“التضامن” تقليد يجب الحفاظ عليه
وافق البرلمان السويسري بغرفتيه على تخصيص حصيلة بيع ثلث الذهب الاحتياطي في البلاد لصالح "مؤسسة التضامن" إلى جانب دعم الكانتونات السويسرية وصندوق معاشات التقاعد، بعد معارضة التيار اليميني لفكرة المؤسسة على الرغم من تحديد أهدافها بدقة والقائمين عليها بشكل "صارم".
أخيرا حسم الخلاف وسيتم تخصيص ثلث احتياطي الذهب المقدر حاليا بألف وثلاثمائة طن إلى صندوق معاشات التقاعد ودعم الكانتونات السويسرية و”مؤسسة التضامن”، لكنّ المناقشات الإضافيّة كانت ضروريّة في البرلمان بصفة خاصة لحلّ اختلاف وجهات النظر حول الاستعمال الطّويل الأجل لاحتياطيّ الذّهب على الرغم من أن الكلمة الأخيرة تبقى دائما للنّاخبين السّويسريّين.
نقاش تواصل ليومين في مجلس النّوّاب حول الخطة المضادة لحزب الشعب السويسري اليمينيّ والذي اقترح بقوة إنفاق حصيلة بيع احتياطي الذهب بالكامل لصالح لنظام معاشات التقاعد، بعد أن قاربت خزانتها على الإفلاس، و يهدد القائمون عليه بمستقبل متشائم له.
وترى فكرة حزب الشعب اليميني أنّ أصول المصرف القوميّ ملك الشّعب السّويسريّ وحده ولذا يجب أن يدعّم برنامج الكفالة الاجتماعيّة والمعاشات والتأمينات، معتبرين أنّ فكرة مؤسسة التّضامن كان نتيجة ما وصفه بـ”الابتزاز” حيث تزامنت مع الانتقادات الحادة المتعلقة بدور سويسرا أثناء الحرب العالمية الثانية.
و إذا كانت حصيلة بيع الف وثلاثمائة طن من الذهب سيتوجه إلى دعم الكانتونات وإلى صندوق المعاشات فإن مؤسسة التّضامن، محل انتقاد الاحزاب اليمينية، تهدف إلى تقديم الدعم المالي لمشاريع مكافحة الفقر والمرض والمخاطر التي تواجه بصفة أساسيّة الأجيال الجديدة في مختلف مناطق العالم، بما في ذلك سويسرا.
ثلاثة أحزاب أيدت فكرة مؤسسة التضامن على أعتبار أن فعل الخير والجانب الانساني تقليد سويسري رسمي و شعبي، فوزير الماليّة كاسبار فيليغر دافع عن فكرة مؤسسة التضامن ورمى معارضيها بالأنانية وقصر النظرّ، وربط بين التّضامن مع مشاكل العالم والهويّة السويسريّة .
بين مد وجذب
النقاش حول فائض احتياطي الذهب بدأ عام سبعة وتسعين وتزامن ذلك مع فتح ملفات الدور السويسري أثناء الحرب العالميّة الثّانية، وربما لهذا السبب مر بمنعطفات كثيرة ابرز معالمه كانت مؤسسة التضامن:
ففي 5/3/1997 وبعد الانتقادات العنيفة الموجهة إلى سويسرا تعليقا على دورها في الحرب العالمية الثانية طرح الرئيس السويسري آنذاك ارنولد كوللر فكرة مؤسسة للتضامن مع ضحايا العنف والفقر والمحرقة النازية، إلا أن الأحزاب اليمينية اعترضت على الاقتراح اعتبرته “نتيجة ضغوط و ابتزاز”.
و مع حلول الخريف وفي نهاية أكتوبر تشرين من نفس العام أُعيد طرح الفكرة مرة أخرى ولكن دون الإشارة إلى ضحايا المحرقة النازية، وهو ما أثار حفيظة المؤسسات اليهودية على مستوى العالم.
في 12/7/1998 توصل مصرفا “يو بي اس” UBS و”كريدي سويس” Credit swiss إلى اتفاق مع المنظمات اليهودية وورثة أصحاب الودائع المهجورة إلى اتفقا يسددان من خلاله 1.25 مليار فرنك كتعويض عن الحقبة النازية وما صحبها، فكان ضم ضحايا المحرقة إلى أهداف مؤسسة التضامن أمرا مستبعدا.
ومع تزايد التقارير التي تنبئ بمستقبل سيئ لصندوق المعاشات والتأمينات الاجتماعية بدأ الحزب اليمني السويسري “مبادر الذهب” بهدف التعطيل على فكرة “مؤسسة التضامن” و تحويل حصيلة بيع احتياطي الذهب إلى تلك الجهة، وقابلها اقتراح بمبادرة
تقسيم حصيلة بيع الذهب الاحتياطي بين الهيئة الدولية للصليب الأحمر ودعم دراسة المعلوماتية وعلوم الحاسب الآلي إضافة إلى دعم صندوق المعاشات، ورفضهما مجلس الشيوخ.
مع اقتراب طرح فائض احتياطي الذهب في الاسواق حددت الحكومة في 11/5/2001 الخطوط العريضة لاستخدام النقود، وكانت بين احتياجات الكانتونات و الكونفدرالية و صندوق التأمينات و أيضا مؤسسة التضامن و لكن لمكافحة الفقر والمرض والتخلف في الداخل والخارج، و هي الفكرة التي حازت على موافقة الغالبية لانها تدعم تقليدا سويسرا إشتهرت به.
الخامس والعشرون من سبتمبر أيلول سيكون لكثير من الهيئات والمنظمات الخيرية والإنسانية في سويسرا والعالم مناسبة سارة، فالحفاظ على تقليد المساعدات الإنسانية وتقديم الخير للآخرين أصبح نادرا مع تقلص الميزانيات المخصصة لعلاج الكوارث الإنسانية عالميا ومع اندفاع الكثير من الدول في تيار العولمة بما لها وما عليها، و اقتراب حرب لا يعرف أحد متى وكيف ستنتهي.
سويس أنفو مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.