الضباط السويسريون منزعجون
تطالب رابطة الضباط السويسريين بإعادة النظر في القرارات التي اتخذتها الحكومة في مايو الماضي بشأن الإصلاحات المقرر إدخالها على الجيش بين عامي 2008 و2011.
ووصفت الرابطة يوم 10 نوفمبر في برن تلك القرارات بـ”غير المفهومة والمفتقرة للدعم السياسي”، كما انتقدت بشدة التوفير في مجال الدفاع الكلاسيكي.
قدمت “رابطة الضباط السويسريين” يوم الخميس 10 نوفمبر الجاري في العاصمة برن وثيقة مُفصلة أعربت فيها عن استياءها العميق من مشروع “الجيش 2008- 2011” الذي اعتمدته الحكومة الفدرالية في الربيع الماضي. وبلهجة تميزت بصرامة وانتقاد واضحين، حددت الرابطة قائمة مطالبها داعية إلى فتح نقاش حقيقي ومُعمق حول السياسة الأمنية في الكنفدرالية.
رابطة الضباط السويسريين، التي تأسست في عام 1833، لم تقتنع إذن بالتوجهات الجديدة التي حددتها الحكومة الفدرالية في 11 مايو الماضي للجيش للفترة الممتدة بين 2008 و2011، إذ ترى أنه لا يجب التخطيط لمستقبل الجيش “في الفراغ”، لكن بالاتفاق مع الفاعلين في المجالين الاقتصادي والسياسي وجيش الميليشيات.
وكانت الرابطة التي تضم أكثر من 30 ألف عضو، قد أعربت عن شكوكها فور تقديم تلك التوجهات في مايو، غير أنها فضلت التريث لبضعة أشهر ريثما تستشير كافة فروعها لبلورة موقفها وتحديد مطالبها في وثيقة تعكس رأي الأغلبية في مختلف مكونات الرابطة.
ويذكر أن الحكومة السويسرية قدمت في شهر مايو الماضي توجهات الجيش للفترة ما بين 2008 و2011. وتضمن المشروع تقليص الإمكانيات المخصصة للدفاع العسكري التقليدي (حماية الوحدة الترابية والحدود) لفائدة تعزيز الأمن الداخلي بهدف ادخار 193 مليون فرنك. في المقابل، تقرَّر تعزيز عمليات حفظ السلام في الخارج التي سترتفع نفقاتها بـ35 إلى 45 مليون فرنك.
وفي البيان الصحفي الصادر عنها يوم الخميس 10 نوفمبر في زيورخ، اعتبرت رابطة الضباط السويسريين أن خيار التركيز على أمن التراب الوطني على حساب الدفاع العسكري التقليدي قرارٌ “لم يـُتخذ على أساس عملية منتظمة لاتخاذ القرارات في مجال سياسة الأمن، وهو بالتالي غير مفهوم”. وشددت في هذا السياق على أن تحديد خدمات الجيش وتسخير الإمكانيات لتنفيذها يعود للحقل السياسي بالدرجة الأولى.
“مصداقية الجيش تتطلب النقاش”
ونوهت الرابطة إلى أن الأخطار والتهديدات الأمنية لم تتغير في سويسرا خلال السنوات القليلة الماضية وأن وحجم التوفير يظل متواضعا.
وفي تقديمه لموقف رابطة الضباط السويسريين يوم الخميس أمام الصحافة في برن، قال العقيد ميشليل مور، الرئيس المركزي للرابطة “يجب أن تكون الانطلاقة من الوضع الحالي، فالتهديدات لا تتأقلم مع الإمكانيات المالية”.
ويرى العقيد ماورر أن مصداقية الجيش تتطلب نقاشات عامة حول مهام وإصلاحات الجيش. لذلك تطالب الرابطة بأن تُـُقدم الحكومة الفدرالية مستقبلا على بحث التقرير حول سياسة الأمن خلال كل فترة تشريعية.
وتدعو إلى تكييف وتكملة التقرير بجملة من التقارير الانتقالية ثم تسليمه إلى البرلمان كأساس تقوم عليه سياسة الأمن.
وحثت الرابطة في الوثيقة التي قدمتها في برن على أن يعيد التقرير القادم النظر في أعمدة السياسة الأمنية، وخاصة ما يتعلق بمبادئ الحياد والمليشيات والخدمة العسكرية الإجبارية. كما اقترحت وضع الإيجابيات والسلبيات في الميزان، خاصة على مستوى التكاليف.
من جهة أخرى، طالب الضباط بضمان تخطيط متواصل لنشاطات الجيش، ومدة تخطيط على مدى أربع سنوات لبرامج التسلح. كما شددوا على ضمان ما لا يقل عن 4 مليار فرنك كإطار مالي سنوي لـمشروع “جيش 21”.
لا يريدون حراسة السفارات فقط..
على صعيد آخر، شددت رابطة الضباط السويسريين على أنها ترفض أن تتحول التزامات الأمن الجانبية، مثل حماية السفارات، إلى مهمة دائمة للجيش.
وفي هذا الإطار، طالبت بوضع استراتيجية تهدف إلى توزيع الكفاءات بشكل واضح بين الكنفدرالية والكانتونات، وتخليص جيش المليشيات السويسري من أداء مهام الشرطة.
أما بالنسبة للخدمة العسكرية في إطار إحلال السلام في الخارج، فأعربت الرابطة عن اعتقادها أن هذه الخدمة يجب أن تظل طوعية لضمان القدر الضروري من الحماس في أوساط المشاركين.
ويذكر أن الجيش السويسري ليس جيشا نظاميا تقليديا مثلما هو الحال في معظم دول العالم، بل هو نظام يجبر كل المواطنين -القادرين على أداء الخدمة العسكرية- على الالتحاق بمدرسة المجندين اعتبارا من سن الثامنة عشر، على فترات متقطعة تبدأ في مرحلة أولى تتراوح بين 18 و21 أسبوعا، يعودون بعدها لصفوف الجيش بشكل منتظم لمدة 3 أسابيع كل سنة فيما يعرف بنظام الميليشيات. وهو نظام ينص عليه الدستور الفدرالي في المادة 58، وربطه بالتجنيد الإجباري في الفقرة 59. ويسمح هذا النظام بأداء الخدمة العسكرية الإجبارية مرة واحدة على مدى 10 أشهر.
من جهة أخرى، شددت رابطة الضباط السويسريين على أهمية وحدات المشاة التي يجب أن تتمتع – حسب الرابطة- بتكوين جيد وحركية وحماية دائمتين لتؤدي مهامها الأمنية على أحسن وجه.
كما شدد الضباط السويسريون على عدم التقليل من شأن الجنود الاحتياطيين، مشيرين إلى إمكانية التوفير في مجال تجهيز هذه الفئة من الجنود. ومن الوسائل التي تتيح الإدخار أيضا في نظر الرابطة إدماج القوات الأرضية والجوية، وهو مقترح أكدت الرابطة أنها تواصل التفكير فيه.
سويس انفو مع الوكالات
خلال الحرب الباردة، كان بإمكان الجيش السويسري تعبئة ما بين 600 الف إلى 800 ألف رجل، أي أكثر من 10% من سكان الكنفدرالية. وكانت الخدمة العسكرية تُؤدَّى ما بين سن 20 و50 عاما، لمدة 317 يوما (ليست متواصلة بالضرورة).
في عام 1995، أدت جملة من الإصلاحات إلى تقليص العدد إلى 400 ألف رجل، أما فترة الخدمة العسكرية الإجبارية فانخفضت إلى 300 يوما للجندي العادي، وإلى غاية 42 عاما فقط.
منذ عام 2004، وفي إطار مشروع “جيش 21″، لم يعد الجيش السويسري يضم سوى 140 ألف جندي نشط و80 ألف احتياطي. وأصبحت الخدمة العسكرية إجبارية ما بين 20 و30 عاما فحسب. أما فترة أداء الخدمة فتراجعت إلى 260 يوما.
تأسست “رابطة الضباط السويسريين” في عام 1833، وتضم اكثر من 30 ألف عضو. وتنضوي تحت مضلتها كافة جمعيات الضباط. تقدم نفسها على موقعها على الإنترنت كهيئة تسعى إلى الحفاظ على جيش حديث ويتمتع بالمصداقية ويتوفر على الإمكانيات الضرورية لتنفيذ مهامه، خاصة في مجالات التكوين والتسليح والتجهيزات والإمكانيات المالية، وأن يستند كل ذلك على قواعد قانونية مناسبة. يوجد مقر الأمانة العامة للرابطة في زيورخ.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.