مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اللبنانيون في سويسرا .. غاضبون ومتضامنون

جانب من مظاهرة الجالية اللبنانية التي نظمت في جنيف يوم 19 يولي 2006و swissinfo.ch

نظمت الجالية اللبنانية سلسلة مظاهرات في جنيف وبرن للتعبير عن استنكارها لما يتعرض له الشعب اللبناني، وللمطالبة بوقف العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين أساسا.

المظاهرات التي ساندها برلمانيون ومواطنون عاديون، نددت بأفواه مكممة بـ “صمت المجموعة الدولية” تجاه ما تقترفه إسرائيل في بلد الأرز من انتهاكات.

أحداث لبنان وما يتعرض له المدنيون من مختلف التيارات والطوائف، وما تتعرض له البنية التحتية في البلد من دمار على أيدي إسرائيل في ردها على اختطاف اثنين من جنودها في الثاني عشر يوليو من قبل مقاتلي حزب الله، أثارت غضب الجالية اللبنانية المقيمة في سويسرا.

وهو ما أدى بها الى تنظيم عدة مظاهرات عبر التراب السويسري في 19 يوليو في جنيف، ثم في 21 يوليو في العاصمة الفدرالية برن، ويوم السبت 22 يوليو قبالة مقر الأمم المتحدة في جنيف.

هذه المظاهرات التي جمعت ممثلين من مختلف التيارات السياسية والدينية والتي ساندها ممثلون من عدة أحزاب سويسرية، هدفت للتعبير عن إدانتها لما يتعرض له لبنان من دمار، ولنقل عدة رسائل “للتعبير عن الشكر” للشعب والحكومة السويسريين على مواقفهما من جهة، وأخرى موجهة للمنظمات الدولية والأممية المتواجدة في سويسرا لدفعها الى تحمل مسؤولياتها بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي من جهة أخرى.

الصمت للتعبير عن الغضب

مظاهرة اللبنانيين في جنيف التي جمعت يوم 19 يوليو حوالي 1000 شخص من لبناني سويسرا ولبنانيين مقيمين في بلدان مجاورة إضافة الى سويسريين وفرنسيين متعاطفين مع لبنان، والتي نظمت على رصيفي جسر “المونبلان” بقلب جنيف في وقت مغادرة الموظفين لمواطن شغلهم، شارك فيها كما يقول آلان بيطار صاحب مكتبة “الزيتونة” في جنيف وأحد الساهرين على التنظيم “ممثلون من كل التيارات اللبنانية تعبيرا عن وحدة لبنان”.

أما سيموندا نصيف من لجنة التنظيم فشددت على أن المظاهرة “شارك فيها أيضا أصدقاء لبنان من سويسرا وفرنسا المجاورة إضافة الى ممثلين عن مختلف التيارات السياسية السويسرية”.

وقد اختار المتظاهرون ان يكون الصمت شعارهم وذلك بتكميم أفواه المشاركين ببملصقات. وتقول حنان “هذه الدول الغربية تطغى عليها وسائل إعلام تعكس وجهة النظر الغربية والأمريكية، لذلك سنضطر لاختيار الصمت شعار المسيرة وذلك بوضع ورق لاصق على أفواهنا وحمل العلم اللبناني لتكون رسالتنا الى العالم هي: أنه علينا ان نتحمل كل هذه المجازر ونحاول بصمت إظهار للعالم ما هو وضعنا في الشرق الأوسط، وكيف ان أمريكا وإسرائيل يعتدون على الشعب العربي ولا أحد يتساءل”.

وتضيف حنان لسويس إنفو “ما دام حكامنا قد أهملونا فلنحاول كمغتربين التواصل مع الشعوب الأوروبية لمحاولة إفهامها واقع الأمور”.

نموذج للجرائم

غير بعيد على جسر ” المونبلان” استوقفتنا لافتة صور كبيرة لمخلفات الدمار الذي ألحقه القصف الإسرائيلي بالبشر والمباني في لبنان، يحملها شبان وشابات لبنانيون من بينهم فادي الذي يقول “ما هذا الا عينة صغيرة من الجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي تجاه الشعب اللبناني”.

صور للمباني المدمرة ولجثث أطفال تحت الأنقاض ولقنابل يكتب عليها الجنود الإسرائيليون عبارات وكأنها هدايا موجهة للبنانيين. ويشرح فادي ” هذه الصورة مثلا، إسرائيل تدعي انها تهاجم مقاتلي حزب الله. هنا لا يوجد عسكريون … كلهم من الأطفال والمدنيين، وهنا دمرت إسرائيل البنى التحتية اللبنانية”.

ويختتم فادي بالقول “إسرائيل عاجزة عن استهداف حزب الله لذلك تستهدف المدنيين، هذا تعبير عن الحقد والإجرام تجاه الشعب اللبناني”.

أبوعلي والعائلة

أبو علي لبناني من المهاجرين في ألمانيا قدم خصيصا للمشاركة في هذه المظاهرة. وقد اصطحب معه عائلته التي استوقفنا مشهد أطفاله الثلاثة بأعمار ما بين السنتين والاربع سنوات وقد شاركوا بطريقتهم في المظاهرة حاملين أعلام لبنان.

