مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القصة الخفية لمبادرة جنيف!

Keystone

عندما تم التوقيع على مبادرة جنيف تركزت الأضواء على يوسي بيلين وياسر عبد ربه باعتبارهما الشخصيتان الرئيستان اللتان "هندستا" الاتفاق.

غاب عن الصورة لحظتها السيد اليكسيس كيلر، رغم أن مبادرة جنيف كانت بنتاً من بنات أفكاره، ولولاه ما خرجت إلى النور أصلا!

يكاد يكون اختيار مدينة جنيف الدولية للتوقيع على المبادرة يوم الفاتح من ديسمبر امرأ بديهياً. ذلك أن فكرة الوثيقة انبثقت فيها أصلاً، وملابسات تحولها من مجرد فكرة إلى حقيقة واقعة تشبه كثيراً أحداث رواية جاسوسية.

ولدت الفكرة في صيف عام 2001 بعد انهيار محادثات كامب دافيد في شهر يوليو من نفس العام وفشل مباحثات طابا في شهر يناير السابق بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك وما تلاهما من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في موفى شهر سبتمبر الموالي.

حينها أقترح اليكسيس كيلر المدرس المساعد بجامعة جنيف على صديقه يوسي بيلين وزير الإعلام الإسرائيلي السابق القيام بعملٍ ما لبعث الحياة من جديد في مسار السلام المتكلس بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

لم يكن كيلر وحده آنذاك. بل أنضم إليه في محاولة الإقناع بيير آلن الأستاذ في علم السياسة بجامعة جنيف. فكلاهما كانا مؤمنين بضرورة المبادرة بالتحرك وعدم ترك الأمور تخرج من نطاق السيطرة.

ومنذ تلك اللحظة بدأت الفكرة تتبلور من مجرد “نطفة” صغيرة إلى كيان ذي ملامح محددة.

تحدث بيلين مع نظيره الفلسطيني وزير الأعلام السابق ياسر عبد ربه، وأتفق الاثنان على إرسال مساعدين لهما إلى سويسرا لبدء مفاوضات سرية.

رعاية شخصية إلى حين..

وبالفعل، أرسل الرجلان مبعوثيهما دانييل ليفي وغيث العُـمري في شهر مايو من عام 2002، وأنضم إليهما روب مالاي مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لشؤون الشرق الأوسط.

مول تلك اللقاءات في البداية السيد كيلر ووالده المصرفي والدبلوماسي السابق من جيبهما الخاص، كما وفرا الشاليه الخاص بعائلتهما في مدينة سانينموسر بمنطقة برنر أوبرلاند (وسط سويسرا) مكاناً بعيدا عن الأضواء لتأمين اللقاءات السرية لتلك الشخصيات.

والمثير هنا هو أن وزارة الخارجية السويسرية لم “تدخل على الخط” مثلما يُقال إلا بعد تولي السيدة ميشلين كالمي-راي لمنصبها على رأس الوزارة في الفاتح من يناير 2003.

فقد التقى بها كيلر شخصياً وأقنعها بالفكرة. وإثر ذلك بدأت الخارجية السويسرية في تقديم الدعم اللوجستي والمالي (الذي بلغ وفقا لتقديرات المتحدث بإسم الوزارة اليخاندرو ديلبيرت أكثر من 300 ألف فرنك سويسري) للمفاوضات السرية.

رحلات مكوكية.. وحلم وزيرة!

لم يقف الأمر عند هذا الحد. بل منحت الوزارة جوازاً دبلوماسياً للسيد كيلر، الذي قام برحلات مكوكية بين تل أبيب ورام الله حاملاً رسائل شفوية للجانبين المتحاورين خلال فترة الحصار الذي فرضته إسرائيل على المدينة الفلسطينية.

وخلال الأشهر الأخيرة من المباحثات السرية تحولت كرة الثلج الصغيرة إلى كتلة ضخمة متحركة يصعب إيقافها.

ساهم في ذلك إلى حد كبير اقتناع السيدة كالمي-راي الشديد بضرورتها في ظل الوضع القائم، وتبدى ذلك واضحا ًفي تصريحها للإذاعة السويسرية الروماندية عندما قالت: “حلمي أن يأتي يوم تتبنى فيه قيادات الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مشروع السلام هذا”.

تكللت تلك المفاوضات في شهر أكتوبر الماضي عندما توصل الجانبان إلى الصيغة الكاملة لما أصبح يُعرف باسم “مبادرة جنيف”، ووقع عليها الطرفان في الفاتح من ديسمبر في احتفال مهيب بمدينة جنيف.

وعندما لمعت عدسات الكاميرا وهي تلتقط صور الحدث، ركزت على السيدين بيلين وعبد ربه والسيدة كالمي- راي، ونسيت أن تأخذ صورة للسيد كيلر أو زميله آلن.

سويس إنفو والوكالات

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية