التوجهات المستقبلية للسياسة الخارجية السويسرية
ركزت وزيرة الخارجية السويسرية في خطابها أمام المؤتمر السنوي للسفراء السويسريين في الخارج على التوجهات المستقبلية للسياسة الخارجية، ونقاط القوة والضعف في الدبلوماسية السويسرية.
السيدة كالمي-راي شددت أيضاً على ضرورة الانفتاح أكثر على العالم غير الأوروبي، موضحة أن الحياد لا يعني الصمت أو تجاهل ما يحدث من انتهاكات.
حددت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – راي في خطابها أمام المؤتمر السنوي لممثلي الدبلوماسية السويسرية، من سفراء وقناصلة وممثلين عن الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، والذي تواصلت فعالياته في الفترة بين 22 – 25 أغسطس، حددت التوجهات الجديدة للدبلوماسية السويسرية في المستقبل.
وركزت السيدة كالمي – راي على القضايا الأوروبية في المرحلة الأولى من توليها هذا المنصب، لكنها أعربت عن رغبتها، وبعد الحصول على موافقة المجلس الفدرالية في توجيه السياسة الخارجية السويسرية إلى “الاهتمام أكثر ببقية العالم، وبالشركاء المهمين أو الدول التي تشاطر سويسرا نفس القيم”.
حلول مشتركة لمشاكل مشتركة
صنفت الوزيرة السويسرية القوى المؤثرة في تحديد السياسة الخارجية السويسرية اليوم، بنوعين من القوى: “أنصار العولمة والتعاون الدولي”، في مقابل “دعاة العزلة والاحتفاظ بعالم خاص بهم ومغلق”، وبينهما، تكمل السيدة الأولى في الدبلوماسية السويسرية “لا يمكن تحديد التوازن فيهما بسهولة بين التضامن والحماية”.
ولكنها ترى “أنه في عالم معولم اليوم، يمكن فيه لصراعات تبدو بعيدة أن يكون لها تأثير مباشر على سويسرا، يتطلب الأمر البحث مع الآخرين عن حلول جماعية “. وأضافت الوزيرة “من أجل أن تؤخذ مصالحنا بعين الاعتبار، يتطلب الأمر إسماع صوتنا، وإبداء تعاوننا من أجل التوصل إلى حلول بناءة” .
ولذلك اعتبرت وزيرة الخارجية أن الركيزة الأولى للدبلوماسية السويسرية تتمثل في العمل المشترك وفي العلاقات المتعددة الأطراف. وفي هذا السياق عبرت السيدة كالمي – راي عن “اهتمام سويسرا برؤية الأمم المتحدة تعمل بشكل فعال وصحيح بوصفها المنظمة الدولية المتعددة الأطراف الوحيدة في العالم”، وطالبت بمزيد من الشفافية وحسن التمثيل والالتزام بالمنهج الديمقراطي”، و” بمراجعة موضوع استعمال حق الفيتو أو النقض في مجلس الأمن الدولي أو الحد منه”.
ثم استعانت بالتعبير الشهير القائل “إن منظمة الأمم المتحدة رغم كل الانتقادات الموجهة لها، وإلى العمل المتعدد الأطراف، يظلان أفضل بكثير من أية قرارات أحادية تتخذها قوة مهيمنة لتحديد ما هو صالح أو غير صالح للعالم، حتى ولو كانت نواياها حسنة”.
الحياد لا يعني التزام الصمت
وفي ردها على من انتقدها في بداية توليها لمنصبها، عندما سارعت إلى اتخاذ مواقف في قضايا ساخنة سياسيا وإنسانيا وفي مقدمتها الحرب في العراق، لفتت إلى “أن العمليات العسكرية التي عرفها العراق في عام 2003، أثبتت التفوق العسكري الأمريكي، ولكنها أوضحت في نفس الوقت حدود ما يمكن لقوة عظمى الوصول إليه”.
وتعتبر الوزيرة أن حرب العراق فرضت “فهما جديدا لمفهوم الحياد، يتمثل في تعويض عدم المشاركة أو السلبية أو التخلي عن اتخاذ المواقف، بالالتزام التزاما بناءا وبدون أهداف أو أجندة خفية”.
وترى الوزيرة أن من يطالب باسم الحياد عدم اتخاذ مواقف، ” إما أن فهمه للحياد خاطئ أو متقادم… لأن الحياد لم يكن في يوم من الأيام مرادفا للامبالاة، خصوصا عندما تُنتهك معاهدات جنيف ومواثيق حقوق الإنسان، ويُعرض أشخاص للتعذيب وسوء المعاملة أو القتل”.
وتطالب الوزيرة “بتوظيف مزايا الحياد بدل استعماله لعرقلة السياسة الخارجية”، موضحة أن سويسرا اختارت طواعية التخلي عن استخدام القوة العسكرية ضد الخارج، وليس لها ماض استعماري أو إمبراطوري. وانتهت إلى القول ” إن ذلك يكسبنا مصداقية أكثر كمدافعين عن القانون الدولي وحقوق الإنسان على المستوى الدولي”.
ضرورة الاهتمام ببقية العالم
أعادت الوزيرة توضيح أهمية الروابط التي تجمع سويسرا بالدول الأوربية بحكم الموقع الجغرافي والروابط الثقافية والحضارية والاقتصادية. وشرحت أنها إذا كانت قد ركزت على هذا التقارب في المرحلة الأولى من توليها المنصب، بسبب مفاوضات مرحلتي الاتفاقيات الثنائية، فإنها ترغب في المرحلة القادمة تركيز السياسة الخارجية السويسرية على بقية أنحاء العالم.
فالسيدة ميشلين كالمي- راي تعتبر “أن علينا الاهتمام بشكل أكبر بباقي أنحاء العالم، بدءا بشركائنا المهمين مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين، أو الدول التي تكن لنا علاقة صداقة، أو التي لها نفس الأهداف مثلنا”.
ولفتت الوزيرة السويسرية إلى أن تعزيز العلاقات مع باقي بلدان العالم ليس موجها بأي حال من الأحوال ضد الشركاء الأوربيين.
على صعيد أخر، تطرقت الوزيرة في خطابها أمام ممثلي الدبلوماسية السويسرية إلى قضايا الفساد، التي أثيرت في بعض الممثليات مؤخرا، وضرورة إقامة “نظام إنذار مبكر لرصد الانحرافات في القطاع القنصلي والدبلوماسي”.
هذا قد انتهى المؤتمر الدبلوماسي، الذي أختتم أعماله يوم 25 أغسطس، وشارك فيه أكثر من 150 مندوب وممثل، بتنظيم ورش عمل مع ستة وزراء، هم وزير الدفاع صامويل شميت، ووزير الداخلية باسكال كوشبان، ووزير النقل والمواصلات موريس لوينبيرغر، ووزير الاقتصاد جوزيف دايس، ووزير العدل والشرطة كريستوف بولخر، إلى جانب وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – راي .
محمد شريف – سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.