أما عن سبب اختياره التظاهر برفقة أبنائه الصغار، فيقول أبو علي “حتى ينظر العالم بعينيه ما يحدث في لبنان لأن الإسرائيليين لا يميزون بين الأطفال وغيرهم، ولا يفرقون بين المسلم والمسيحي والدرزي او أية طائفة أخرى. لم تسلم من قصفهم لا المباني ولا المساجد أو الكنائس، بل لم تسلم حتى المستشفيات”.

وتمنى أبو علي – لو يحق له أن يوجه رسالة للرئيس الأمريكي جورج بوش – أن يكون مضمونها “من يرغب في نزع سلاح لبنان وسلاح المقاومة بهذا الدمار، والخراب والمجازر، وعبر بعض من عملائه القادة العرب، فإن ذلك سوف لن نتركه يتحقق على دمنا وعلى أولادنا”.

متعاطفون سويسريون وغربيون

إذا كانت مظاهرات جنيف وبرن قد جلبت أعدادا من أبناء الجالية العربية المقيمة في سويسرا، فإن قسما لا يستهان به من السويسريين والأجانب المتعاطفين مع لبنان أبوا إلا أن يعبروا عن قلقهم في هذه المظاهرات الصامتة.

وأكد ألان بيطار لسويس إنفو مشاركة ممثلين عن أحزاب سياسية سويسرية “من حزب الخضر والحزب الديمقراطي المسيحي والاشتراكيين”.

أما عن دوافع مشاركة مواطنين سويسريين عاديين في المظاهرة، يجيب أغوستينو “إنه للتعبير عن حزن عميق لكون لبنان الذي خرج على التو من حرب أهلية، ويحاول النهوض باقتصاده، والبلد الذي يعتبر مثالا يقتدى به في الشرق الأوسط لتعايش مختلف الطوائف والأديان فيه، قد قررت إسرائيل تحطيمه، وتمكنت من تحطيم في غضون أسبوع واحد ما تم من إعمار خلال عشرين عاما”.

أما انائب البرلماني من حزب التضامن اليساري في جنيف ريمي باغاني، فيعلق على أحداث لبنان قائلا “إن الاعتداء الإسرائيلي عمل غير مقبول ضد الشعب اللبناني”، واصفا ما جرى لى أنه بمثابة “أعمال بربرية، وقانون الغاب”.

ويرى السيد باغاني أن انتظام هذه المظاهرة في جنيف مقر معاهدات جنيف والقانون الإنساني الدولي والمنظمات الدولية “قد يذكر البعض بضرورة احترام تلك المبادئ وبالأخص تلك التي تطالب باحترام المدنيين أثناء الحرب”.

ماريس كروفو، قدمت من مقاطعة الصافوا الفرنسية المجاورة للمشاركة في المظاهرة لأنها ترى ان “من واجبها كمواطنة في هذا العالم أن تعبر عن تضامنها مع السكان المدنيين اللبنانيين في هذا الاعتداء”.

وضيف السيدة كروفو أن ما يقلق بالدرجة الأولى في هذا الصراع ” هو فشل الدبلوماسية في هذه المنطقة ومنذ سنوات”. وتستشهد على ذلك بأن شخصيات مثل وزير الداخلية الفرنسي صرحت “بأن من حق إسرائيل ان تدافع عن نفسها” وهي تجد في مثل هذه المواقف “امرا مقلقا للغاية”.

رسالة شكر للسويسريين

اجمع من تحدثت لهم سويس إنفو في هذه المظاهرة على توجيه رسالة شكر لسويسرا على مواقفها من الأزمة اللبنانية ومنذ الساعات الأولى.

فآلان بيطار يرى أن موقف سويسرا “كان اشجع موقف في البلدان الغربية، وموقفا عادلا “، وأضاف قائلا: “إننا سنواصل الاتصال بالسلطات السويسرية لمعرفة ما إذا كان بالإمكان تخفيف إجراءات الحصول على تأشيرات للحالات الإنسانية”.

حنان ترى مجرد السماح بتنظيم هذه المظاهرة في قلب جنيف بدون مشاكل “هو محط احترام وتقدير” وتضيف ” بان علينا من جانبينا أن نحترم القانون والشروط المفروضة وان نوصل رسالتنا بشكل حضاري”.

وهذا ما وقع فعلا بحيث تفرق المتظاهرون في مظاهرة جنيف بدون مشاكل تذكر، كما أن تواجدهم على ممر يعتبر الجسر الرابط بين مركزي جنيف في وقت كثافة مرور لم يؤد لا إلى تعطيل حركة المرور أو عرقلتها.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

جمعت مظاهرة 19 يوليو في جنيف حوالي 1000 شخص معظمهم من اللبنانيين المقيمين في سويسرا
في برن تجمع يوم 21 يوليو حوالي 900 شخص أمام القصر الفدرالي احتجاجا على المجازر في لبنان
تنظم عدة جمعيات لبنانية وسويسرية يوم السبت 22 يوليو تجمعا ثالثا أمام مقر قصر الأمم في جنيف

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية