انهيار ائتلاف إسرائيل الحكومي بعد اصطدامه بواقع الصراع المعقد مع الفلسطينيين
كان يُفترض أن تتجنّب حكومة نفتالي بينيت، وهي الوحيدة في تاريخ إسرائيل التي دعمها حزب عربي وتم تشكيلها للإطاحة برئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو، إثارة القضايا الخلافية، لكن في نهاية المطاف تعثرت بسبب واقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المعقد.
وحاليًا، تتوجه الدولة العبرية إلى انتخابات في الخريف هي الخامسة خلال أقل من أربع سنوات الأمر الذي يهدد بتوسع دائرة الانقسامات بين أحزاب الائتلاف الثمانية.
الثلاثاء وافقت لجنة برلمانية على طلب تسريع إجراءات مشروع قانون قدمه اثنان من أعضاء الائتلاف يقترح حل الكنيست سيطرح للتصويت الأربعاء في قراءة أولى، على أن “تجري الانتخابات في غضون 90 يوما من المصادقة على القانون”.
قبل حصوله على الموافقة النهائية، سيعرض مشروع القانون على لجنة مختصة، ويلي ذلك ثلاث قراءات إضافية قبل اعتماده.
ويتوقع مراقبون ان يكافح رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو للعودة ولو جزئيا إلى الحكومة مستغلا الانقسامات بين الأحزاب اليهودية اليمينية والعربية الإسرائيلية التي نجحت في الاستمرار لعام كامل.
في حزيران /يونيو 2021 وبعد أكثر من عامين من أزمة سياسية قادت إسرائيل إلى أربع انتخابات، أعلن زعيم اليمين المتطرف نفتالي بينيت والزعيم الوسطي يائير لبيد تشكيل ائتلاف بين تشكيلات متباعدة أيديولوجيا للإطاحة ببنيامين نتانياهو الذي أمضى 12 عاما متتالية في الحكم ويُتهم بالفساد في سلسلة من القضايا.
اتحد بينيت ولبيد “ضد بيبي”، لقب بنيامين نتانياهو، وأبرما اتفاقا مع أحزاب أخرى يسارية ويمينية ووسطية الى جانب القائمة العربية الموحدة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل.
وكانت رسالة الحكومة الجديدة هي محاولة “جمع” كل أفراد المجتمع الإسرائيلي و”تجنّب” الموضوعات التي تفرّق بينهم ومنها ملف الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة، إحدى العثرات الرئيسية لتسوية النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني.
وأمضى التحالف الصيف الماضي ما يشبه فترة شهر عسل، وتمكن في الخريف من تمرير أول موازنة للدولة منذ أكثر من عامين. لكن في الربيع، بدأ يتفكّك على خلفية مواجهات بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة.
وأقدمت القائمة العربية الموحدة حينها على “تجميد” دعمها للحكومة.
– عثرة الاستيطان –
في بداية حزيران/يونيو، تعرض الائتلاف الحاكم لنكسة بعدما رفض النواب العرب في الائتلاف تمديد سريان القانون الإسرائيلي الذي ينص على اعتبار المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة منذ 1967 الذين يبلغ عددهم 475 ألفا، إسرائيليين لديهم الحقوق نفسها لسكان إسرائيل، وهو ما يرفضه نواب اليمين في الائتلاف.
وكان هذا القانون يجدَّد تلقائيا كل خمس سنوات. وسقط التجديد في القراءة الأولى، وفي حال عدم المصادقة عليه بحلول الأول من تموز/يوليو، لن يحصل أكثر من 475 ألف مستوطن إسرائيلي على الحقوق نفسها التي يتمتع بها بقية الإسرائيليين ومنها حق التصويت.
ورفض بنيامين نتانياهو أيضا دعم الحكومة في تجديد القانون الذي يؤيده حزبه الليكود بقوة بهدف إضعافها وإبراز الانقسامات داخل الائتلاف الذي لم يعد لديه دعم داخلي كاف لتمرير قانون أساسي.
واتهم نتاياهو (72عاما) الائتلاف الحكومي “بالاعتماد على دعم الإرهاب” و”التخلي عن الطابع اليهودي لإسرائيل”، قائلا “من الواضح للجميع أن الحكومة الأفشل في التاريخ أنهت مسارها … هناك غالبية يمينية في الكنيست، لكن البعض فضلوا التحالف مع حزب عربي بدلا مني. … أنا لا أشكل تحالفا مع منصور عباس”، رئيس القائمة العربية الموحدة.
– “اليهود ضد العرب” –
ولعدم قدرته على تمرير هذا القانون، اعلن نفتالي بينيت الاثنين أن حكومته ستصوت على حل البرلمان للسماح بتمديد القانون تلقائيًا والذي كان من المقرر تجديده بحلول 30 حزيران/يونيو. وبخلاف ذلك، قد يخسر المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية الحماية القانونية بموجب القانون الإسرائيلي.
يقول المحلل السياسي أفيف بوشينسكي المسؤول السابق في مكتب نتانياهو، “اعتقد جزء من اليمين في إسرائيل أن وجود عرب إسرائيل في الحكومة ربما يكون تجربة مثيرة للاهتمام، لكن الثمن النهائي الذي تعيّن دفعه كان باهظًا للغاية”.
ويضيف “إنهم (عرب إسرائيل) يريدون أكثر مما كنا مستعدين لتقديمه لهم. إذا فاز اليمين في الانتخابات، سيبقى منصور عباس في المعارضة وقد لا يتم حتى انتخابه”، إذ إن العديد من الناخبين العرب يأخذون عليه أنه عقد اتفاقا مع حكومة إسرائيلية.
وكتبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الأكثر مبيعًا في عنوانها الرئيسي الثلاثاء “ينبغي أن يكون أحد المحاور الرئيسية للحملة الانتخابية المقبلة ما يلي: اليهود ضد العرب”.
– “خيانة” –
وأضافت “سيقول الليكود إن ضمّ حزب عربي إلى الائتلاف كان خطيئة لا تغتفر، وخيانة للبلاد. استطلع الليكود آراء الإسرائيليين اليهود وتبين أن هناك نوعا من الكراهية أو الرغبة في الانتقام من كلّ هذه الأقلية” التي تشكّل حوالى 20 في المئة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9,6 ملايين.
وقالت المحللة داليا شيندلين إن هناك درسًا يمكن تعلمه من التحالف الحكومي المتنوع، وهو أنه “في النهاية، لا تستطيع أي حكومة تنحية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جانباً”.
وتابعت “أعتقد أن منذ البداية، كان نتانياهو، وهو سياسي محنك، يعلم أن هناك أشياء كثيرة يمكن أن يتفق عليها الائتلاف، لكن هناك شيء واحد كبير يقسمه، وهو الاحتلال والصراع، وحاول نكئ هذا الجرح”.