“العراق.. أحد أكثر مناطق الصراع عنفا”
يشير تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الأوضاع في العراق الى أن البلاد "تعيش أزمة حادة، حيث ينتشر القتل العشوائي والهجمات المستهدفة والجريمة والفساد، مما يساهم في انعدام القانون والأمن".
ويُنهي التقرير الذي سيقدمه لمجلس الأمن، بالتحذير من تزايد دوامة العنف في بلاد الرافدين.
تطرق الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في التقرير الذي سيرفعه الى مجلس الأمن الدولي عن الأوضاع في العراق (خلال الأشهر الثلاث الأخيرة)، إلى تدهور الأوضاع الأمنية ذاهبا الى حد وصف العراق بأنه “أحد مناطق الصراع في العالم الأكثر عنفا”.
تهديد الميليشيات وقـتل عشوائي
حظِـي الملف الأمني بالقسم الأوفر في تقرير الأمين العام، حيث اعتبر “أن العراق يعيش أزمة حادة في مجال حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية، إذ ينتشر القتل العشوائي والهجمات المستهدفة والجريمة والفساد، مما يساهم في انعدام القانون والأمن”.
وقد عبّـر كوفي أنان عن قلقه إزاء “التقارير التي تفيد بتغلغل الميليشيات في المؤسسات الحكومية ومؤسسات تطبيق القانون”.
وعن وجود فِـرق القتل في العراق، استشهد الأمين العام بـ”ظهور عشرات من جثث القتلى يوميا في أجزاء شتى من البلاد”، موضحا أن “بعضا من هذه الفِـرق ترتبط بالميليشيات المسلحة القائمة في البلاد وبقطاعات من قوات الأمن الحكومية”.
وبِـلُـغة الأرقام، أوضح الأمين العام، استنادا إلى مصادر أممية وحكومية عراقية، بأن شهر يونيو وحده عرف مقتل 3149 مدنيا، وأن عدد قتلى شهر يوليو بلغ 3438 مدنيا.
ويقول التقرير إن “الهجمات المتعدِّدة وحالات الاختطاف العشوائي للمدنيين، تشكل نوعا من أشكال التخويف المستهدف لأشخاص، وِفقا لانتماء طائفي، والرغبة من ورائه هي التخويف والانتقام”، وقد عانى من هذه الظاهرة، بالدرجة الأولى، الأطفال والنساء.
كما أشار التقرير الى تزايد “جرائم الشرف” وحالات خطف الأطفال وتشريد أعداد منهم، بسبب تعرض أهاليهم للقتل.
سجناء وتعذيب
وعبّـر تقرير الأمين العام أيضا عن القلق بخصوص أعداد وظروف عيش المعتقلين في السجون العراقية، الذين تم تقديرهم وفقا لوزارة حقوق الإنسان، بحوالي 26398 معتقلا في شتى أنحاء العراق حتى نهاية شهر يوليو 2006، من بينهم 13000 أسير بين أيدي القوات متعددة الجنسيات.
ويرى تقرير السيد أنان أن “آلافا من هؤلاء محتجزون في انتهاك للنظم القانونية الحالية ويفتقرون لتطبيق الإجراءات القانونية الواجبة”. وقد عبّـر الأمين العام عن الترحيب بإفراج الحكومة، في إطار مساعي المصالحة الوطنية، عن 3300 شخص في شهر يونيو.
وفيما يتعلق بمعاملة هؤلاء الأسرى في السجون العراقية، عبر كوفي أنان عن “القلق الشديد إزاء استمرار انتشار الإحتجاز التعسّـفي والتعذيب”. فقد أشارت دراسة قامت بها الأمم المتحدة والقوات متعددة الجنسيات في أحد السجون إلى أن 1431 معتقلا كان يحمل آثار اعتداءات جسدية ونفسية، وأن الأحكام التي صدرت في حق 52 مسؤولا في وزارة الداخلية بسب الانتهاكات التي ارتكبوها، ما زالت تنظر التطبيق حتى اليوم.
