تصويت براغماتي ومعقول
في اليوم الموالي للاقتراع الفدرالي، اعتبرت الصحافة السويسرية أن التصويت على المساعدة الموجهة لبلدان أوروبا الشرقية، اتسم بالبراغماتية وأن المواطنين أكّـدوا مجددا خيار العلاقة الثنائية مع بروكسل.
في المقابل، كشف التصويت حول المنح العائلية رغبة واضحة في تقديم العون للأسر، لكن المعلقين حذروا من أنه لا زال هناك الكثير مما يجب القيام به فيما يتعلق بالسياسة العائلية.
الصحافة السويسرية الناطقة بالفرنسية، تعاملت بنفس المقاربة تقريبا مع التصويت بنعم، الذي خرج مساء الأحد 26 نوفمبر 2006 من صناديق الاقتراع على القانون الفدرالي حول المساعدة المواجهة لدول شرق أوروبا، حيث لخّـصت صحيفة لاجيفي الاقتصادية الموقف بقولها، “بفضل هذا التصويت، كان الانسجام في الموعد”.
مصطلح الانسجام هذا تكرّر في معظم الافتتاحيات والتعليقات، إلا أنه امتزج من صحيفة لأخرى بأوصاف متعدّدة من قبيل “البراغماتي” أو “المعقول” أو “العاقل” أو “ذي المصداقية” أو “الموثوق”.
تأكيد المسار الثنائي
من جهة ثانية، توصّـلت العديد من الصحف الناطقة بالفرنسية أو بالألمانية إلى نتيجة واحدة، مفادها أن سويسرا والسويسريين قد أكّـدوا، بل عزّزوا سياسة “الخطوات الصغيرة” الثنائية تجاه أوروبا. وقد عبّـرت صحيفتا نويه تسزورخر تسايتونغ وبليك، الصادرتان في زيورخ، بوضوح عن هذا الرأي.
في هذا الصدد، تشير صحيفة بليك، الواسعة الانتشار، إلى أن “السويسريين قد أكّـدوا للمرة الرابعة على التوالي، أنهم يريدون الاستمرار على الطريق الذي تم اختياره”، وتضيف بأن “الانعزال لا يمثل بالنسبة لأغلبية المقترعين، بديلا عن التقارب الثنائي مع أوروبا”.
من جهتها، تذهب صحيفة لوكوتيديان جوراسيان، الصادرة في دوليمون، إلى التنويه بالشرعية الديمقراطية للقرار، مشيرة إلى أن “هذا التصويت، يعزز مصداقية سويسرا في أوروبا وفي العالم، ذلك أن القليل من البلدان يمكن لها أن تزعم تأسيس التزام دولي من هذا القبيل على تصويت ديمقراطي”، وهو استنتاج أيدته صحيفتا 24 ساعة، الصادرة في لوزان، وتاغس أنتسايغر، الصادرة في زيورخ.
التضامن بين نعم ولا
فيما يتعلق بمسألة تضامن الشعب السويسري، لا يوجد توافق تام بين جميع الصحف السويسرية. ففي حين رحّـب البعض بالخطوة، اعتبر آخرون، مثل صحيفة لوماتان، الصادرة في لوزان، أن البراغماتية تقدّمت على التضامن مع بلدان شرق أوروبا.
صحيفة آرغاور تسايتونغ، الصادرة في أرغاو، اختارت أن تعنون تعليقها بالقول “تصويت لفائدة الساحة الاقتصادية”، أما صحيفة دير بوند، الصادرة في برن، فقد حيّـت الحدث المتمثل في أن أغلبية من المقترعين تجاوزت ردة الفعل الموجودة لدى كل شعب، والمتمثلة في التساؤل “لماذا يجب إرسال أموال إلى الخارج، يمكن أن تستعمل داخل البلد”؟
إضافة إلى ذلك، شدّد عدد من المعلقين إلى أن السويسريين ينتظرون “مردود الاستثمار”. صحيفة لاجيفي المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، أوردت قائمة مفصّـلة بالفوائد الاقتصادية الناجمة عن هذا التصويت، واعتبرت أنه “مفيد لنموّ الاقتصاد السويسري، كما أنه مدعوّ ليكون أكثر في المستقبل”.
صحيفة لوتون، الصادرة في جنيف، عبّـرت بدورها عن الأمل في “أن لا يُـبدِّد الاتحاد الأوروبي الأموال، وأن لا يعيد طرح مسألة النظام الضريبي في الكانتونات على مائدة المفاوضات مجددا في غضون الأسابيع القليلة القادمة”. وقالت الصحيفة “سيكون من المرحب به أن تحترم بروكسل ما يُـشبه الأجل الأخلاقي، قبل استئناف المواجهات. إنها ليست مسألة احترام، بل تفهّـم جيّـد للمصالح”.
في هذا السياق، تميّـزت صحيفة لوكوريي، الصادرة في جنيف، عن معظم زميلاتها، حيث اعتبرت أن التأييد السويسري للمليار المقرر منحه لبلدان شرق أوروبا، جاء “محتشما” و”في حده الأدنى”، لذلك، فليس هناك ما يدعو إلى “إظهار الفرح الشديد”، حسب الصحيفة، التي تذكّـر بنتائج التصويت الأخير حول قانوني اللجوء والأجانب، وترفض بالتالي، ما يُـسمى بـ “عقلية الانفتاح والتضامن لسويسرا”.
ثنائي رابح
أخيرا، توصّـلت أغلب الصحف السويسرية، الصادرة في الأنحاء المتحدثة بالفرنسية والألمانية، إلى استنتاج موحّـد، مفاده أن حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، ورغم النتيجة المتقاربة، يخسِـر ميدانيا، فيما يتعلق بالقضايا الأوروبية منذ عدّة مواعيد انتخابية أو أنه تعرّض لـ “توبيخ جدّي” من طرف الناخبين، حسب رأي صحيفتي لاليبيرتي، الصادرة في فريبورغ ولونوفيليست، الصادرة في نوشاتيل.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن الثنائي الرابح من تصويت 26 نوفمبر، غطّـى بابتسامته العريضة الصفحات الأولى من معظم اليوميات، الصادرة صباح الاثنين، وهما وزيرتا الخارجية والاقتصاد، ميشلين كالمي – ري ودوريس ليوتهارد وحرصت معظم الصحف على التنويه بـ “انتصارهما”.
لا مفاجآت في السياسة العائلية
نتائج التصويت حول إضفاء المزيد من الانسجام على المنح العائلية، لم تفاجئ أحدا من المعلقين، وفيما تحدث البعض عن “انتصار” والبعض الآخر عن “تطور” أو عن مجرد “تحسّـن طفيف”، اعتبرت الأكثرية أنه لا زال هناك الكثير مما يجب عمله، فيما يتعلق بالسياسة العائلية، إلا أن البرلمان ليس مستعدا لذلك بالضرورة.
صحيفة ليكسبريس، الصادرة في نوشاتيل، أشارت إلى أنه “بعد التأمين على الأمومة، أظهر التصويت المكثف بنعم، أن السويسريين مؤيدون لسياسة حقيقية لفائدة العائلة، فعلى البرلمان أن يجيب على هذا الطلب، وخاصة من خلال تقليص حجم رسوم التأمين على المرض، بالنسبة للأطفال. فهذا المشروع دُرس العديد من المرات، لكنه دُفن على الدوام”.
سويس انفو
يوم 26 نوفمبر 2006، عُـرض مشروعان على استفتاء الشعب السويسري، وهما:
القانون الفدرالي حول المساعدة الموجهة لدول شرق أوروبا، وقد تمت الموافقة عليه بـ 53،4%.
القانون الفدرالي حول المنح العائلية، وقد تمت الموافقة عليه بنسبة 68%.
بلغت نسبة المشاركة في التصويت 44،9%.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.