلَّ الهيروين عند هذه الفئة من المُراهقين التي ترغب في اكتشاف تلك “النشوة” التي يُحدثها تناول المخدرات القوية. نشوةٌ تتحول في كثير من الأحيان إلى سُبات لا صحوة بعده.
ويثيرُ تعاطي الأحداث المُتزايد للمخدرات المُصنعة قلقا بالغا لدى السلطات والمؤسسات النشيطة في مجال الوقاية من المخدرات، خاصة وأن الشرطة الفدرالية لم تكتسب بعد التجربة الكافية للتحقيق في نشاطات الشبكات المُروجة لهذا النوع الجديد من المخدرات. لكن وضع سوق المخدرات حاليا سيُحتم على المكتب الفدرالي للشرطة أن يتعقب ما جد من مُخدرات وشبكات ترويج.
“الوقاية أفضل من الردع”
ويقول السيد كريستيان بوشان من المكتب الفدرالي للشرطة:” إن استهلاك المُخدرات الكيماوية خطير للغاية خاصة وأن الإقبال عليها متزايد في أوساط الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 سنة. وهذا هو التحدي الذي نواجهه حاليا.” ويعتقد السيد بوشان أن أساليب الردع لا تنفع في هذه الحالة، بل يتعين أولا نهج سياسة وقائية لمُحاربة هذه الظاهرة الجديدة.
ويؤيدُ هذا الموقفَ المعهدُ السويسري للوقاية من الإدمان على الكحول والمُخدرات. ويقول مدير المعهد ريشارد مولر إن ميول الشبان لاستهلاك المُخدرات الكيماوية مُخيف خاصة وأنها قوية أيضا وتؤدي إلى الإدمان. ويوضحُ السيد مولر أن المعهد لا يتوفر على أرقام مضبوطة للمدمنين على هذه المواد، لكنهُ يتوصلُ بصفة مُتزايدة بطلبات استفسار أو شهادات عن استهلاك المخدرات المُصنعة.
ويثيرُ السيد مولر الانتباه لنقطة مُهمة حيث يشير إلى أن الشبان الذين يتصلون بالمعهد يبدون ميالين أكثر فأكثر للمغامرة حيث لا يترددون في خلط المواد الأكثر خطورة أثناء سهراتهم. وبالفعل، ليس نادرا أن يتناول الشبان في حفلة واحدة الهروين وأقراص “الأمفيتامين” والكُحول بحثا عن أحاسيس “تسمو” بهم إلى عالم آخر.
ويعترفُ الخبراء أنه لم يعد يكفي بتاتا ترديد عبارة “إن المخدرات خطيرة” كي يتوقف الأحداث عن تناولها، لذا يعتقد المشرفون على المعهد السويسري للوقاية من الإدمان على الكحول والمخدرات أن أفضل وقاية تبدأ بتوعية الأباء وبتواجد أكبر للشرطة في الأسواق الجديدة لترويج المخدرات القوية.
تهريب الهروين بين البلقان وأفغانستان
وقد تمكنت شرطة برن مؤخرا، بالتعاون مع سلطات 12 بلدا و13 كانتونا سويسريا، من تفكيك شبكة من المُهربين والمروجين للمُخدرات يتزعمها أشخاص من إقليم كوسوفو. وأعلنت شرطة برن يوم الأربعاء 24 يوليو، أنها احتجزت 22,1 كيلوغراما من الهروين واعتقلت 28 شخصا أثناء هذه العملية التي تُعد الأكبر من نوعها في تاريخ الكانتون. لكن الكمية التي احتجزتها الشرطة لا تُمثل سوى نسبة ضئيلة جدا مما هو متوفر في سوق المخدرات القوية أوالمُصنعة في سويسرا.
وتثبتُ الأرقام الواردة في تقرير المكتب الفدرالي للشرطة لعام 2001 مدى انتشار تعاطي هذه المواد القاتلة في سويسرا، حيث يقدر الطلب على الهروين والكوكايين بـ11 طنا من كل مادة، وهو ما يعادل رقم مبيعات يناهز مليار فرنك. أما سوق المخدرات المُصنعة فتزن مليار فرنك آخر!
ويكشف نفس التقرير أن سوقَ الهروين معروفة نسبيا في سويسرا حيث تقدر الشرطة عدد المدمنين عليها بحوالي 30000 شخص. ويقولُ مكتب الشرطة الفدرالي إن سوق الهروين في سويسرا تُسيَّر من قبل فروع شبكات مافيا من دول البلقان وأن 80% من هذه المادة التي تُهرب من أفغانستان. لكن سوق الهيروين تشهد حاليا قدوم مُهربين جدد من إفريقيا الغربية خاصة من غامبيا وسيراليون.
أما المخدرات المُصنعة، وخاصة أقراص “الأمفيتامين”، التي يقبل الشباب على استهلاكها، فتصل إلى سويسرا من الأسواق الآسيوية والأوربية أو تتم صناعتها في سويسرا. وقد لا يُعرفُ مصدر هذه الأقراص في كثير من الأحيان لأنه يمكن صناعتها في أي مكان مثل كافة المُنتجات الاستهلاكية المُصنعة. ويكفي الحصول على وصفة صنعها! وهنا مكمن الخطر.
اصلاح بخات – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.