تركيا.. والأكراد.. واحتمالات المواجهة
يتوقع المراقبون أن تطغى الأزمة القائمة بين تركيا ومقاتلي حزب العمال الكردستاني على الحدود مع العراق، على أشغال المؤتمر الدولي حول العراق، الذي يختتم أشغاله يوم السبت 3 نوفمبر في اسطنبول.
ويرى باحثان سويسريان أن خطر اشتعال المنطقة يظل محدودا، على الرغم من أن الأوضاع غير المستقرة في العراق، تفتح الباب أمام كل الاحتمالات.
يُـصِـر وزير الخارجية التركي علي باباجان ونظيره العراقي هوشيار زيباري على أن قضية المتمردين الأكراد الأتراك لن تُـهيمن على جدول أعمال المؤتمر الدولي حول العراق، الذي يختتم أشغاله يوم السبت 3 نوفمبر في إسطنبول.
رغم ذلك، ستكون أجواء الاستعدادات الحربية الجارية على الحدود التركية العراقية حاضرة في أذهان المشاركين في المؤتمر، الذي يضم وزراء خارجية العراق والدول المجاورة له ومجموعة الدول الثمان والأعضاء الدائمين الخمس في مجلس الأمن الدولي، ومن بينهم وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس.
وتهدد تركيا، إثر تصاعد الهجمات التي يشنها مقاتلو حزب العمال الكردستاني من داخل أراضي الكردستان العراقي، بإرسال قواتها إلى المنطقة، وهو توجّـه أقره البرلمان التركي يوم 17 أكتوبر الماضي وتعزّز بإرسال قيادة الأركان لحوالي 100 ألف جندي على طول الحدود مع العراق.
ويذهب السويسري إيف بيسون، وهو دبلوماسي سابق وخبير في شؤون الشرق الأوسط، إلى أنه لا توجد خيارات أخرى أمام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية (يوصف بأنه إسلامي معتدل)، الذي يتزعمه، سوى استعراض عضلاتهم.
توتر في تركيا
وبعد التذكير بأن حكومة أردوغان سبق وأن منحت سلسلة من الحقوق إلى أكراد تركيا، يشدد هذا الدبلوماسي السابق على أنه “على المستوى الداخلي، يجب على الحكومة أن تقيم الدليل على الصلابة في الدفاع عن المصالح القومية لتركيا، لأن الفصيل الكمالي (أي القوميون) في الطبقة السياسية التركية والجيش، يشكِّـكون في شرعيته الجمهورية”.
من جهته، يذكّـر الباحث الاجتماعي حسن موتلو بالمظاهرات الوطنية المهمة، التي صاحبت يوم 23 أكتوبر الماضي مواكب دفن جنود قُـتِـلوا على أيدي حزب العمال الكردستاني، مشيرا إلى التغييرات العميقة الجارية حاليا في تركيا، التي أصبحت تتّـسم بطابع حضري متزايد، يدفع السكان، الذين يتخوّفون من مستقبل المنطقة (منذ حرب الخليج الأولى في عام 1991)، إلى البحث عن مرجعيات جديدة.
ويشير الباحث المقيم في سويسرا منذ عام 1986 إلى أن “هذه الديناميكيات تمثل أرضية خِـصبة للانكفاء المرتبط بالذات واللائكية والقومية من جهة، والإسلامي من جهة أخرى”.
هذه الإشكالية الداخلية ليست السبب الوحيد الذي يقف وراء الاستعداد، الذي تُـبديه الحكومة التركية لشنّ الحرب، وهو تطور يثير مخاوف واشنطن أيضا.
المصالح التركية في العراق
يذكِّـر إيف بيسّـون بوجود توترات بين الولايات المتحدة وحليفها التركي، وينبِّـه إلى أن الاعتراف المحتمل من طرف الكونغرس الأمريكي بـ “إبادة” الأرمن، لن يؤدي بطبيعة الحال إلى تهدئة الأمور.
هذا يعني أن تصرفات أنقرة تخضع إلى أسباب أكثر عمقا، “لقد قالت تركيا دائما إن من واجبها حماية بعض الأقليات في كردستان العراق، مثل التركمان”، يُـذكر الباحث السويسري.
هذا المبرر يُـخفي بدوره انشغالا تركيا آخر، يتمثل في احتمال قيام كردستان عراقي مستقل يضم كركوك ومنطقتها الغنية بالنفط. ويذكّـر إيف بيسّـون بأن “صدّام حسين سبق له أن أطرد السكان الأكراد من كركوك وأرسل عربا لإعادة تعمير المدينة، وبعد سقوط الديكتاتور، بدأ الأكراد في العودة، لكن الحكومة العراقية قالت، إنها لا تريد تغييرات كبيرة في التركيبة العرقية لكركوك”.
ويرى الدبلوماسي السويسري السابق أن “أنقرة تخشى من أن تستمر عمليات العودة هذه وأن يُـصبح الأكراد أغلبية من جديد، تحسُّـبا لاستقلال إقليم كردستان، الذي سيُـصبح حينها قابلا للحياة من الناحية الاقتصادية، بفضل ثروات منطقة كركوك، لكن تركيا قالت بوضوح إنها لن تقبل بحل من هذا القبيل”.
عودة حزب العمال الكردستاني
في الوقت الحاضر، تقتصر أنقرة – رسميا – على استهداف عناصر حزب العمال الكردستاني المتواجدين فوق الأراضي العراقية.
وبالفعل، يبحث المتمردون الأكراد، الذين تضعضع موقفهم منذ اعتقال زعيمهم عبدالله أوجلان في عام 1999، عن نَـفس جديد، في الوقت الذي أصبحت فيه النجاحات، التي حققها إقليم كردستان العراقي (الذي يتمتع منذ عام 1991 بحكم ذاتي تحت حماية القوات متعددة الجنسيات)، تستهوي جميع أكراد المنطقة، الذين يتوزعون على إيران وسوريا وتركيا.
بالنسبة لإيف بيسّـون، هناك أمر أكيد، يتلخّـص في أن “الفوضى العراقية تثير جميع أشكال الطموحات لدى جيرانه الذين لديهم أيضا فيه مصالح يدافعون عنها”، ويضيف “في الوقت الحاضر، يُـنتظر أن يكتفي الأتراك بشنّ عمليات محدودة في كردستان العراق، لكن إذا تدهور الوضع، فقد يذهبون إلى أبعد من ذلك قائلين بأنه لم يكن لديهم خيار آخر وأنهم جاؤوا لإعادة إقرار النظام”.
سويس انفو – فريديريك بورنان – جنيف
(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)
1920: نصّـت معاهدة سيفر (Sèvre)، التي أبرِمت بين الحلفاء في الحرب العالمية الأولى والإمبراطورية العثمانية المنهارة، على إقامة دولة كردية، لكن معاهدة لوزان لعام 1923، أيّـدت موقف الحركة القومية التركية بقيادة مصطفى كمال آتاتورك وتخلّـت عن مشروع الدولة الكردية.
1978: تم تأسيس حزب العمال الكردستاني التركي، وهو حزب ماركسي لينيني أطلق منذ عام 1984 الكفاح المسلح ضد أنقرة للحصول على استقلال كردستان التركي.
2004: نقض حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار، الذي أعلنه من جانب واحد في عام 1999، إثر اعتقال زعيمه عبدالله أوجلان، واستؤنفت المواجهات.
17 أكتوبر 2007: البرلمان التركي يصوت لفائدة تدخل عسكري تركي في كردستان العراقي، إثر ذلك، تم نشر حوالي 100 ألف جندي تركي على الحدود مع العراق، استعدادا لشنّ عملية عبر الحدود ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني (يتراوح عددهم ما بين 3 و4 آلاف شخص، حسب مصادر عسكرية تركية)، المتحصِّـنين في إقليم كردستان العراق.
21 أكتوبر 2007: قُـتل 12 جنديا تركيا واختطف ثمانية آخرون من طرف مقاتلين تابعين لحزب العمال الكردستاني قرب الحدود العراقية.
5 نوفمبر 2007: من المنتظر أن يلتقي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأمريكي جورج بوش في البيت الأبيض.
يُـقدّر عدد ضحايا المواجهات بين حزب العمال الكردستاني والقوات التركية منذ عام 1980 بحوالي 37 ألف شخص.
تم إحصاء أكثر من 74 ألف تركي في سويسرا في عام 2006، لكن الأرقام الرسمية لا تحتسب المتحصلين على الجنسية السويسرية أو مزدوجي الجنسية.
حسب تقديرات الباحث الاجتماعي حسن موتلو، يبلغ عدد الأتراك المقيمين في سويسرا 110 ألف شخص تقريبا، من بينهم 10 إلى 30 ألف كردي.
يقيم الجزء الأكبر من الأتراك، الذين وصلوا إلى الكنفدرالية منذ الستينات (حيث قامت الصناعة السويسرية بانتدابهم في تركيا)، في ما يُـعرف بالمثلث الذهبي، وهي المناطق الواقعة بين بازل وزيورخ وسولوتورن.
شهدات السنوات العشرين الأخيرة، استقرار المهاجرين الأتراك في سويسرا الروماندية، وخاصة في جنيف ولوزان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.