الحدّ من السرطان ممكن…
الجهود الراهنة لمكافحة مرض السرطان في سويسرا غير كافية. ورغم توافر أحدث التقنيات العلمية والطبية، فإن الخبراء يؤكدون أن البدء في برنامج وطني للوقاية من المرض كفيل بخفض نسبة الوفيات بمقدار الثلث.
تتجلى أهمية الخبر في معرفة أن اكثر من 17.000 شخص يموتون سنويا في الكنفدرالية بسبب مرض السرطان، وهو ما يضفي إلحاحا على الدعوة التي أطلقها خبراء البرنامج الوطني للسرطان (Oncosuisse) يوم الثلاثاء في برن.
جاءت الدعوة في إطار خطةٍ للبرنامج، والذي يضم كل المنظمات التي تعمل في مجال مكافحة السرطان، حدد فيها سبل وإمكانيات الوقاية واكتشاف المرض بصورة مبكرة إضافة إلى طرق العلاج والعناية.
تتزامن الدعوة مع إعلان برلمانيين سويسريين، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الشعب السويسري، عن عزمهما على تقديم مقترحين إلى البرلمان في شهر سبتمبر المقبل يطالبان فيهما بإعتماد سياسة وطنية لمكافحة السرطان.
“السرطان هو مشكلة الجميع – الرجال والنساء والأطفال”، يقول البرلماني ريمو جيسين من الحزب الديموقراطي الاشتراكي. كما أنه من اكثر الأمراض المسببة للموت في سويسرا. فثلث الوفيات لدى الذكور وربعها لدى الإناث سببها هذا المرض الخبيث، هذا عدا أن 30.000 إصابة جديدة بالسرطان يتم اكتشافها سنويا.
أول الطريق… تعاون!
يشدد الخبراء على أن هدفهم لا يتمثل في بناء مؤسسات بيروقراطية جديدة، بل ضمان تعاون أفضل بين المنظمات والهيئات الموجودة. فالخلل الحقيقي الذي يعرقل الجهود الحالية يتمثل في غياب سياسة تنسيقية بين الجهات المسؤولة عن مكافحة المرض الخبيث.
ووفقا للنظام القائم حاليا، تتولى الكانتونات مسؤولية علاج المرضي في حين تركز الحكومة الفدرالية جهودها على نشاطات البحث في مجال علاج ومقاومة السرطان. ما هو غائب في كل ذلك، هو عملية التنسيق والتعاون على مستوى وطني في مجال الوقاية ومكافحة المرض.
“من الصعب جدا في هذا المجال التمييز بين العلاج والبحوث. وهو ما يخلق وضعاً يصبح من الممكن للحكومة الفدرالية وكذا الكانتونات التملص من مسؤولياتهم”، يؤكد فرانكو كافالي رئيس الاتحاد السويسري للسرطان، ولذلك، يردف قائلا، “فنحن في حاجة إلى جسر الهوة القائمة، وما نريد أن نراه هو قانون وطني يحدد بوضوح الجهات المسؤولة ومهامها ويقرر من يتحمل مهمة محاربة المرض”.
الوقاية خير من العلاج…
ضمن هذا الإطار، ذكرت منظمة الصحة العالمية في مجموعة من الإرشادات أصدرتها الشهر الماضي أن نحو ثلث حالات السرطان كان من الممكن منع حدوثها. وأوضحت أن تبني نمط حياة أكثر صحية، و تقليل استهلاك السجائر والكحول، ونظام تغذية صحي، وتخفيض مخاطر سرطان الجلد من خلال تجنب التعرض إلى أشعة الشمس، كلها تصب في نطاق الوقاية من هذا المرض الخبيث.
وأعربت المنظمة عن قناعتها بأن اكتشاف المرض مبكرا ومن ثم علاجه ممكن في نحو ثلث حالات الإصابة، لاسيما في حال توافر وسائل العلاج الحديثة. أما في حالات المرض المتقدمة، فإن تقنيات التخدير وتخفيف الآلام متوافرة بصورة جيدة وتسمح بالعناية بالمرضى في تلك المرحلة.
رغم ذلك، فإن ما هو متاح في سويسرا في هذا الشأن يظل متطورا للغاية. ويقول السيد كافالي، “لدينا بحوث أولية وطبية جيدة للغاية وإمكانيات علاج تماثلها في مقدار الجودة. لكن ما ينقصنا هو سياسة تنسيقية فيما يتعلق بالوقاية من السرطان”.
هذا الخلل الذي يشدد عليه رئيس الاتحاد السويسري للسرطان له عواقبه الوخيمة. يقول، “نحن نعرف اليوم مثلاً، أن نحو ثلث حالات الإصابة بالسرطان كان من الممكن منعها لو أن الإجراءات الملائمة تم اتخاذها، وهذه النسبة ستزداد أكثر في المستقبل”.
ترجع هذه القناعة إلى التطورات الهائلة التي يشهدها علم الجينات والتي ستسمح في السنوات المقبلة، على حد قناعة السيد كافالي، بتحديد نظام “فردي” للوقاية يتلاءم مع الخصائص الوراثية لكل شخص على حدة.
بقي أن نشير أن أكثر من عشرة ملايين شخص في العالم يصابون سنويا بمرض السرطان، وأن ستة ملايين منهم يلقون حتفهم بسببه.
سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.