المطلوب: مزيد من الشفافية!
أضطرّ مارتن إيبنر "إمبراطور" الساحة المالية السويسرية إلى بيع ما تبقّـى من ثروته إلى أحد البنوك في زيوريخ في محاولة لتجنّـب الإفلاس التّـام.
لكن الإنهيار المُدوّي لمملكة إيبنر أثار مجدّدا الجدل حول القوانين المتعلّـقة بضمان شفافية ومصداقية المعلومات التي تنشُرُها الشركات والمجموعات الاستثمارية
قال مارتِن إيبنر، رجل المال والأعمال السويسري المعروف، في حديث صحفي أدلى به إثر إقدامه المفاجئ على بيع إمبراطوريته المالية إلى بنك حكومة زيوريخ إنقاذا لها من الإفلاس، إنه فعل كل ما عليه، من وجهة النظر القانونية.
وجهة النظر هذه أكدتها جهات رسمية وغير رسمية في سويسرا، لكنها راحت تطالب في نفس الوقت بتعديلات قانونية تُـرغم المشاريع والمؤسسات الخاصة على اعتماد أقصى درجات الشفافية فيما تنشر من معلومات وحسابات.
فقد برزت هذه الضرورة على ضوء الرّجّـة القصيرة الأمد – لحسن الحظ – في البورصة السويسرية، نتيجة نبأ تنازل مارتن إيبنر عن مُجمّعاته الأربعة للاستثمارات المعروفة بإسم (Visions) لصالح البنك المحلّي لكانتون زيوريخ، الذي لازال يُصرّ حتى الآن على التكتّـم على تفاصيل هذه الصفقة التي تتضمن رزما عملاقة ومتنوعة من أسهم كبريات الشركات السويسرية والأجنبية.
كما جاءت المطالبة بمزيد الشفافية على خلفية الحملات الدعائية التي نظّـمها مارتن إيبنر سنوات عديدة، ترويجا للاستثمار في الأسهم، كأفضل أداة للادخار والاستثمار.
هذا الترويج حمل أُناسا كثيرين على المشاركة في مُجمّعاته الاستثمارية التي عرفت رواجا كبيرا خلال السنوات السِّمان في البورصة، لكن قيمتها أخذت تذوب في ركب الكساد الاقتصادي والاستثماري، حتى تراجعت اليوم إلى رُبع ما كانت عليه قبل ثلاث سنوات أو أربع.
دوام الكساد.. هو السبب؟!
وترجع نكسة مارتن إيبنر الذي سطع نجمه في سماء البورصة باستراتيجياته الاستثمارية في أواسط التسعينات، إلى أن الانهيار الحالي في البورصات السويسرية والدولية، قد استمرّ فترة أطول من تكهنات أشدّ المتشائمين، دون أن يظهر بصيص من الأمل في توقّـف هذه الحركة نحو الحضيض أو العودة إلى الإرتفاع على الأمد القصير.
من جهة أخرى، تعود أسباب هذا الإنهيار لعدم التوفيق الذي صاحب عددا من الخيارات الأساسية التي راهن عليها إيبنر، وخاصّـة إقدامه على المشاركة في مجموعات مثل شركة أزييا بروان بوفيري “ABB” التي باتت قيمة سهمها عُشر ما كانت عليه في مطلع عام 2000 أو في مجموعة كريدي سويس التي انهارت قيمة أسهمها إلى ثُلث ما كانت عليه في النصف الثاني من نفس العام.
يُضاف إلى هذا الخسائر المسجلة في قيمة استثمارات إيبنر تراوحت ما بين %40 و%68 في عدد من الشركات المحلية والأجنبية، مثل شركة « La Bâloise » للتأمينات وشركةZurich FS للخدمات المالية وTularik وInvestor وغيرها.
وقد أدت هذه النكسات والخسائر الاستثمارية إلى انهيار القيمة الإجمالية لإمبراطورية إيبنر المالية خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام فحسب، من 7 مليارات فرنك سويسري في 1 يناير إلى 3،7 مليار فقط في موفى شهر يونيو الماضي.
وانجرفت مليارات إيبنر مع بليارات الآخرين..
وعلى الرغم من أن مارتن إيبنر حاول منذ أوائل العام الجاري الحدّ من خسائره الجسيمة بتدعيم مجـمّـعاته الاستثمارية عن طريق تثبيت أسعار الأسهم (وذلك من خلال الإقدام على شراء أو بيع رزم منها في البورصة) لكنه استنزف إمكانياته وطاقاته ولم ير حلاّ آخر سوى التخلي عن هذا العبء لصالح البنك المحلي لكانتون زيوريخ الذي حقّـق أرباحا مقبولة رغم صعوبات سنوات الرّكود.
وبالتوازي مع هذه النكسات، ظهرت مشكلة أخرى ذات طابع قانوني، تتمثل في أن مارتن إيبنر وإداراته الاستثمارية، لم يكشفوا النّـقاب تماما عن حقيقة اوضاع استثماراته للمشاركين والمساهمين الذين ظلّوا على يقين، حتى اللحظات الأخيرة، بأن سبب ضعف قيمة حصصهم في مجمعات إيبنر، يعود للضعف العام المسجّـل في البورصة وليس لعوامل أخرى.
على هذه الخلفية، صرح نكلاوس بلاتنر، أحد أعضاء مجلس إدارة البنك الوطني السويسري، أن رجل المال والأعمال إيبنر لم يخالف القانون فيما كان ينشر من معلومات وتفاصيل عن أوضاع مجموعته الاستثمارية.
لكنه أضاف أن انتكاس المجموعة لا يترك مجالا للريبة في أن هنالك حاجة لإعادة النظر في القوانين التي تتحكم في شؤون المشاريع والمؤسسات الخاصة وبشفافية ما يصدر عنها من معلومات وحسابات تتعلّـق بنشاطاتها على وجه العموم.
وكان هذا أيضا جوهر ما قاله وزير الاقتصاد السويسري باسكال كوشبان، لدى نشر أخبار هذه الصفقة، حيث أكد أن الشفافية تظلّ ضرورية لحماية المستثمرين، لكنها لم تكن – على الرغم من التقصير – ضمانة كافية لحماية إمبراطورية إيبنر من الانهيار.
سويس إنفو
تبدو القوانين المعمول بها حاليا في السوق المالية السويسرية قاصرة عن تجنيب المستثمرين مفاجآت غير سارّة مثلما حدث لعدد كبير من الاشخاص الذين وضعوا ثقتهم في مارتن إيبنر الذي انهارت “امبراطوريته” المالية في وقت قياسي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.