تحديات الأمن و”انقلاب”.. في انتظار المالكي
يحتاج نوري كامل المالكي، رئيس الوزراء العراقي المكلف إلى أقل من شهر واحد لكي يشكّـل حكومة وحدة وطنية.
وإذا نجح المالكي في عبور تحدي تشكيل حكومة وحدة وطنية بأسرع ما يمكن خلال أيام وليس أسابيع، وتمرير حكومة سلسة دون صعوبات، فإن ذلك قد يعني أن المعادلة العراقية الصعبة ستشهد انفراجة للخارطة المعقدة.
يحتاج نوري كامل المالكي، رئيس الوزراء العراقي المكلف إلى أقل من شهر واحد لكي يشكّـل حكومة وحدة وطنية توازن بين الاستحقاق الانتخابي، ورديفه الوطني الصعب في معادلة العراق الجديد، ليصبح بعدها وجها لوجه أمام تحديات جسيمة، أبرزها الأمن وحل المليشيات!
وإذا نجح المالكي في عبور تحدي تشكيل حكومة وحدة وطنية بأسرع ما يمكن خلال أيام وليس أسابيع، وتمرير حكومة سلسة دون صعوبات، فإن ذلك يعني أن المعادلة العراقية الصعبة ستشهد انفراجة للخارطة المعقدة وتضاريس الجغرافية السياسية المفتوحة على أكثر من صعيد، لكن ذلك لا يعني حل كل الأزمات السياسية في العراق.
المرحلة المقبلة من عمر العراق الجديد وهو يُـدشن عهد أول حكومة عراقية دائمة بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، ستكون الأكثر تأثيرا في حياة هذا البلد السياسية، وهي التي ستحدد ما إذا كان العراق سيعود إلى موقعه ودوره الإقليمي أم لا.
فمن أزمة المناصب السيادية، وهي الرئاسة ورئاسة البرلمان وحسم عقدة رئاسة الوزراء، إلى تشكيل الحكومة المقبلة، تبقى أمام المالكي مهمة تشكيل حكومة يريدها العراقيون تنقلهم إلى بر الأمان.
وفي زيارته إلى النجف الأشرف للقاء المرجع الديني الأعلى آية الله علي السيستاني، وضع الأصبع على الجرح عندما شدد على أنه سيسند حقيبتي الداخلية والدفاع لشخصيتين مستقلتين، في إشارة لها مغزى لاستجابته للرغبة الأمريكية التي طالما عبر عنها المسؤولون الأمريكيون وهم يعملون بجد لتهميش دور الائتلاف الشيعي أو إضعافه.
وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على المالكي اختيار وزير النفط من الشخصيات المعروفة بالنزاهة، وممن ترضى عنهم الولايات المتحدة ليقوم بدور رئيس في تعزيز أداء الاقتصاد العراقي المريض.
وبالتأكيد، فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الطوائف الدينية والعرقية، سيساعد في ردم الهوة العميقة التي أوجدها نظام المحاصصة القائم فعلا، ويجنب البلاد حربا أهلية بعد تصاعد أعمال العنف الطائفية التي تقف خلفها جهات عدة.
لقد أنقذ مجيء المالكي مرشحا بديلا لإبراهيم الجعفري، الولايات المتحدة من مأزق كبير، بما دفع الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى الإعلان من سكرامنتو بكاليفورنيا أن اتفاق زعماء العراق على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة يُـعد إنجازا تاريخيا سيجعل أمريكا أكثر أمنا، وهذا هو بيت القصيد.
كذلك، فقد حدد بوش مهام الحكومة المقبلة بقوله: “الولايات المتحدة وشركاءنا في التحالف سيعملون مع الحكومة العراقية الجديدة لإعادة تقييم أساليبنا وتعديل طرقنا وتعزيز جهودنا المشتركة لتحقيق النصر في هذه الجبهة المحورية في الحرب على الإرهاب”.
تريد واشنطن أن ينجح المالكي في تحسين قدرة العراق على ضمان أمنه ما يسمح للولايات المتحدة بتخفيض (رمزي) لعدد جنودها الذي يصل الآن إلى نحو 135 ألف جندي، لتقول إنها تنجح في حرب العراق، وترد بذلك على حجم الانتقادات الهائل الذي توجهه سياسة بوش في العراق.
الحج إلى النجف
يريد المالكي، بعد أن حصل على تأييد أمريكي وعراقي واسع، أن يحظى بمباركة المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، خصوصا وأن بعض الانتقادات سُـربت من الزعيم الشيعي لسلفه الجعفري، وما قيل عن سحب السيستاني غطاءه من الجعفري، قبل أن يودّع الأخير مقر رئاسة الوزراء في المنطقة الخضراء.
ففي النجف الأشرف، التقى المالكي المرجع الأعلى وحصل على دعمه في أمور عدة، أهمها حل الميليشيات، وهذه قضية مهمة تتداخل بشكل مباشر مع ما تريده واشنطن من ضرب للتيار الصدري وجره إلى مواجهة مسلحة على غرار أزمة النجف المعروفة.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر قريبة من التيار الصدري أن العديد من رموزه وشخصياته تعرّضت مؤخرا لحملات دهم واعتقال نفّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّـذتها القوات الأمريكية التي كانت سحبت الأسلحة الثقيلة من مراكز الشرطة وقوات الجيش في النجف الأشرف والعمارة والبصرة، حيث يتمتع التيار الصدري بنفوذ كبير.
وبدا لافتا أن مدينة الصدر، التي تُـعتبر من أهم قلاع لتيار الصدر داخل العاصمة العراقية بغداد، صارت منذ اعتداء سامراء في 22 فبراير الماضي، هدفا لعمليات تفجير مستمرة بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، عندما انفلت عقال الأمن من الحكومة العراقية الانتقالية ولم يعد إليها حتى الآن.
وفي النجف، أيّـد السيستاني نزع سلاح الميليشيات وحصر حمل السلاح بيد القوات الأمنية العراقية، لكنه شدّد أولا على أن أول مهام هذه الحكومة يجب أن يكون في معالجة الحالة الأمنية ووضع حد للعمليات “الإجرامية” التي تَـطال الأبرياء من خطف وقتل وتهجير.
وأكّـد المالكي “ضرورة حصر حمل السلاح بيد القوات الأمنية الحكومية وبناء هذه القوات على أسس وطنية سليمة، بحيث يكون ولاؤها للوطن وحده، لا لشيء أو لأي جهة سياسية أخرى”.
كذلك، دعا السيستاني السيد المالكي إلى تشكيل الحكومة من عناصر كفوءة والتغاضي عن المصالح الشخصية والحزبية، وهي إشارة تعبّـر عن مدى استياء المرجع من أداء الأحزاب، خصوصا الإسلامية (!) وما يتردد من امتعاض السيستاني عند اجتماعه بكبار قادة الائتلاف العراقي الموحد من استشراء الفساد الإداري في معظم مؤسسات الدولة.
وتأكد أن السيستاني أبلغ المالكي في أول اجتماع لهما، أن المرجعية ستراقب أداء حكومته، ولن تتهاون في الإبلاغ عن مكان الخلل، وأن صوتها سيبقى مع المظلومين أينما كانوا دون تفريق، ومن هنا جاءت الفتوى الأخيرة التي أصدرها السيستاني وحرم فيها قتل الفلسطينيين في العراق.
نجاح محمد علي – دبي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.