الرباط تقترح مجددا حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية
توّج العاهل المغربي الملك محمد السادس زيارته الصحراوية بتنصيب المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية، وتأكيده على مغربية الصحراء.
وجدّد العاهل المغربي في خطاب ألقاه في مدينة العيون اقتراحا مغربيا يقضي بمنح سكان الصحراء الغربية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية كحل دائم للنزاع.
توّج العاهل المغربي الملك محمد السادس زيارته الصحراوية بتنصيب المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية، وتأكيده على مغربية الصحراء ورفض أية تسوية للنزاع الصحراوي يمس بالوحدة الترابية المغربية.
وجدّد العاهل المغربي في خطاب ألقاه في مدينة العيون يوم السبت الماضي اقتراحا مغربيا بمنح سكان الصحراء الغربية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية كحل دائم للنزاع المقرر أن يقدمه المغرب لمجلس الأمن الدولي في منتصف شهر أبريل القادم.
كما دشّـن ملك المغرب خلال إقامته بالصحراء لمدة ستة أيام عددا من المشاريع الاقتصادية الاجتماعية في مدينتي العيون وبوجدور في إطار مبادرة للتنمية البشرية، خصص لها حوالي 80 مليون دولار، وأعلن بُـعيد مغادرته العيون العفو عن عشرات من المعتقلين الصحراويين، من بينهم نشطاء صحراويون مؤيّـدون لجبهة البوليزاريو.
إحياء المجلس
وكان العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني قد أسس عام 1981 المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية كهيئة استشارية، وإطارا صحراويا يعبر من خلاله سكان المنطقة المتنازع عليها عن القضايا التي تشغلهم، ويتيح له الحضور في المواجهات الدبلوماسية مع جبهة البوليزاريو، التي تسعى لانفصال الصحراء وإقامة دولة مستقلة. إلا أن تطورات النزاع والمقاربة الأمنية للسلطات في التعاطي مع ملفاته وقضايا المنطقة، أبقى المجلس هيكلا بلا روح حيث لم يعقد أية اجتماعات منذ ربيع عام 1991.
وقال الملك محمد السادس في خطابه أمام المجلس بهيكلته الجديدة، إنه قرر إضفاء دينامكية لازمة على المجلس، وتخويله اختصاصات تساعده على المساهمة، إلى جانب السلطات والمؤسسات المنتخبة في الدفاع عن مغربية الصحراء، والتعبير عن التطلعات المشروعة للمواطنين وجعله مؤسسة فاعلة في تنمية المنطقة، وإعادة إدماج الصحراويين العائدين من مخيمات اللاجئين في تندوف.
ويضم المجلس 140 عضوا، بينهم 14 امرأة من رؤساء القبائل وأعيانها وبرلمانيي المنطقة ورؤساء بلدياتها وشخصيات انتخبتها القبائل، ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية والشبابية، حرصا من العاهل المغربي على “الانفتاح على فعاليات المجتمع المدني والقوى الحية الواعدة بالعطاء والإنتاج، خاصة النساء والشباب”.
صياغة تفاصيل المبادرة
وقالت أوساط مغربية مسؤولة لسويس انفو إن المجلس الجديد ضمّ نشطين في ميدان حقوق الإنسان، ليسوا بعيدين عن أفكار جبهة البوليزاريو، كما ضم المجلس مواطنين من خارج المناطق المتنازع عليها، إلا أنهم لعِـبوا دورا في التنمية الاقتصادية في الصحراء.
ودعا الملك محمد السادس المجلس الاستشاري الجديد للمساهمة في صياغة الاقتراح المغربي حول الحكم الذاتي بعد “أن قطعت الاستشارة مع الأحزاب المغربية شوطا”، وأوضح أن اقتراح الحكم الذاتي مبادرة مغربية لإخراج تسوية النزاع الصحراوي من مأزقها بعد أن “تأكدت الأمم المتحدة استحالة تطبيق لخطط السلام الدولي” القائم على استفتاء الصحراويين في الاختيار بين الاندماج بالمغرب أو إقامة دولة مستقلة.
وحرصت الأوساط الرسمية المغربية منذ أيام على التأكيد بأن العاهل المغربي لن يعلن في خطابه بالعيون عن تفاصيل مبادرة الحكم الذاتي لسكان الصحراء، لأن الصياغة النهائية لم تنته بعد، بانتظار رؤى الأحزاب والصحراويين من جهة، ومن جهة ثانية، لأن المبادرة ستُـقدَّم لمجلس الأمن الدولي لمناقشتها في اجتماعات يعقدها حول ملف النزاع الصحراوي في النصف الثاني من شهر أبريل القادم.
وحسب نفس الأوساط، فإن تحركا دبلوماسيا مغربيا لتوضيح مبادرته بعد الإنتهاء من صياغتها، سيشمل عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن، على أمل الحصول على دعمها وموافقتها على تضمينها في قرار جديد يصدره في ختام مداولاته، يتضمّـن تجديد مهمة قوات الأمم المتحدة المنتشرة بالمنطقة منذ عام 1991 التي تنتهي في 30 أبريل القادم.
محاولات للتشويش على الزيارة
وكانت علاقة الصحراويين مع السلطات مسألة شغلت صانع القرار المغربي بعد أن نجحت جبهة البوليزاريو خلال السنة الماضية من خلق مواجهات بين قوات الأمن المغربية ونشطين صحراويين حُـوكم عدد منهم ويمضون أحكاما بالسجن. ومن أجل تنفيس الاحتقان وتخفيف التوتر، أعلنت وزارة العدل المغربية بُـعيد مغادرة الملك محمد السادس مدينة العيون عن إطلاق سراح 216 صحراويا، من بينهم نشطاء مؤيدون لجبهة البوليزاريو.
من جهتها، بذلت جبهة البوليزاريو – التي وجدت في الزيارة الملكية للصحراء “استفزازا”، وفي مبادرة الحكم الذاتي “التفافا على قرارات الشرعية الدولية” – جهودا لتحريك نشطائها ومؤيّـديها في مدينة العيون لمواجهات مع السلطات أثناء الزيارة الملكية.
وإذا كانت قد أخفقت في الأيام الأولى للزيارة، ونجحت في الليلة السابقة لمغادرة الملك لمدينة العيون أو في تحريك طلبة صحراويين في جامعات مراكش وأغادير، فإنها لم تستطع التشويش على الزيارة، بل إن العاهل المغربي حرص على القيام بجولات في أحياء في مدينة العيون تعتبر “معاقل” لنشطاء جبهة البوليزاريو.
نهاية النزاع .. متى؟؟
وعلى الصعيد السياسي، وكردّ على الزيارة الملكية للصحراء، عاد محمد عبد العزيز، زعيم جبهة البوليزاريو إلى منطقة تيفاريتي (الواقعة خارج الحزام الأمني ضمن المواقع التي تعتبرها الجبهة مناطق محرّرة والتي انتظمت فيها نهاية شهر فبراير الماضي احتفالات الذكرى الثلاثين لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية)، ووجّـه من هناك تهديدات بالعودة إلى الهجمات المسلحة ضد القوات المغربية.
ليس هناك أدنى شك في أن الجانب السياسي قد طغى على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لزيارة الملك محمد السادس إلى المناطق الصحراوية، ورغم ما في هذه الزيارة من مكاسب سياسية مغربية، ومن حرص واضح على التأكيد من مدينة العيون، كبرى الحواضر الصحراوية، على أن المغرب “لن يُـفَـرِّط في شبر من صحرائنا العزيزة ولا في حبة رمالها”، إلا أن المغاربة يأملون في إنهاء النزاع، وأن تصبح زيارات ملك المغرب للصحراء ذات طابع تنموي واقتصادي كغيرها من زياراته إلى مناطق المملكة الأخرى.
محمود معروف – العيون
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.