المساواة في الجيش أيضاً!
منذ حصول المرأة على حقوقها متساوية مع زميلها الرجل في الجيش السويسري في عام 2004، تزايدت بشكل واضح أهمية الدور الذي تلعبه في القوات المسلحة السويسرية.
كما ارتفعت أعداد المتقدمين للتجنيد من النساء على مدى السنوات السبع الماضية، ليرتفع إجمالي عددهن في الخدمة العسكرية إلى 1400 إمرأة.
للمساواة مسؤولياتها … وتبعاتها! فالنساء الراغبات في الالتحاق بالجيش السويسري يتوجب عليهن اجتياز نفس الاختبارات النفسية والجسدية التي يجتازها نظرائهم من الرجال، وذلك كشرط لقبولهن. وعندما يتكلل جهدهن بالنجاح يتحولن مع زملائهم إلى معسكرات التجنيد حيث يتلقين معهم تدريبات مكثفة على مدى 18 أسبوعا.
وكغيرهم من المجندين، يتوجب عليهن بعد ذلك الالتحاق بدورات تأهيلية كل عام، تستغرق كل منها ثلاث أسابيع، إلى أن يبلغن الثلاثين من عمرهن.
وخلال فترة غيابهن السنوية، يتوجب على أرباب عملهن دفع رواتبهن كاملة، تماماً كما هو الحال مع نظرائهم من الرجال. لكن هؤلاء يستطيعون بعد ذلك الحصول على تعويض من الدولة، يقدر ب80% من الرواتب التي يدفعونها لهن ولهم خلال فترة تدريبهن العسكرية.
كل هذه الحقوق التي حصلت عليها المرأة في الجيش السويسري تظل جديدة عليها. فعندما التحقت أميرة اللواء دوريس بورتمان بالجيش قبل 32 عاماً، كان الدور المسموح به للمرأة هناك يقتصر على الخدمات المساعدة.
وتتذكر بورتمان، المسؤولة حاليا عن النساء في القوات المسلحة السويسرية، أن المرأة لم يكن يسمح لها آنذاك بحمل الأسلحة، كما أن فترة التدريب والتكوين المخصص للضابطات كانت آنذاك أقصر من تلك الخاصة بالرجال.
وحدات مقاتلة
لكن الصورة تختلف هذه الأيام. فالنساء يحق لهن الالتحاق بأية وحدة عسكرية، شريطة اجتيازهن لاختبارات القبول فيها. وفي الحقيقة، فإن قلة منهن تمكن فعلاً من التأهل للوحدات العسكرية.
“قواعد الانتقاء الطبيعي تنطبق هنا”، تقول قائدة اللواء بورتمان، “فالنساء عادة لسن قويات أو سريعات بما فيه الكفاية”.
تلك القواعد تبدو جلية في ثكنة لابويا في كانتون فريبورغ، حيث تستكمل مجموعة من ثلاث نساء تدريبهن الأساسي كضباط احتياط.
وقفن ثلاثتهن مغروسات في الثلج، الذي وصل إلى ركبهن، في جو بارد كالصقيع، يتدربن مع أربعين من نظرائهم من الذكور على كيفية التعامل مع البنادق.
كل بندقية تزن 5 كيلوجرامات، ورغم ذلك لم يبدو أنهن يعانين من شحن بندقياتهن، وتجهيزها، أو تصويبها.
وقد أعربت إحداهن، فيلشيا أومورا، والتي تعمل كخبيرة في الاتصالات، عن أملها في أن تساعدها الخبرات التي تكتسبها في الجيش في دراستها بالمعهد التقني العالي الفدرالي بزيورخ.
قــوة!
في المقابل، تعترف أومورا بأن قلة القوة العضلية تمثل مشكلة بالنسبة للمجندات من النساء، بيد أنها تؤمن بأنه لا توجد اختلافات واضحة بين الرجال والنساء كجنود.
ومع أنها تشعر بأن بعض المدربين العسكريين لا يحترمون المجندات، إلا أنها تصف في الوقت ذاته العلاقات مع زملائها من الذكور بأنها “جيدة بصفة عامة”.
على صعيد مقابل، تأمل زميلتها زينب كالافا في أن يؤدي تأهيلها كمجندة في الجيش السويسري إلى دعم طلبها في الالتحاق بسلك الشرطة في كانتون زيورخ.
وكان لافتاً أنها أشارت إلى أن النساء حصلن في أوقات ما على امتيازات أكثر من الرجال، إذ تقول “خلال تدريبنا الأساسي في لانجناو، سمح للفتيات بالاستحمام في الداخل، على حين تم إرسال الشباب إلى الخارج لفعل ذلك”.
في الوقت ذاته، أعرب قائد وحدة الإمدادات المقدم بيات ماثيوس عن سعادته بالتقدم الذي أحرزته المجندات. ويقول “هناك نساء أكثر سرعة في الفهم من غيرهن، ولكن هذا أمر مماثل للوضع مع الرجال”، وأكمل قائلاً “أعتقد أن كل هاته المجندات سيصبحن مجموعة جيدة من القائدات”.
قوات لحفظ السلام!
في سياق آخر، يزداد الطلب بصفة خاصة على الجنديات السويسريات للعمل في إقليم كوسوفو، حيث تحتفظ سويسرا بوحدة خاصة بها ضمن قوات حفظ السلام الدولية المتواجدة هناك.
ويواجه المسؤولون في الجيش السويسري منذ فترة تراجعا في طلبات المتقدمين للخدمة في الإقليم، الذي لقي فيه الآلاف من الناس مصرعهم بسبب النزاع العرقي الذي اندلع عام 1999.
وتقول الرقيبة الأولى إيفا زفالين العاملة في إدارة العلاقات العامة بثكنة كازابلانكا في سوفاريكا، التابعة لقوات حفظ السلام السويسرية في إقليم كوسوفو (سويس كوي)، إن تجربتها كانت مثمرة.
وتردف قائلة “أشعر أن هناك مساواة كاملة بين الرجال والنساء في الثكنة. نحن النساء نحُترم لمؤهلاتنا، ووجودنا يعزز من المناخ (الإيجابي) في المعسكر”.
تحيز!
رغم ذلك، لازالت الجنديات يتعرضن للتحيز من العديد من نظرائهم الذكور، الذين لا يستطيعون فهم سبب تطوع المرأة للعمل في الجيش. ومع ذلك تشعر أميرة اللواء بورتمان بأن هناك تقدماً ملموساً تم تحقيقه في مجال المساواة.
في الوقت ذاته تشكك بأن ملف التجنيد الإلزامي للنساء سيتحول إلى موضوع للنقاش السياسي، حيث أن كل اللواتي تقدمن للالتحاق بالجيش السويسري فعلن ذلك بصورة تطوعية، وتقول: “لا يتم تجنيد النساء بصورة إلزامية لأن لدينا ما يكفي لقواتنا النظامية مع وجود نحو 30 ألف مجند جديد كل عام”.
بقي أن نشير إلى أن أميرة اللواء بورتمان ستستمر في مهمتها كممثلة للنساء في الجيش إلى نهاية العام. بعد ذلك، لن يكون من الضروري وجود ممثلة خاصة للجنس اللطيف في القوات المسلحة، وهو تطور يبدو طبيعياً مع تحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.
سويس إنفو
يتلقى الجيش السويسري سنويا نحو 300 طلب من نساء راغبات في الالتحاق بصفوفه.
أربع نساء فقط (من كل المترشحات) يتمكن من التأهل للعمل في الوحدات القتالية للجيش.
معظم النساء المتقدمات يفضلن العمل في وحدات الإمدادات بالجيش.
يوجد في الجيش السويسري 40 جندية محترفة، أعلاهن رتبة تحمل لقب عقيد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.