تحفظات الجامعة العربية بعد قمة الثماني
عبر نائب أمين عام جامعة الدول العربية السيد نور الدين حشاد عن تحفظات الجامعة عما أسفرت عنه قمة الثماني معتبرا أن موقف الرئيس الفرنسي يمثل " أحسن تعبير عما نفكر فيه".
وقال مسؤول الجامعة العربية إن المغزى من المخطط يتمثل في ” فرض رقابة خارجية على المنطقة” مؤكدا أن ” الديموقراطية لا تفرض من الخارج.
بعد ظهور بوادر المبادرة المنقحة لمشروع الشرق الأوسط الكبير التي تحولت بعد قمة الثماني إلى مشروع الشرق الأوسط الموسع، و في تصريح لسويس إنفو على هامش ندوة صحفية في جنيف أوضح نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد نور الدين حشاد” بأن هذه الوثيقة ليست موجهة للعالم العربي ككل، وإنما هي وصفة عامة لما يرونه هم صالحا للدول العربية والمجتمعات العربية”. ويعتبر أن هذا هو التقييم الذي توصل إليه القادة العرب خلال قمتهم الأخيرة في تونس.
وبعبارة أكثر وضوحا، يعتبر المسئول الثاني في الجامعة العربية، أن مخطط الشرق الأوسط الكبير او الموسع هو عبارة ” عن مشروع يراد فرضه من الخارج”، مناديا بضرورة ” ترك البلدان العربية تطبق إصلاحاتها حسب جدولها الزمني”، في إشارة إلى الإصلاحات التي اقرتها قمة تونس الأخيرة.
المشكلة في كيفية طرح الموضوع ومن سيطبقه
إذا كان نائب أمين عام الجامعة العربية قد ” رحب بكون قمة الثماني قد اهتمت لأول مرة بالشرق الأوسط” فإنه يبدي تحفظا بخصوص ” الطريقة التي عرض بها الموضوع”.
إذ يعتبر أن البلدان العربية وجامعة الدول العربية لم تتوصل لحد الآن بأية وثيقة رسمية، وأن كل ما تم هو عبر وسائل الإعلام.
وحتى ولو حضرت دول عربية بشكل شخصي فإن نائب الأمين العام للجامعة العربية أوضح ” بأن الجامعة العربية أو القمة العربية لم تتلق أي طلب رسمي لحضور هذه القمة”. لكن ذلك لم يمنعها من مناقشة ما يتدوال بخصوص هذه الخطة، وقدمت بعض الإيضاحات للشركاء بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص إصلاحات عربية شرع فيها منذ تولي السيد عمر موسى الأمانة العامة في مارس من العام 2001. ويرى السيد حشاد ” أن ذلك سمح بإدخال تعديلات على الصيغة الأولى”.
كما يبدي نائب أمين عام جامعة الدول العربية السيد نور الدين حشاد تحفظا بخصوص الحيز الجغرافي الذي تشمله عبارة الشرق الأوسط الكبير او الموسع التي تارة تقصد الدول العربية ، وتارة أخرى العالم الإسلامي، موضحا ” بأننا ندرك جيدا ما تخفيه ، أي أنها كلها مسلمة باستثناء إسرائيل، وهذا واضح في حد ذاته” في إشارة إلى الرغبة في إدماج إسرائيل في المنطقة .
ويرى أن المشكلة تكمن في كيفية تطبيق ما هو مقترح اليوم ومن سيشرف على تنفيذ هذه الإصلاحات بحيث أشار إلى ” أن النقاش حول دور منظمة حلف شمال الأطلسي أجاب عنه الرئيس الفرنسي جاك شيراك نفسه وأوضح عن أن فيه قلق”.
وحتى ولو لم تتخذ الجامعة العربية موقفا جماعيا لحد الآن من نتائج قمة البلدان الثماني فإن السيد نور الدين حشاد يعتبر بشكل شخصي ” أن الرئيس شيراك عبر بأحسن تعبير عما نفكر فيه “.
