بعد فتح معبر رفح: “مصر لن تصمد كثيرا أمام إسرائيل وأمريكا”
توقع الخبير القانوني والمحلل السياسي الدكتور عبد الله الأشعل، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصرية أن يكون القرار المصري بالسماح للفلسطينيين المحاصرين من أهالي غزة بعبور الحدود المصرية لشراء احتياجاتهم الضرورية من الغذاء والدواء، قد "تم بمباركة أمريكية".
وأشار الدكتور الأشعل في تصريحات خاصة لسويس إنفو إلى أن القرار جاء لإدراك الأمر “قبيل وقوع انفجار الغضب على الحدود المصرية”.
وقال السفير الأشعل في حوار خاص لـسويس إنفو: المتابع للتصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، التي قالت فيها: “لابد أن يكون هناك توازن بين الأمن الإسرائيلي والاعتبارات الإنسانية”، يستطيع أن يدرك أن هناك “موافقة ضمنية من الإدارة الأمريكية لمصر بفتح معبر رفح إذا وصلت الأمور إلى مرحلة الغليان وقبل أن يقع بركان الغضب الفلسطيني”.
واستبعد الأشعل أن تستمر مصر في فتح المعبر أمام الفلسطينيين، وذلك لوجود اتفاقية دولية وقعت عام 2005 تلتزم مصر بموجبها بعدم فتح المعبر أمام الفلسطينيين إلا بحضور ممثل للاتحاد الأوروبي، وأخر للسلطة الفلسطينية، وثالث من الجانب المصري، مرجعا سماحها لهم بالمرور فجر الأربعاء 23 يناير الجاري إلى “البعد الإنساني”.
وأوضح الأشعل أن هناك الآن لحظة تاريخية لمصر “يمكن من خلالها أن تستعيد ريادتها للمنطقة، وأن تعود من جديد وبقوة لإدارة الملف الفلسطيني الذي أوشكت الإدارة الأمريكية أو كادت أن تسلمه لدولة عربية أخرى”، ملمحا إلى أن زيارة “الترانزيت” الأخيرة للرئيس بوش إلى مصر والتي لم تتجاوز ثلاث ساعات مثلت إشارة أمريكية لتهميش الدور المصري في حل المشكلة الفلسطينية.
سويس إنفو: بماذا تفسر تصرف بعض المسلحين الفلسطينيين بتفجير خمس قنابل على الحدود بين قطاع غزة ومصر، مما أحدث ثغرات كبيرة في الجدار الحدودي الفاصل، أتاح لهم العبور، والتدفق بالمئات نحو مدينة رفح، ومنها إلى مدينة العريش القريبة؛ لشراء احتياجاتهم؟
السفير عبد الله الأشعل: مصر لا تريد أن تثير مشاكل مع إسرائيل، لكنها في الوقت ذاته تواجه ضغطا عصبيا وإنسانيا مكثفا إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون من حصار متعمد وخانق، فعندما اقتحمت أعداد كبيرة معبر رفح غير حاملة للسلاح أو ما يهدد مصر لم تجد مصر بدا من أن تسمح لهم بشراء ما يحتاجون.
لكن مصر سمحت لهم بذلك انطلاقا من البعد الإنساني، رغم علمها أنه بموجب اتفاقية عام 2005 لا يمكن لمصر أن تفتح معبر رفح إلا بحضور ممثل للاتحاد الأوروبي، وأخر للسلطة الفلسطينية، وثالث من الجانب المصري.
والمؤسف أن موقف الاتحاد الأوروبي كان متخاذلا ومتواطئا مع إسرائيل، حيث لم يرسلوا مندوبا رغم ما يعلمونه من الحصار وقطع الكهرباء، ومنع دخول الإمدادات الغذائية والدوائية، فلم يكن أمام مصر سوى التغاضي عن النصوص لحماية النفوس التي تموت يوما بعد يوم، فالأمر الواقع فرض نفسه، ومصر تعاملت مع الموقف من بعد إنساني فلم تعترض على دخولهم لمدينة رفح والعريش لأخذ مستلزماتهم من الغذاء والدواء.
