الكوبيون يصوتون الأحد على دستورهم الجديد
دعي أكثر من ثمانية ملايين ناخب كوبي الى استفتاء الاحد على دستور جديد، ما سيشكل اختبارا للنظام الاشتراكي القائم الذي بات يمثل العدو الاول للرئيس الاميركي دونالد ترامب في القارة الاميركية.
ومن المقرر ان يحل الدستور الجديد محل دستور عام 1976 مع تعديلات مهمة أبرزها الاعتراف بقيمة السوق والملكية الفردية واعتبار الاستثمارات الخارجية ضرورية خصوصا مع اقتصاد متراجع.
لكن الدستور الجديد يجدد التأكيد على الطابع الفريد للحزب الشيوعي الكوبي وعلى أن “الكائن البشري لا يمكن ان يحصل على كامل كرامته الا في إطار الاشتراكية والشيوعية”.
وهذه الاشارة ليست بلا معنى في وقت يتزايد فيه التوتر السياسي في اميركا اللاتينية خصوصا بشأن ازمة فنزويلا.
وقال الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاثنين ان “الشيوعية تعيش أيامها الاخيرة في فنزويلا وايضا في نيكاراغوا وكوبا” الدول الثلاث التي تعتبرها واشنطن “ثلاثي الشر”.
وكان اكد بداية شباط/فبراير “التصميم على أن أميركا لن تكون يوماً اشتراكية”.
لكن على بعد أقل من 200 كلم من سواحل الولايات المتحدة، تبدو الارادة المعاكسة صلبة.
وقال وزير خارجية كوبا برونو رودريغيز هذا الاسبوع “لقد صنعنا ثورة اشتراكية وسندافع عنها رغم انوفهم”.
-حملة في كل مكان-
وبدا بعيدا جدا زمن تحسن العلاقات الدبلوماسية بين كوبا والولايات المتحدة اللتين اعادتا فتح سفارتيهما في 2015.
وفي مواجهة تصريحات ترامب قال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانل الذي خلف في نيسان/ابريل 2018 راوول كاسترو “ان الانتصار الاول هو ذاك الذي سنؤمنه الاحد من خلال التصويت للدستور وللثورة ولفيديل وراوول” كاسترو.
ومنذ اسابيع لا تدخر الحكومة الكوبية جهدا في حملتها لتأييد الدستور الجديد وذلك في كل مكان ومجال عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتلفزيون والحافلات والمتاجر.
وراى المحلل السياسي كاروس الزوغاراي “ان كل هذه الدعاية اوجدت نوعا من الضغط ليصوت الناس نعم (من خلال الايحاء) بان التصويت بلا يعني ان الناخب يعاني مشكلة ما.وانا أرى أن ذلك غير مفيد”.
وفي بطاقة الاستفتاء خانتان: نعم و لا ، للاجابة على سؤال: هل تصادقون على الدستور الجديد للجمهورية؟
ودعت المعارضة التي عادة ما كانت تدعو الى الامتناع او التصويت بورقة بيضاء، هذه المرة الى رفض الدستور الجديد.
ولئن بدا شعارها “لا” منتشرا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فانه من الصعب رؤيته في مواقع أخرى فهو غائب عن الفضاء العام كما حُجب على تطبيقات الرسائل القصيرة.
وستعلن أولى النتائج الرسمية للاستفتاء بعد ظهر الاثنين.
– نسبة التاييد –
وتبدو الحكومة الكوبية واثقة من تحقيق فوز كبير في الاستفتاء، لكنها ربما فوجئت بمستوى المعارضة.
ففي 1976 تمت المصادقة على الدستور بنسبة 97,7 بالمئة في استفتاء.
وتوقع المحلل الزوغاراي ان تكون نسبة التأييد للدستور الجديد الاحد “70 الى 80 بالمئة” وقال “البلد تغير والدستور مختلف وأكثر تعقيدا”.
كما بات بامكان الكوبيين الوصول الى الانترنت خصوصا منذ تركيب البنية التحتية لاتصالات الجيل الثالث (3G) في كانون الاول/ديسمبر 2018. وبات موقع تويتر رجع صدى الاصوات المنتقدة في كوبا وخصوصا للكوبيين في الخارج الذين لا يمكنهم التصويت.
وقال توماس ريغالادو رئيس بلدية ميامي الاميركية السابق وهو أميركي من أصل كوبي “الظروف تغيرت وهي من الفرص النادرة التي يمكن فيها للشعب أن يقول لا”.
كما تعارض الكنيسة الكاتوليكية والانجيلية الدستور الجديد لانه يعرف الزواج بانه “اتحاد بين شخصين” معتبرة ان ذلك يشكل الخطوة الاولى لتشريع زواج المثليين.
ومع ان الحكومة تراجعت في هذه المسالة، فان الكنيسة الكاتوليكية تواصل نقدها “للايديولوجيا الواحدة” القائمة على الاشتراكية.
واذا وافق الناخبون الكوبيون على الدستور الجديد فسيدخل حيز التطبيق بعد نشره في الجريدة الرسمية.
ومما تضمنه الدستور الجديد حصر الولايات الرئاسية بولايتين متتاليتين كل منهما من خمس سنوات.
اما في حال لم يوافق الكوبيون على الدستور فان دستور 1976 يبقى ساريا وسيتعين اصدار قوانين وتشريعات تتلاءم مع الانفتاح الاقتصادي في كوبا.