الجواز السويسري: لمن ستؤول الكلمة الأخيرة؟
رفض مجلس النواب السويسري مساء الإثنين 3 أكتوبر مبادرة برلمانية تطالب بمنح الاستقلالية للبلديات والكانتونات في مجال منح الجنسية.
وتهدف المبادرة التي طرحها نائب من حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد إلى كسر الحكم الصادر عن المحكمة الفدرالية عام 2003 والقاضي بمخالفة تصويت المواطنين على منح الجنسية لأحكام الدستور.
جاء رفض مجلس النواب السويسري يوم الإثنين 3 أكتوبر في العاصمة برن لمبادرة نائب حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد رودولف جودر بـ104 صوتا مقابل 73.
وتطالب مبادرته – التي تعكس بوفاء الخطوط العريضة للمبادرة التي أطلقها حزبه – أن تصبح البلديات والكانتونات مستقلة في مجال منح الجنسية، وأن تُسلب من المحاكم سلطة بحث خلفيات القرارات الصادرة بهذا الشأن.
وقد أيدت غالبية مجلس النواب فكرة بحث – في آن واحد- مبادرة جودر ومبادرة نائب الحزب الراديكالي (يمين) توماس بفيستيرر التي تدرسها حاليا اللجنة التحضيرية لمجلس الشيوخ.
وقرر مجلس النواب بناء على ذلك انتظار مشروع القانون الذي سيُصدره مجلس الشيوخ، والذي ينص على أن تتمكن الكانتونات من اتخاذ القرار بشأن الجهة المخولة لمنح الجنسية: الشعب عبر صناديق الاقتراع، أو المجلس التنفيذي للبلدية أو البرلمان البلدي.
وتطالب مبادرة بفيستيرر أيضا أن تكون القرارات الخاصة بالتجنيس مُبررة وأن تتاح إمكانية الطعن فيها أمام العدالة.
حالة إيمن الشهيرة
وتأتي المبادرتان في أعقاب حُكمين صدرا عن المحكمة الفدرالية في لوزان وقضيا بأن مسألة تصويت المواطنين على طلبات الجنسية مخالفة للدستور. وتخضع تلك الطلبات بالفعل في بعض البلديات السويسرية للتصويت الشعبي.
وتـُعد بلدية إيمن في كانتون لوسيرن أشهر مثال على تلك الممارسة في الكنفدرالية. فقد رفض سكانها في مناسبات عديدة منح الجنسية السويسرية لمرشحين ينحدرون من دول البلقان، في حين منحوا الجواز السويسري دون تردد لرعايا إيطاليين أو إسبان على سبيل المثال.
وقد أثار هذا الكيل بمكيالين إدانات عديدة، كما برر قرار المحكمة الفدرالية. غير أن حزب الشعب السويسري لم يحد عن موقفه، إذ يظل على قناعة بأنه من حق المواطنين أن يعبروا عن موقفهم بحرية في مجال التجنيس.
ويقوم الحزب حاليا بتجميع التوقيعات اللازمة – إلى غاية 18 نوفمبر القادم- لفائدة مبادرته الشعبية التي تحمل إسم “من أجل عمليات تجنيس ديمقراطية”. وتطالب المبادرة بأن تقرر البلديات الجهة التي تمنح الجواز السويسري وأن لا يتمكن طالبو الجنسية من استئناف القرار الصادر بشأن طلبهم.
وإذا ما نجح حزب الشعب السويسري في تجميع التوقيعات المائة ألف الضرورية في الأجل المحدد – وهو أمر غير مستبعد على الإطلاق – ستطرح المبادرة في استفتاء شعبي وتعود بالتالي الكلمة الأخيرة للناخب السويسري.
قرارات اعتباطية
ويذكر أن سكان كانتون برن رفضوا الشهر الماضي انفراد حكومتهم والبلديات بتقرير مصير طالبي الجنسية السويسرية. لكن النائب رودولف جودر لم ير في ذلك ضربة لمساعي حزب الشعب السويسري، إذ قال في تصريح لسويس انفو: “لا أعتقد أن نتيجة برن يمكن أن تُستخدم كمقياس وطني، لأن التوجهات التي ترتسم معالمها في مناطق أخرى من البلاد تظهر، على العكس، دعما شعبيا لأفكارنا حول الموضوع”.
من جانبه، يعارض الحزب الاشتراكي بشدة مقترح حزب الشعب السويسري. وصرحت النائبة فريني هوبمان لسويس انفو في هذا السياق: “سيكون أمرا كارثيا خضوع المرشحين لنيل الجنسية لإرادة صناديق الاقتراع والبرلمانات والمجالس”.
وتعتقد النائبة الاشتراكية أن تزويد مجلس بأكمله بالمعلومات الضرورية عن كل مرشح هو ببساطة مخالف للقانون حول حماية المعطيات. ويعد هذا الحجر العثرة كافيا لتبرير الحد من استقلالية البلديات في مجال التجنيس.
وتضيف النائبة هوبمان: “يمكن للبلديات أن تحدد معاييرها الخاصة للمرشحين، لكن إذا ما استجاب طالبو الجنسية لشروطها، فيجب أن يستفيدوا بشكل تلقائي من حق الحصول على الجواز السويسري.
“محاولة مشروعة”
أما هانز غيزير، أستاذ علم الاجتماع في جامعة زيورخ، فيرى أن مقترح حزب الشعب السويسري يعد محاولة مشروعة لإثارة النقاش العام حول قضية يغلب عليها الطابع الانفعال يبقدر كبير.
وقال البروفيسور غيزير في حديثه مع “سويس انفو”: “في سويسرا، لا يمكن إنزال السياسة إلى مرتبة مسألة قانونية بسيطة. فالكلمة الأخيرة تبقى للشعب”.
وتجدر الإشارة إلى أن غالبية الناخبين السويسريين رفضوا يوم 26 سبتمبر2004 مبادرتين حكوميتين لفائدة تسهيل إجراءات منح الجنسية للجيلين الثاني والثالث من الأجانب. وكانت تلك المرة الثانية في ظرف زهاء عشر سنوات التي رفض فيها الشعب السويسري تسهيل إجراءات منح الجنسية. ويناهز عدد الأجانب المقيمين حاليا في سويسرا 1,5 مليون شخص، أي ما يعادل حوالي 20% من إجمالي السكان.
وقبل نيل الجواز السويسري، يتعين أن ينعم المرشح بالإشارة الخضراء على ثلاث مستويات: البلدية والكانتون والكنفدرالية. وهو إجراء طويل ومُكلف ولا يكلل دائما بالنجاح. والنتيجة: تسجل سويسرا أحد أدنى معدلات التجنيس في أوروبا.
سويس انفو
في 1999، أطلق فرع حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) في بلدية زيورخ مبادرة محلية لخضوع طلبات الجنسية لتصويت شعبي
في 2001، اعتبرت سلطات بلدية زيورخ المبادرة مخالفة للدستور
في 2002، وردا على استئناف حزب الشعب للحكم، أكدت حكومة دويلة زيورخ أن المبادرة تتعارض مع مضمون الدستور
في 2003، قضت المحكمة الفدرالية في لوزان بأن مبادرة حزب الشعب تنتهك الدستور بعدم احترامها لبعض الحقوق الأساسية مثل الحق في أن يُُُُستمع إلى طالبي الجنسية من طرف العدالة وأن يكون القرار الصادر بشأن طلبهم مبررا.
يناقش البرلمان السويسري حاليا مبادرتين تهدفان إلى تحديد قواعد جديدة في مجال التجنيس.
من جهته، يجمع حزب الشعب السويسري التوقيعات اللازمة لتطرح مبادرة شعبية بعنوان “من أجل عمليات تجنيس ديمقراطية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.