السرية المصرفية: وضع النقاط على الحروف!
ان مسالة السرية المصرفية في سويسرا تتطور، لكن بقاءها غير قابل للتفاوض. هذا ما اكده في مدريد وزير الشؤون الاقتصادية باسكال كوشبان، الذي وضع الاطار للمفاوضات الثنائية التي ستجرى بين سويسرا والاتحاد الاوروبي.
ان السرية المصرفية المعمول بها في المؤسسات السويسرية تتطور. فالسرية عام 2000 ليست كما كانت عليه عام 1920. وكما هو الحياد السويسري الذي ياخذ في الاعتبار ما يجري حوله من تغييرات وتطورات، فان السرية المصرفية، وهي جزء من التقاليد البنكية السويسرية تتطور، كما قال السيد كوشبان.
والمفاوضات بين سويسرا والاتحاد الاوروبي كانت حتى الان استطلاعية، لكنها ستنطلق بشكل رسمي على مستوى الخبراء الفنيين يوم الثامن من مايو ايار المقبل. اتحاد الوسط الديموقراطي، وهو الحزب السياسي الموجود على يمين الحكومة الفدرالية، اكد انه سيطرح مبادرة برلمانية تهدف الى ادراج السرية المصرفية في الدستور السويسري، لكن وزير الشؤون الاقتصادية يفضل التعامل مع الملف من منطلق عملي.
والتقى وزير الخارجية السويسري جوزيف دايس يوم الخميس في برن نظيره في دوقية لوكسمبورغ ليدي بولفر الذي اكد ان الدوقية لن تتخلى عن مبدأ السرية المصرفية الا اذا قامت سويسرا بذلك. وقد اكد وزير الخارجية ان تخلي الكنفدرالية امر غير وارد، ذلك ان مسالة السرية حيوية بالنسبة للحفاظ على موقع الساحة المالية في كل من سويسرا ولوكسمبورغ.
السرية غير قابلة للتفاوض
هذا التمسك بالمواقف من جانب الكنفدرالية، مؤشر على ان المفاوضات بين برن وبروكسل سوف لن تكون سهلة بالمرة، ذلك ان السياسة الاوروبية تعتمد على تبادل المعلومات بين الدول في مجال التهرب الضريبي والجبائي. ولعل في هذا مؤشر على ان العلاقة بين سويسرا وبقية شركائها الاقتصاديين مقبلة على مرحلة من التوتر. فقد اعلن الاسبوع الماضي في باريس على لسان موظفين سامين في مؤتمر التجارة والتنمية الاقتصادية OCDE، ان بالامكان فرض عقوبات ضد سويسرا ولوكسمبورغ، العضوين في المنظمة، اذا ما رفضتا المشاركة في برنامج تبادل المعلومات، لكن الحكومة الفدرالية تواصل التاكيد بان السرية المصرفية غير قابلة للتفاوض.
والهدف من برنامج تبادل المعلومات، هو مقاومة التهرب الضريبي. فاللوكسمبورغ، وهو، خلافا لسويسرا، عضو في الاتحاد الاوروبي، وافق مكرها على مبدأ تبادل المعلومات، لكن شريطة ان تنسج سويسرا على منواله. وقد رفض وزير الخارجية السويسري ذلك جملة وتفصيلا.
فضلا عن هذا، فان الولايات المتحدة تحولت الى داعية عالمية للشفافية المالية وذلك منذ احداث 11 سبتمبر وبدء الحرب على الارهاب وعلى شبكات تمويل المنظمات التي تعتبرها واشطن مشبوهة. وما فتئت الادارة الامريكية تدعو شركاءها في العالم الى تسهيل تبادل المعلومات المصرفية كسلاح حاسم ضد تمويل الشبكات الارهابية.
لذا، فان مجال المناورة امام سويسرا محدود جدا. لكن اوساطا في وزارة المالية تعتبر ان بداية المفاوضات بين برن وبروكسل يوم الثامن من مايو، قد تؤدي الى انفراج في المواقف، لان الطرفين سيعملان على تسوية الخلاف والتوصل الى حلول وسط مقبولة.
سويس انفو مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.