جنيف تحتضن مؤتمريْن للحدّ من الملوثات والنفايات الكيميائية
تُضيف المجموعة الدولية في إطار معاهدة ستوكهولم تسع مواد إلى قائمة المواد الكيميائية التي يجب الحد من استخدامها، كما تسعى إلى تقليص مضار بعض النفايات الكيمائية مثل الرصاص أو تلك المترتبة عن النانو تكنولوجيا، أو المستخدمة في صناعة الآلات الإلكترونية.
شهدت مدينة جنيف ما بين الرابع والتاسع مايو الحالي، وضمن مؤتمر ستوكهولم المعني بالملوثات العضوية الثابتة، جهودا حثيثة لإدخال مواد جديدة من الملوثات ضمن قائمة المواد التي يجب إما حظر استعمالها أو الحد من استخدامها نظرا لتأثيراتها المضرة على البيئة والانسان.
ونظرا للتأثيرات الإقتصادية، مدّدت الدول الاعضاء الـ 162 أشغال مؤتمرها الذي احتضنه مركز المؤتمرات في جنيف حتى يوم السبت 9 مايو للاتفاق على قائمة المواد التي يجب الحد من استعمالها.
تسع مواد إضافية
إذا كانت معاهدة ستوكهولم المعنية بالحد من الملوثات العضوية الثابتة، والتي دخلت حيز التطبيق في عام 2004، قد توصلت لحد اليوم إلى فرض حظر على عشرة مواد كيميائية لما لها من تأثير على البيئة، فإن جهود اجتماع جنيف أتاحت إضافة تسع مواد جديدة لهذا الحظر.
وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة آشيم شتاينر في هذا السياق: “لقد تمكنا بعد خمسة أعوام من دخول معاهدة ستوكهولم حيز التطبيق، من إضافة تسع مواد كيميائية جديدة لقائمة المواد التي أجمعت المجموعة الدولية على اعتبارها مواد يجب الحد من استخدامها والتوصل إلى حظرها نهائيا في نهاية المطاف”.
ومن هذه المواد مادة الليندان LINDANE المستخدمة كمبيد حشري، والتي تم استبدالها بمواد أخرى في الزراعة، ولكنها مازالت تستعمل في بعض البلدان كمادة للتخلص من البرغوث.
وقد توصلت البلدان الأعضاء إلى تحديد مهلة خمسة أعوام للقضاء النهائي على استخدام هذه المادة بعد أن كان النقاش الأولي يهدف إلى القضاء عليها نهائيا في غضون عام واحد.
ومن هذه المواد أيضا مادة “بيرفليورو أوكتان سيلفونات” المعروف اختصارا بـ PFOS والمستخدم في العديد من التطبيقات الممتدة من المكونات الإلكترونية إلى السوائل المضغوطة في أجهزة إطفاء الحرائق.
ونظرا لعدم التوصل إلى مواد بديلة لها في بعض التطبيقات التي يصل مردودها السنوي إلى بضعة مليارات، تم الاكتفاء بالحد من استعمالها.
أمر يهـُم صحـّتنا وبيئتنا جميعا!
وحتى إقرار حظر مادة من المواد الكيميائية، لا يعني إنهاء المشكلة نظرا لصعوبة التخلص النهائي منها نتيجة لصعوبة تحللها في الطبيعة.
يضاف إلى ذلك أنها مواد قابلة للتنقل عبر الهواء وعبر السلسلة الغذائية إلى عدة مناطق من العالم، إذ يقول الأمين العام من معاهدة ستوكهولم، دونالد كوبر: “إن هذه المواد قادرة على عبور الحدود، وهي متواجدة في كل مكان من المناطق الحارة حتى المناطق القطبية، وهي قادرة على الاستمرار لفترة أطول نظرا لصعوبة تحللها في الفضاء الخارجي، وبإمكانها أن تتركز في جسم الإنسان في السلسلة الغذائية، مما يجعلها تؤثر في القدرة على الإنجاب، وفي القدرات الذهنية والنمو، وقد تتسبب في أنواع من مرض السرطان”.
وقد سارعت سويسرا التي انضمت لمعاهدة ستوكهولم في 30 يوليو 2003 للتعبير عبر بيان أصدره المكتب الفدرالي لحماية البيئة إلى “الترحيب بإضافة هذه المواد الملوثة التي يصعب تحللها في الطبيعة، لقائمة المحظورات لأن ذلك يرسم الطريق بوضوح في اتجاه حماية البيئة وصيانة صحة الإنسان”.
مشكلة النفايات الكيميائية
ولمعالجة موضوع النفايات الكيميائية، تحتضن جنيف من 11 إلى 15 مايو الجاري المؤتمر الثاني للدول الأعضاء في الخطة الاستراتيجية لمعالجة دولية للمواد الكيميائية.
هذا التجمع الذي تحتضن جنيف سكرتاريته – بعد أن احتضنت دبي أول مؤتمر له في عام 2006 – سيعمل من خلال مشاركة حوالي 800 مندوب بمن فيهم ممثلي 140 دولة “على مناقشة التأثيرات المضرة على البيئة وعلى صحة الإنسان لتطبيقات مثل النانو تكنولوجيا، والأجهزة الإلكترونية، ومادة الرصاص المتواجدة في الصباغة، والمواد الكميائية الأخرى المتواجدة في تطبيقات الاستخدام اليومي”.
وكما أوضح المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة السيد آشيم شتاينر “يشكل اجتماع جنيف فرصة فريدة بالنسبة للمجموعة الدولية من أجل مناقشة الأخطار المترتبة عن التكنولوجيا الجديدة والتي تهدد البيئة وصحة الإنسان”. وكانت المجموعة الدولية قد حددت حتى عام 2020 مهلة للحد من استعمال المواد الكيميائية الأكثر خطورة.
افتقار الدول النامية للتكنولوجيا
إضافة الى الطابع غير الإلزامي لقرارات هذه المؤتمرات، فإن المشكلة الكبرى التي تعاني منها الدول النامية هي عدم امتلاك الوسائل التكنولوجية الكفيلة بتحديد المواد المضرة، سواء بالبيئة أو بصحة الإنسان، “لأن المواد الكيميائية”، كما جاء في بيان المؤتمر “توجد حتى حيث لا تتوقعون وجودها”.
وبتعاظم نفايات الآلات الالكترونية، التي تُسوق لبلدان العالم النامي، إما لإستخدامها مرة أخرى أو لتفكيكها، يتفاقم تركيز بعض المواد المضرة التي تحتوي عليها أجهزة الكمبيوتر أو الثلاجات أو آلات الغسيل ومصابيح النيون وغيرها. وتشير تقديرات إلى أن النفايات الالكترونية تعتبر النفايات التي تعرف زيادة كبرى سنوية بحيث قد تصل قريبا إلى حدود 50 مليون طن سنويا.
وما هو أخطر احتواء هذه النفايات الالكترونية على مواد صعبة التحلل في الطبيعية مثل المعادن الثقيلة، كالرصاص والنيكل والكروم والزئبق، أو مواد عضوية مثل البوليكلورينيتد بيفينيل PCBs، وسوائل إطفاء الحرائق المحتوي على البروم BFRs.
وتكمن مشكلة الدول النامية في عدم امتلاك برامج معالجة النفايات قادرة على معالجة مثل هذه النفايات، ولا حتى نظم إشعار قادرة على توعية الجمهور بالمخاطر الناجمة عن تلك المواد.
محمد شريف- جنيف- swissinfo.ch
كشفت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة يوم الأربعاء 6 مايو 2009 عن مخطط للقضاء النهائي على مادة “دي دي تي DDT” في العالم، بحلول عام 2020، واستبداله تبعا لذلك بمادة محافظة على البيئة.
فهذه المادة التي لا زالت مستخدمة لمحاربة البعوض المتسبب في مرض الملاريا في العديد من الدول، تم تصنيفها من قبل معاهدة ستوكهولم ضمن المواد الكيميائية السامة المحظورة.
ولهذا الغرض، تم الشروع في تطبيق عدة مشاريع في 40 بلدا من بلدان إفريقيا وشرق حوض البحر الأبيض المتوسط وشرق آسيا، بعد أن سمح برنامج تجريبي بتراجع ملموس في نسبة الإصابة بالملاريا في المكسيك ودول أمريكا اللاتينية.
ويهدف مخطط الأمم المتحدة إلى تراجع الطلب على مادة “دي دي تي” بحوالي 30% من الآن حتى العام 2014، على أن يتم التخلي عنها نهائيا في عام 2020.
وكانت معاهدة أممية قد فرضت في عام 2001 حظرا على استخدام مادة DDT بعدما اكتُشف أنها قد تسبب ضررا بجهاز المناعة لدى الإنسان. لكن نظرا لنجاعة التصدي للبعوض المتسبب في مرض الملاريا تم السماح بمواصلة اإستخدام في بعض البلدان.
ومن المفارقة أن السويسري بول هيرمان موللر مكتشف مادة “دي دي تي”، حصل على اكتشافه هذا في عام 1948 على جائزة نوبل للطب لما لهذه المادة من فعالية في محاربة البعوض وحشرات أخرى.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.