تفشي فيروس كورونا المستجد يخيف الإيرانيين ويعيق حياتهم اليومية
بعدما دفع الانعزال في المنزل لأيام طويلة خوفا من تفشي فيروس كورونا المستجد ابنتها إلى حدود الكآبة، قررت والدة بارميس هاشمي اصطحابها إلى السوق رغم عدم امتلاكهما سوى كمامة واحدة.
وبالرغم من خشيتهما من الإصابة بالمرض، خرجت الأم وابنتها البالغة 13 عاما للتجول في شوارع وسط مدينة طهران الهادئة على غير عادة، في وقت أعلنت السلطات ارتفاع حصيلتي الوفيات والإصابات بفيروس كورونا المستجد.
والمدارس مغلقة في إيران في إطار التدابير الرامية إلى كبح التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد الذي بلغت حصيلة وفياته في الجمهورية الإسلامية الإثنين 66 حالة من أصل أكثر من 1500 إصابة. وهي أكبر حصيلة وفيات خارج الصين حيث ظهر الفيروس أولا.
وتقول شاهبار، والدة بارميس، “الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة لنا. لا يمكنني أن أستقل سيارة أجرة أو حافلة نقل مشترك للذهاب إلى مكان ما حتى وإن آلمتني قدماي”.
وتضيف ربة المنزل البالغة 45 عاما “ابنتي أصيبت باكتئاب في المنزل، لذا اصطحبتها إلى السوق لرفع معنوياتها”.
وتقول شاهبار لوكالة فرانس برس “إنهم (الأطفال) لا يذهبون إلى المدارس وهم خائفون من الفيروس”.
تمر خلفها سيارات وحافلات ركاب مسرعة بعد انطلاقها بسرعة فائقة من ساحة ونك، إحدى أكبر التقاطعات في العاصمة الإيرانية التي تشهد عادة زحمة سير خانقة في التوقيت الذي قام خلاله فريق فرانس برس بجولته.
في الوقت نفسه، كانت نسبة التلوث التي تثقل عادة على المدينة المترامية الأطراف والتي تضم أكثر من ثمانية ملايين نسمة، أقل من العادة، ويمكن لمس ذلك بوضوح، والفضل يعود على الأرجح جزئيا إلى تراجع الازدحام.
ويدفع هذا المشهد بيجمان، المهندس البالغ 38 عاما، الى القلق.
ويقول بيجمان لفرانس برس “المرض أعاق حياتنا. نحن خائفون. ليست هناك كمامات ولا سوائل تطهير للتعقيم. الناس بحاجة إلى هذا لكن لا يمكنهم العثور عليه”.
– الناس مرعوبون –
وألحق تفشي فيروس كورونا في إيران أضرارا بالأعمال التجارية.
ويقول بيجمان إن عددا من زملائه في العمل مشتبه بإصابتهم بالفيروس وقد طُلب منهم أن يلازموا منازلهم.
ويضيف “لقد أثر (الفيروس) سلبا على شركتنا. باتوا الآن يقيسون حرارتنا كل صباح قبل دخول المكتب”.
ويمكن رصد مؤشرات التباطؤ الاقتصادي في شوارع إيران، إذ تمضي البائعات الوقت بممارسة الألعاب على هواتفهن، ويحرص عمال التنظيف على مسح الأبواب والنوافذ في المطاعم الخالية من روادها، فيما سيارات الأجرة متوقفة على قارعة الطريق تنتظر الركاب.
ويقول جامشيدي الذي يعمل سائقا لسيارة إجرة “إن الشوارع خالية”، بينما يتناول زملاؤه وجبة طعام ويتبادلون الطرائف.
ويضيف “يقتضي عملي أن… أنقل الناس إلى حيث يريدون، لكن أحدا لا يغادر منزله للذهاب إلى أي مكان”، متابعا “إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو، لن يكون لدينا ما يكفي من المال لشراء الطعام. البارحة كسبت القليل واليوم لم أحظ بأي راكب إلى حد الآن”.
ويقول حامد بايوت، بائع العصير قرب ساحة ونك، إن المبيعات تراجعت بنسبة 80 بالمئة منذ تفشي فيروس كورونا المستجد الشهر الماضي، على الرغم من الخطوات التي اتّخذتها قطاعات الأعمال لطمأنة الزبائن.
ويضيف “نحن نعقّم كل شيء ثلاث مرات يوميا. لكن الناس مرعوبون ولا يشترون منّا شيئا”.
ويقول البائع بأسى “إذا استمرّت الأوضاع على هذا النحو سنفلس وسيتعين علينا إغلاق محلنا”.
وبدلا من برامجه الاعتيادية الشديدة الجدية، يبث التلفزيون الرسمي الإيراني برامج ترفيهية في محاولة لتسلية الشباب الذين يشعرون بالملل.
في الأيام القليلة الماضية، بث التلفزيون الرسمي أشرطة فيديو لمواقف مضحكة مصورة منزليا. والإثنين عرض رسوما متحركة ومقتطفات من فيلم “ذي ريفننت” (العائد) لليوناردو دي كابريو.
وتقول بارميس بامتعاض من خلف الكمامة “علينا أن نلازم المنزل وعدم القيام بأي شيء. لا يمكننا أن نلتقي أصدقاءنا ولم نعد سعداء”.