ومازال كل من مانفريد نوفاك، المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، وكذلك المفوضة السامية لحقوق الإنسان لويز أربور، يطالبان الحكومة العراقية بتقديم تقرير عن التحقيق المتعلق بادعاءات الاعتداء على المحتجزين في ملجأ الجادرية في نوفمبر 2005.
ويشير التقرير إلى تواصل الجهود لصياغة قانون يتعلق بإنشاء لجنة وطنية لحقوق الإنسان في العراق، وتكثيف الملتقيات بغرض تكوين القضاة والمحامين في مجال العدالة الانتقالية.
تشريد داخل البلد
وتطرّق تقرير كوفي أنان إلى تزايد أعداد العراقيين المرغمين على التشريد بسبب “العنف الطائفي أو إلى العمليات العسكرية”. ويقول التقرير، استنادا إلى مصادر أممية ومصادر الحكومة العراقية، إنه “منذ الهجوم الذي تعرضت له سامراء في 22 فبراير 2006، زاد عدد المشردين عن 30 ألف شخص”، وأن منظمات الإغاثة التي تُـحاول تقديم المساعدة لهؤلاء النازحين، تتعرض بدورها للمضايقات والتهديد، مما جعل عددا من موظفيها يهجرون هذا العمل.
ويرى التقرير أن تلبية حاجيات النازحين تتعرض إلى عراقيل وإلى نقص في التمويل، مما قد يدفع الأمم المتحدة إلى تجديد نداء للبلدان المانحة.
وقد عبر الأمين العام عن مخاوفه من “إقامة مخيمات تطرح مشاكل طويلة الأجل، فضلا عن تهديدها لأمن وكرامة المشردين”.
ظروف حماية يجب التخلص منها
وفي هذه الظروف، يرى التقرير أن عمل موظفي الأمم المتحدة يواجه تحدّيات كبيرة، بسبب تزايد العنف الطائفي. وعن المتسبّـبين في هذا العنف الطائفي، عدَّد التقرير “جماعات المقاومة والجماعات المسلحة الخاضعة للمتطرفين وجماعات الجريمة المنظمة”.
ولذلك، يتوخى موظفو الأمم المتحدة الكثير من الحيطة والحذر بارتداء السترات الواقية، خصوصا بعد تعرّض بعض منهم لمحاولات اغتيال. ويشير التقرير إلى أهالي موظفي الأمم المتحدة من المحليين الذين تعرّضوا لعمليات قتل وابتزاز وتهديد.
ونتيجة لذلك، يرى التقرير أن “عمل بعثة الأمم المتحدة يبقى مقيَّـدا بسبب الأوضاع الأمنية”، وهذا ما يدفعها إلى الاعتماد بشكل كبير على حماية القوة متعددة الجنسيات.
لكن التوجه السائد الآن لدى بعثة الأمم المتحدة في العراق، هو محاولة الاعتماد على نفسها وعلى قدراتها للتخلص من هذه الحماية، إذ يشير التقرير إلى “العمل تدريجيا على تطوير منهجيات وقدرات داخل وحدة السلامة والأمن التابعة لها، من أجل كفالة قُـدرتها على العمل بشكل آمن وفعّـال في هذه البيئة، في حال حاجتها لأداء مهامها بمزيد من الاعتماد على الذات”.
تجنب الحديث عن احتلال
وأسهب الأمين العام في تقريره لمجلس الأمن في تحميل الحكومة العراقية المسؤولية فيما يحدث، إذ يرى أن “الأنشطة المتنامية للميليشيات، تُـعدُّ سببا في المستوى المرتفع لانعدام الأمن وانتهاكات حقوق الإنسان”، ويرى أنه “طالما ليست لدى الشعب العراقي ثقة كاملة في نزاهة حكومته الجديدة وقواتها الأمنية وخضوعها للمساءلة، فثمة خطر حدوث تصعيد في نشاط الميليشيات”، وهو ما أسماه الأمين العام بـ”الحلقة المفرغة التي يجب كسرها”.
لكن الأمين العام لم يتطرق في تقريره، المكون من 19 صفحة، ولا مرة إلى وضع الاحتلال وإلى ضرورة إنهائه.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.