سويس إنفو: وجدت مصر نفسها مضطرة لفتح معبر رفح لتخفيف الحصار المضروب على قطاع غزة.. فهل يمكن أن تتخذ مصر هذا القرار الجريء رغم ما يمكن أن يترتب عليه من توتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية؟
السفير عبد الله الأشعل: إسرائيل الآن تدرس هذه التطورات، وتعد سيناريوهاتها في حالة سماح مصر بفتح المعبر والمشاركة في فك الحصار المفروض على الفلسطينيين منذ عدة أشهر، فهذا الوضع سوف يفشل خطط إسرائيل الرامية إلى خنق “حماس” بالحصار الشديد، لدفع أهالي غزة إلى التخلي عن دعم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ومن ثم يتم التعامل مع أهالي غزة فيما بعد مثلما تتعامل الآن مع اهالى الضفة الغربية.
سويس إنفو: لكن ماذا عن موقف الأمريكان ؟
السفير عبد الله الأشعل: اعتقد الآن الأمريكان يهمهم التنفيس عن المحاصرين في غزة، وألا يصل الوضع الراهن إلى أزمة، وقد بدا ذلك واضحا من تصريحات كونداليزا رايس الأخيرة التي قالت فيها: لابد أن يكون هناك توازن بين الأمن الإسرائيلي وبين الاعتبارات الإنسانية.
وفى هذا التصريح من وزيرة الخارجية الأمريكية موافقة ضمنية لمصر بفتح معبر رفح عندما يصل الأمر إلى درجة لا يمكن تحملها، بل يمكننا أن نقول أن سماح مصر لأهالي غزة تم بمباركة أمريكية.
سويس إنفو: ولكن هل يمكن أن يؤدي مثل هذا القرار المصري إلى مناوشات مصرية إسرائيلية على الحدود؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتطور هذه المناوشات؟
السفير عبد الله الأشعل: إسرائيل تدرس الآن الموقف، وهي بلا شك تبدى قلقها من فتح معبر رفح، وأتوقع حدوث احتكاك بين مصر وإسرائيل في الفترة المقبلة، ولذلك على وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم المقبل أن يدعموا موقف مصر، فهي الدولة العربية الوحيدة القادرة على معالجة الأزمة بما تعنيه الكلمة من حصار مفروض على الشعب الفلسطيني، وليس مجرد توصيل المعونات فقط لأهالي غزة.
سويس إنفو: لاحظ مراقبون أن واشنطن همشت دور مصر في إدارة الملف الفلسطيني في الفترة الماضية كما أن زيارة بوش الأخيرة إلى مصر لم تزد عن 3 ساعات.. فهل يمكن أن تستثمر مصر هذه الفرصة للعودة بقوة إلى إدارة الملف الفلسطيني وإثبات وجودها عربيا؟
السفير عبد الله الأشعل: مصر الآن لديها فرصة ذهبية لاستعادة ريادتها للمنطقة، بأن تثبت نفسها في مواجهة الصلف الإسرائيلي، وبأن تتصدي لما تمارسه من عدوان يومي ومستمر على حقوق الشعب الفلسطيني، بل وعلى الأمة العربية، وكذلك بأن تثبت نفسها في إدارة الملف اللبناني.
يمكن لمصر من خلال هذه المواقف أن تستعيد مكانتها مرة أخرى باكتساح، وأن تحظى بتقدير العرب شعوبا وحكاما، وسوف يتراجع موقف السعودية خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن مصر دولة ذات وزن كبير وفاعل رئيسيي في المنطقة، وهو دور لا يمكن أن تلعبه دولة مثل المملكة العربية السعودية.
لكنني أرى أن مصر للأسف الشديد ليس لديها الرغبة في أن تلعب دور الريادة في المنطقة، وأمريكا لم تحد من نفوذها وإنما كان هناك رغبة أمريكية وإسرائيلية لتغييب الدور المصري، لان مصر عندما تظهر على الساحة تلعب في عكس اتجاه الإرادة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، بينما المملكة العربية السعودية محكومة وحركتها يسهل تحديدها.
سويس إنفو: هل تعتقد أنه بإمكان مصر أن ترد على القرارين السلبيين الأخيرين الصادرين عن الكونغرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي بفتح معبر رفح أمام المحاصرين في غزة؟
السفير عبد الله الأشعل: من الصعب فتح معبر رفح، وكل ما فعتله مصر هو مجرد التنفيس عن المحاصرين من أهالي غزة، وذلك خشية الانفجار، تماما مثلما نفعل عندما يصل الماء لدرجة الغليان في الإناء، فإننا ترفع الغطاء حتى لا يحدث الانفجار.
سويس إنفو: من خلال خبرتكم الدبلوماسية الطويلة في الخارجية المصرية، كيف ستتعامل مصر مع الأزمة؟ وما هي رؤيتكم لما يمكن أن تسفر عنه الأحداث في المستقبل القريب؟
السفير عبد الله الأشعل: في تقديري أن مصر لن تصمد كثيرا أمام إسرائيل وأمريكا اللتان سوف تضغطان على مصر لغلق المعبر بشكل كامل مرة أخرى، وهو ما سيعقبه حتما انفجار في غزة، ربما يتسبب في انفجار أكبر على الحدود المصرية، لا يحمد عقباه، فمصر دائما تضطر في النهاية إلى مواقف غريبة.
سويس إنفو: في تقديركم ما هو المطلوب اليوم من الدول العربية في هذه اللحظة التاريخية الحرجة؟
السفير عبد الله الأشعل: المطلوب باختصار شديد هو دور عربي واضح، يتصدى للمشروع الصهيوني قولا واحدًا، كما يتصدى للموقف الأمريكي المُهين والظالم، ويقدم مساندة مادية ودبلوماسية للشعب الفلسطيني, ويضع إسرائيل أمام مسؤوليات الدولة المحتلة، ويلزمها بأن تحدد الهدف الحقيقي لها في فلسطين.
والمشكلة التي يجب أن ننتبه إليها هي أنه حتى عام 2002، كان العالم العربي يفخر بمساندته للمقاومة الفلسطينية، واحتضانه للقضية الفلسطينية, أما اليوم فالكل يتراجع عن تقديم الدعم خشية أن يتهم بدعم ما تسميهم واشنطن “الإرهابيين”. مطلوب أن يعود العالم العربي مرة أخرى إلى هذا الموقف الداعم؛ لأن انتزاع القضية من حضن العالم العربي، هو الذي أدى إلى وصولها إلى هذا الدرك السحيق من الانهيار.
أجرى الحوار في القاهرة: همام سرحان
القدس (رويترز) – القدس (رويترز) – قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الاسرائيلية ان اسرائيل تريد قطع صلاتها الباقية مع قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بعد أن فجر نشطاء أجزاء من الحاجز الحدودي بين القطاع ومصر.
وسحبت اسرائيل التي احتلت قطاع غزة عام 1967 قواتها ومستوطنيها من القطاع عام 2005 ولكنها ما زالت تسيطر على حدوده الشمالية والشرقية ومجاله الجوي وسواحله وتفرض حصارا عليه تقول انه يهدف الى انهاء الهجمات الصاروخية التي يشنها النشطاء الفلسطينيون على جنوب اسرائيل.
وقال ماتان فيلناي نائب وزير الدفاع لراديو الجيش الاسرائيلي ان اسرائيل تريد أن تقطع صلاتها تماما مع غزة من خلال تسليم مسؤولية امدادات الكهرباء والماء والدواء لجهات أخرى. وقال مسؤول أمني اسرائيلي ان على مصر تولي هذه المسؤولية. وأضاف فيلناي “علينا أن ندرك أنه عندما تكون غزة مفتوحة على الجانب الاخر فاننا نفقد المسؤولية عنها. لذا نريد الانفصال عنها.”
وقال متحدث باسم حماس التي سيطرت على قطاع غزة في يونيو حزيران بعد اقتتال مع حركة فتح التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ان اسرائيل لا تعفى من المسؤولية بما أن قطاع غزة ما زال “أرضا محتلة”.
وقال مساعد لعباس ان هذه الفكرة الاسرائيلية قد تهدف الى قطع غزة تماما والى الابد عن الضفة الغربية المحتلة.
وفجر نشطاء يوم الاربعاء 23 يناير 2008 أجزاء من الحاجز الحدودي الذي يفصل بين قطاع غزة ومصر في بلدة رفح حيث تتمركز القوات المصرية مما سمح لعشرات الالاف من الفلسطينيين بالتدفق على رفح للتزود بالمواد الغذائية.
واستمر مئات الفلسطينيين في التنقل بين جانبي الحدود يوم الخميس 24 يناير. وقال متحدث باسم حماس ان الحركة دفعت رواتب 16 ألفا من موظفي الحكومة قبل الموعد المفترض وقدمت مساعدات لنحو 8500 مزارع حتى يمكنهم التسوق.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 24 يناير 2008)
أين تقع غزة؟
– غزة شريط قاحل على الحافة الجنوبية الشرقية للبحر المتوسط يبلغ طوله نحو 45 كيلومترا وعرضه عشرة كيلومترات. وتحد القطاع إسرائيل من الشمال والشرق وشبه جزيرة سيناء المصرية من الجنوب.
تاريخ القطاع:
– غزة منطقة مأهولة بالسكان بصورة متصلة منذ أكثر من 3000 عام. وكانت ملتقى للحضارات القديمة وتمثل نقطة إستراتيجية على البحر المتوسط.
– خضعت غزة للإمبراطورية العثمانية لمئات السنين حتى الحرب العالمية الأولى عندما وضعت تحت الانتداب البريطاني مع بقية فلسطين. وخضعت للحكم المصري عام 1948 خلال الحرب التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل.
– زاد عدد سكان غزة لثلاثة أمثاله عامي 1948 و1949 عندما قدم إليها حوالي ربع اللاجئين المهجرين من مناطق هي الآن جزء من دولة إسرائيل وكان يقدر عددهم بمئات الآلاف.
– استولت إسرائيل على غزة في حرب 1967 وأنهت وجودها العسكري بها في سبتمبر أيلول 2005 عندما سحبت 8500 مستوطن يهودي من 21 جيبا بعد حكم عسكري دام قرابة أربعة عقود.
– استأنفت إسرائيل العمليات البرية في يونيو حزيران 2006 بعد أن عبر نشطاء من غزة الحدود وأسروا جنديا إسرائيليا مازال محتجزا إلى الآن.
– بعد مرور عام وفي يونيو حزيران 2007 سيطر مقاتلو حماس على قطاع غزة في قتال مع قوات حركة فتح مما تسبب في إغلاق معابر رئيسية. وحذرت وكالات الإغاثة من تزايد المصاعب بالنسبة للسكان العاديين.
– في الآونة الأخيرة أغلقت إسرائيل حدودها مع غزة مما تسبب في قطع إمدادات الوقود عن محطة الكهرباء الرئيسية ومحطات البنزين بالقطاع ووقف شحنات المساعدات بما فيها الإمدادات الغذائية وغيرها. وأثار الإغلاق قلقا دوليا من حدوث كارثة إنسانية في غزة. وقالت إسرائيل إن الحصار محاولة لوقف الهجمات الصاروخية عليها.
الحياة في غزة:
– يعيش نحو 1.5 مليون فلسطيني في غزة أكثر من نصفهم من اللاجئين الذين شردتهم الحروب السابقة مع إسرائيل وأبنائهم. وغزة واحدة من أعلى مناطق الكثافة السكانية ومعدلات النمو السكاني في العالم.
– غالبية سكان غزة يعيشون على أقل من دولارين في اليوم. وتضرر الاقتصاد الفلسطيني بشدة بسبب عمليات الإغلاق الأمنية للقطاع من جانب إسرائيل والتي تعرقل التجارة عبر الحدود وتحد من فرص العمل وكذلك بسبب العقوبات التي فرضها الغرب بعد تولي حركة حماس السلطة في أوائل عام 2006 .
– أصبح نظام الصرف في غزة هو أحدث ضحية للعقوبات الإسرائيلية الرامية لإيقاف شن هجمات صاروخية من القطاع. وقال مسؤولون في مرفق المياه الفلسطيني إن أكثر من نصف سكان غزة لم تكن لديهم مياه جارية هذا الأسبوع.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 23 يناير 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.