التصعيد الجديد مع إسرائيل يعيد توحيد الهوية الفلسطينية
من حيفا إلى رام الله مرورا بغزة، خرج الفلسطينيون في الأسابيع الأخيرة في تظاهرات تخللتها مواجهات عنيفة أحيانا مع الإسرائيليين من مدنيين وعسكريين، ويرى محللون أن الأحداث الأخيرة أعادت توحيد الهوية الفلسطينية المشتتة منذ سنوات.
في 18 من أيار/مايو الماضي، عم الإضراب الشامل مدن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية المحتلة، والوسط العربي داخل إسرائيل استجابة لدعوات شعبية ورسمية تضامنا مع قطاع غزة ورفضا للاحتلال الاسرائيلي.
وأغلقت كل المحال التجارية والقطاعات الخاصة أبوابها باستثناء المراكز الطبية، فيما تعطل الدوام في القطاع التعليمي بمختلف مستوياته.
ورفعت الأعلام الفلسطينية خلال الاضراب.
يقول المدير التنفيذي للهيئة الفلسطينية للدبلوماسية العامة سالم براهمة لوكالة فرانس برس إن “رؤية كل المجتمعات الفلسطينية تنهض سويا أمر نادر للغاية” موضحا أن الهوية الفلسطينية كانت “مشتتة” لسنوات.
ويخضع الفلسطينيون في الضفة الغربية للاحتلال الإسرائيلي بينما قطاع غزة محاصر منذ حوالى 15 عاما، واحتلت إسرائيل القدس الشرقية وضمتها إليها من دون ان تعرف الأسرة الدولية بذلك.
ويؤكد براهمة أن هذا الوضع “يضمن عدم وجود مشاركة كاملة فلسطينية جغرافيا واجتماعيا وسياسيا”.
وبالإضافة إلى ذلك، وبعد 15 عاما من دون إجراء أي انتخابات فلسطينية، برزت حالة من عدم التسييس خصوصا في الضفة الغربية المحتلة.
ويشرح براهمة أنه “تم إدخال سياسة ليبرالية شديدة العدوانية وقامت بخلق طبقة وسطى فلسطينية وخلقت حياة طبيعية- بعد سنوات من الانتفاضة”.
– “الموت للعرب” –
لكن، تصاعدت الأحداث في الأسابيع الماضية.
واندلعت مواجهات عنيفة في المسجد الاقصى في القدس الشرقية المحتلة بين الشرطة الاسرائيلية وشباب فلسطينيين.
وشهدت الفترة الأخيرة مواجهات عنيفة في القدس الشرقية المحتلة وباحات المسجد الأقصى والضفة الغربية اندلعت على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود.
وفي العاشر من أيار/مايو الماضي، أطلقت حماس صواريخ في اتجاه القدس تضامنا مع الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة.
وامتد التوتر ليصل إلى المدن المختلطة في إسرائيل. وتم استهداف معابد يهودية ومساجد ومقابر ومطاعم.
وترى الباحثة والناشطة الفلسطينية مريم البرغوثي أنه كان هناك نقطة تحول مع اندلاع أعمال العنف في هذه المدن التي تم تقديمها لسنوات كنموذج للتعايش.
في 11 من ايار/مايو الماضي، قتل موسى حسونة (32 عاما) في مدينة اللد المختلطة وسط إسرائيل خلال مواجهات بين عرب ومجموعات من اليهود المتطرفين.
وتعتبر البرغوثي أن “كل فلسطيني لديه تجربة مختلفة مع دولة إسرائيل، وهذا يخلق نوعا من العزلة عن المجتمعات الأخرى”.
وتتابع “لكن رأينا أن (العنف) ليس مقتصرا على الضفة الغربية وقطاع غزة” موضحة أنه “موجود أيضا في تل ابيب واللد ويافا مع الذين يصرخون +الموت للعرب+ ويهاجمون الفلسطينيين بالسلاح”.
– البداية –
والشهر الماضي،وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة “بيتسيلم” الإسرائيلية، سياسة إسرائيل حيال العرب على أراضيها والفلسطينيين في الأراضي المحتلة بأنها”فصل عنصري”.
ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال أن “أعمال العنف التي حدثت والوحشية الإسرائيلية ذكرت الجميع بهويته الفلسطينية”.
لكنه أشار إلى أن “هناك اختلافا كبيرا بين الشعور وبين المشروع السياسي”، موضحا أن الفلسطينيين لا يتفقون في كيفية التعامل مع إسرائيل.
فمن جهة، “الفلسطينيون في إسرائيل واقعيون. فهم عاشوا لعقود مع اليهود ويفهمون النفسية الإسرائيلية ويتحدثون العبرية بطلاقة. وهم يرغبون في أن يكونوا جزءا من النظام السياسي”.
وفي المقابل، ثمة أطراف فلسطينية مثل حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة لا تعترف بإسرائيل، واطلقت مؤخرا أكثر من 4300 صاروخ على الأراضي الاسرائيلية.
ويرى براهمة أنه عند النظر إلى الأحداث فإن “الناس يعبرون معا بطريقة موحدة باللغة والرواية نفسها ويحتجون ضد النظام نفسه معبرين عن الهوية نفسها”.
ويوضح “هل هذه الوحدة كاملة؟ لا. هل تم تشكيلها؟ ليس بعد. ولكنها بداية لأمر ما”.