“بروتوكول كيوتو” يدخل حيز التطبيق
تحتفل المجموعة الدولية في 16 فبراير بدخول "بروتوكول كيوتو" حيز التطبيق، وهو الاتفاق الرامي إلى تخفيض نسبة الإصدارات الغازية المؤثرة في ظاهرة الاحتباس الحراري حتى عام 2012.
وفيما تواجه العديد من الدول مشاكل كثيرة لتطبيق ما تعهدت به، تنادي بعض الأصوات بضرورة التفكير بجدية في التزامات ما بعد عام 2012.
تستعد المجموعة الدولية للاحتفال بدخول “بروتوكول كيوتو” حيز التطبيق في السادس عشر فبراير الجاري، وذلك بتنظيم احتفال رسمي تشارك فيه الأطراف الموقعة، بالمدينة اليابانية التي شهدت بلورة الاتفاق الدولي.
وهو الاتفاق الذي ينص على ضرورة التزام الدول الموقعة، من هنا حتى العام 2012 بتخفيض نسبة إصدار ست غازات مؤثرة في ظاهرة الاحتباس الحراري، عما كانت عليه في العام 1990، وهي ثاني أكسيد الكربون، والميتان وبروتو كسيد الآزوت وثلاث غازات يدخل الفلور في تريكبها.
وفي الوقت الذي سيتم اعتماد بروتوكول كيوتو رسميا ضمن الندوة الثالثة لمنظمة الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية المنعقد بالمناسبة بمدينة كيوتو، ستحاول منظمات المجتمع المدني المدافعة عن البيئة، جلب الانتباه الى بقاء الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول مثل أستراليا بعيدة عن الاتفاق البيئي رغم إسهامها بقسط وافر في تلويث المحيط.
تحديات التطبيق
سويسرا من بين 141 دولة التي وقعت على بروتوكول كيوتو والمتسببة في حوالي 60 % من مجموع الإصدارات الغازية في العالم. ولكنها كالعديد من هذه الدول تواجه جدلا داخليا بين مختلف مكوناتها حول كيفية تطبيق ذلك على أرض الواقع لتخفيض نسبة الإصدارات بحوالي 8% وفقا للالتزام.
فقد التزمت سويسرا بتخفيض نسبة إصدار غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 10% عما كان عليه في العام 1990. كما التزمت بتخفيض نسبة إصدارات زيوت التدفئة بحوالي 15% وإصدارات محروقات المحركات بحوالي 8%.
ويقول اندريا بوركهارت من الوكالة السويسرية لحماية البيئة، أن “تخفيض نسبة الإصدارات في قطاع عمومي مثل وسائل النقل يعتبر أمرا غير محبب لدى الجمهور”. لذلك يرغب البرلمان السويسري في تحديد برنامج للتخفيض يسمح بتوزيع عبء التخفيض على كل القطاعات.
وكانت سويسرا قد نجحت إلى حد كبير في ترك المجال طوعيا بحيث تسمح للمؤسسات التي تسهم في تخفيض نسبة الإصدارات بالاستفادة من بعض الإعفاءات الضريبية . وأمام تعذر تطبيق كل الالتزامات بالطريقة الطوعية نظرا لمعارضة بعض القطاعات مثل النقل والبناء، ترغب الحكومة في الشروع في مرحلة ثانية مما يسمى بقانون ثاني أكسيد الكربون.
ويرى السيد بوركهارت “إذا لم نتمكن من تحقيق أهداف كيوتو في الموعد المحدد، فستضطر الحكومة إلى فرض رسوم على المحروقات الأحفورية، وسيتوقف حجم هذه الرسوم على مدى ما يفصلنا عن تحقيق التزامات بروتوكول كيوتو”.
وعلى غرار دول أخرى يدور جدل حاد بين الشركاء الاقتصاديين والمدافعين عن البيئة في سويسرا حول كيفية التوصل إلى تطبيق التزامات بروتوكول كيوتو دون المساس بالانتعاش الاقتصادي.
ما بعد كيوتو
وفي الوقت الذي تناقش فيه كيفية تحقيق أهداف بروتوكول كيوتو على المستوى الوطني، وممارسة بعض الضغط لدفع دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية للانضمام إلى أدنى ما نص عليه هذا البروتوكول، بدأت أصوات ترتفع للمطالبة بالذهاب إلى أبعد من ذلك لتحقيق انخفاض فعلي وملموس في مستوى الغازات المؤثرة في ظاهرة الاحتباس الحراري.
إذ يعتبر خبير مصلحة حماية البيئة السويسرية بيات نوبس أن “بروتوكول كيوتو هو حل وسط ولا ينظر له إلا على أنه خطوة مرحلية هامة”. أما فورتونات جوس الباحثة في جامعة برن فترى أن “على المجموعة الدولية أن تناقش إستراتيجيات تخفيض أكثر صرامة إن هي أرادت تحقيق الأهداف المحددة في معاهدة الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية لعام 1992.”
وتضيف السيدة جوس “إذا ما أردنا التوصل إلى استقرار في مستوى ثاني أكسيد الكربون علينا تخفيض نسبة الإصدارات إلى أكثر مما نص عليه بروتوكول كيوتو، وهذا يتطلب إشراك الدول النامية في العملية”.
وسواء تعلق الأمر بكيفية إشراك الدول النامية، المعفاة من الجهود الحالية، أو الدول الصناعية التي امتنعت عن الانضمام لحد الآن مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تصدر لوحدها أكثر من ربع كل الغازات المضرة بالمحيط، هذا ما سيكون محط نقاش خلال الأشهر القادمة في مدينة بون الألمانية للتوصل إلى اتفاق حول الخطوات القادمة بعد دخول برتوكول كيوتو حيز التطبيق.
ولكن بالنظر إلى تعقيدات تحقيق وعود كيوتو، وبالنظر إلى تشدد بعض الدول مثل الولايات المتحدة في العودة إلى الإجماع الدولي في هذا الميدان، ينصح العديد من الخبراء بعدم الإفراط في التفاؤل.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.