المطلوب: وضع اطر واضحة “لمكافحة الارهاب”
يتخوف القائمون في سويسرا على حماية المعطيات الخاصة للمواطنين من أن تؤدي سياسة الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب إلى مخاطر تهدد هيبة القانون.
وتطالب اللجنة الفدرالية لحماية بيانات المواطنين بوضع أطر واضحة لمفهوم مكافحة الإرهاب دون المساس بحريات المواطنين.
يقول هانز بيتر تيور المكلف بملف حماية المعطيات الخاصة بالمواطنين في تقريره السنوي، أن أحداث 11 سبتمبر لم تغير من مفاهيم حماية البيانات الخاصة للمواطنين، ويرى أن استخدام الإدارة الأمريكية تحت رئاسة جورج بوش لمصطلحات مثل “محور الشر” ليس سوى لفرض المزيد من السيطرة على كافة المستويات.
ويضيف هانز بيتر تيور، أن من أمثلة فرض الولايات المتحدة لقوانينها على الغير، مطالبة واشنطن لشركات الطيران من جمع بيانات شخصية جدا عن جميع المسافرين إلى الولايات المتحدة، بداية من التعرف على الهوية الدينية، ووصولا إلى عادات الطعام والشراب وأرقام بطاقات الائتمان البنكية.
وقد وافقت شركة الطيران السويسري سويس مرغمة على الالتزام بالطلبات الأمريكية، على الرغم من إدراكها تماما بأن ذلك مخالف للقوانين السويسرية.
إملاءات من طرف واحد
وفي افتتاحية التقرير السنوي للجنة الفدرالية لحماية المعطيات الخاصة يقول هانز بيتر تيور “إننا سنجد أنفسنا في مواجهة حقيقة ثابتة، وهي أن الولايات المتحدة تريد التستر وراء محاربة الإرهاب لفرض إملاءات على الدول المختلفة، حتى ولو كانت تتعارض مع استقلالية قوانين تلك البلدان”.
لذلك، فلن يكون فرض الحصول على البيانات الخاصة للمسافرين إلى الولايات المتحدة الحالة الوحيدة للتدخل الأمريكي في قوانين الدول الأخرى. وعلى اثر هذا، ترى اللجنة “أن خطرا كبيرا يحدق بالنظام الليبرالي في سويسرا”، وهو النظام الذي يكفل الحرية للأشخاص مع ضمان سرية خصوصياتهم.
بين العقلية “الوقائية” و”هيبة القانون”
ويشير التقرير إلى ما يصفه بـ “العقلية الوقائية” التي بدأت الولايات المتحدة في تطبيقها داخل أراضيها ومحاولة بسطها في الخارج، وهو ما يتعارض مع جميع مقومات حماية المعطيات الشخصية، ويبتعد بمسافات كبيرة عن خصوصية الفرد، وهو في هذه الحالة يهدد أحد أهم الركائز الرئيسية في الدولة السويسرية، أي القانون.
ولا يتعارض هذا الهجوم من قبل لجنة فدرالية لها ثقلها لدى الرأي العام مع الجهود السويسرية في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أن اللجنة تطالب بوضع أطر واضحة وثابتة تجمع بين الهدفين: حماية خصوصيات الأفراد ومكافحة الثغرات التي يمكن أن يتسلل من خلالها الإرهابيون.
وقد رفضت السفارة الأمريكية في برن التعليق على تلك الاتهامات التي وجهها التقرير السنوي للجنة حماية المعطيات الخاصة، بينما أعرب الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية عنه لما جاء فيه، حيث صرح رئيسه يورغ كيللر إلى سويس انفو أن المنظمة قد أشارت من قبل إلى أن مفهوم حماية البيانات الخاصة للمواطنين بات أمرا لا قيمة له لدى السلطات الأمريكية منذ أحداث 11 سبتمبر.
مخاطر محتملة من التقنيات الحديثة
ولم يركز التقرير السنوي للجنة الفدرالية فقط على هذا الملف، بل تطرق إلى عدة مواضيع هامة، مثل سوء استخدام عناوين البريد الإلكتروني من قبل مزودي هذه الخدمات، وعدم وجود الشفافية الكافية في تعاملات المؤسسات التي تصدر بطاقات الائتمان البنكية، واحتمالات تسرب بيانات حول الحالة الصحية للمواطن من خلال بطاقات خاصة بشركات التأمين.
في المقابل، ترى اللجنة أن إعداد رقم قومي لكل مواطن سويسري، ووضع الملامح المميزة لكل شخص في بطاقة هويته خطوات لا بأس بها، إلا أنه لابد للسلطات أن تحدد الهدف منها بشكل أكثر وضوحا، وأن تكون المرحلة الأخيرة التي تلجأ إليها في حال فشل الوسائل الأخرى.
لقد تصاعدت في السنوات الأخيرة أهمية حماية البيانات الخاصة بالمواطنين، لا سيما بعد تزايد استخدام البطاقات الإليكترونية، سواء في البنوك أو المكتبات العامة أو حتى للتسوق والشراء، ناهيك عن ثورة الاتصالات وما صاحبها من تبادل سريع للصوت والصورة، إما عبر شبكة الإنترنت أو الهاتف الجوال الذي يبث الصور، وهو ما يحول الإنسان تدريجيا إلى “كائن رقمي شفاف”، يمكن للأصابع الخفية أن تعرف أدق تفاصيل حياته، وهي الخصوصيات التي يراها كثيرون لا تهم أحدا كي يسعى للتعرف عليها، ولكنها بالنسبة لآخرين بيانات قد تقود إلى شيء ما.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.