ضرورة مراعاة الخصوصيات والأولويات
يبدو أن الصيغة الجديدة لمشروع الشرق الأوسط التي كانت “كبيرا” وأصبحت “موسعا”، قد عدلت بعض الهفوات التي كانت متضمنة في الصيغة الأولى مثل توضيح أولوية حل مشكلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو ما يرى فيه نائب أمين عام الجامعة العربية ” ، مصداقية الموقف الدولي تكمن في إيجاد حل لهذا المشكل أولا ” . وتساءل نائب أمين عام الجامعة العربية باستغراب عن دوافع تحرك المجموعة الدولية بالسرعة غير المعهودة في حل مشكل تيمور الشرقية وعدم اتباع نفس الخطوة في مشكل الشرق الأوسط.
كما ذكر السيد نور الدين حشاد بمنشأ فكرة ” مشروع الشرق الأوسط وشمال افريقيا” ، موضحا بأنها كانت فكرة الوزير الأول الإسرائيلي شمعون بيريز. وأنها تهدف ” إلى تشويه طبيعة هوية العالم العربي الثقافية والتاريخية والجغرافية”، والعمل على ” تسهيل إدماج إسرائيل في المنطقة”. وعن إدماج إسرائيل في المنطقة يرى السيد حشاد ” أن الوسيلة الممكنة هي اعتماد مبادرة القمة العربية في بيروت التي تهدف إلى إيجاد حل دائم وشامل لصراع الشرق الأوسط”. وحتى ولو رحب السيد حشاد بكون ” القمة اعترفت بأولوية حل هذا الصراع في الصيغة الجديدة ” إلا أنه يرى أن الفقرة الموالية تنقض ما سبق عندما تمت الإشارة في مشروع قمة الثماني ” إلى أن هذا يجب ألا يعرقل مسار الإصلاحات”.
كما يصر مسئول الجامعة العربية على مراعاة الخصوصيات التي يتميز بها العالم العربي والإسلامي والتي قال عنها” أن ما صلح في أفغانستان لا يعني بالضرورة أنه صالح للمنطقة العربية”.
الإصلاحات لا تفرض من الخارج
يرى نائب أمين عام الجامعة العربية السيد نور الدين حشاد أن العالم العربي أصبح ينظر للإصلاحات براحة كبرى منذ قمة تونس، وهذا بعد الاتفاق على الأسس والقواعد التي من شأنها أن تبني مستقبل العالم العربي في وضوحية أكبر وفي أريحية بالنسبة للجميع حكومات ومجتمع وقوى حية”. ويعتبر في المقابل ” أن أية أفكار تفرض من الخارج سوف لن تحقق الهدف المنشود من طرف أصحابها”.
ويعتبر أن الأهم بالنسبة للإصلاحات العربية اليوم هو” وضع الآليات العملية للتطبيق”. ومن هذه الخطوات المتوقعة، مراجعة قوانين المجلس الاجتماعي والاقتصادي للجامعة من أجل تحديد شروط إشراك ممثلي المجتمع المدني، وباتباع نفس المنهج المتبع في منظمة الأمم المتحدة وهذا قبل شهر سبتمبر القادم.
كما تم اعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي قال عنه ” أنه حتى ولو لم يكن بالمستوى المطلوب إلا أنه يشكل بداية تطور ويجب مواصلة المشوار”. وهو القرار الذي سيعرض على برلمانات الدول للمصادقة عليه. ومن بين الخطوات العملية في هذا الإطار إقرار إصدار تقرير دوري عن وضع حقوق الإنسان في العالم العربي.
والتركيز على بعد التنمية البشرية في حياة الإنسان العربي وفي حياة الجامعة العربية بما في ذلك التعليم والمرأة والشباب. وقد أشار السيد حشاد إلى إنشاء محافل عربية تعنى بقمة الطفل والمرأة . كما تم في قمة تونس اعتماد خطة عربية لمحاربة الفقر والاعتناء بالمعوقين وغيرها.
ومن الخطوات التي ينتظر إكمالها من هنا حتى قمة الجزائر المقبلة ، تأسيس برلمان عربي على غرار البرلمان الأوربي، ومجلس أمن عربي لفض النزاعات المسلحة المقبلة بين الدول العربية، ومحكمة جنائية عربية، وبنك تنمية عربي.
ويرى نائب أمين عام الجامعة السيد نور الدين حشاد “أن الدول العربية قبلت كل هذه الإصلاحات بدون أية تحفظات”. يبقى أن نرى تطبيق تلك الإصلاحات على أرض الواقع وأن يشعر كل مواطن عربي بما قد تجلبه من خير وتحسين لظروف معيشته اليومية.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.