تكليف قنديل رئيسًا للوزراء.. في عيون المصريين
أثار تكليف الرئيس محمد مرسي، وزير الري والموارد المائية الدكتور هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة، ردود فعل متباينة من الأحزاب والقوى السياسية والثورية، وانقسم الناس في مصر حول القرار إلى ثلاثة أقسام أساسية.
يرى الموافقون أنه شاب (49 سنة)، ولديه خبرة سابقة (وزير في حكومتين)، ولم يكن منتميًا للحزب الوطني المنحل أو لجنة السياسيات التي أفسدت الحياة السياسية في البلاد، وخبير في مشكلة مياه النيل (أهم الملفات المصيرية)، ونظيف اليدين إذ لم يتهم من قبل في أية فضية من قضايا الفساد، فضلا عن انه خبير تكنوقراط، متدين، لا ينتمي لأي فصيل سياسي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين…
أما المعارضون، فيروْن أنه قليل الخبرة، حديث عهد بالسياسية (لم يعمل بها سوى لعامين فقط)، ويشيعون يشيعون أنه منتم لجماعة الإخوان تارة، والحزب الوطني المنحل تارة أخرى (وهو ما نفته الرئاسة رسميًا)، كما أنه لم يكن متوقعًا، وجاء بعد طول انتظار، لا يشفي غليل المصريين الذين انتظروا دهرا طويلا، ولا يمثل الوعد باختيار شخصية وطنية مستقلة، كانوا ينتظرون تكليف شخصية اقتصادية معروفة أو مشهورة وشخصية ثقيلة في وزن د. محمد البرادعي أو د. حازم الببلاوي أو فاروق العقدة أو …..إلخ.
أمّا الفريق الثالث، وهم المتحفظون، فيعتبرون أنه اختيار الرئيس الذي يجب أن يُحترم، فهو حقه القانوني والدستوري، وهو الذي سيُحاسب على فشله، ويرون أنه من الظلم الحكم عليه قبل استلام مهامه، ويجب منحه فرصة للعمل ثم الحكم عليه بعد ذلك.
من هو رئيس الوزراء المكلف؟
ولد رئيس الوزراء المكلف الدكتور هشام محمد قنديل في 17 سبتمبر 1962، وتخرج من كلية الهندسة بجامعة القاهرة سنة 1984، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعتي يوتا ونورث كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية عامي 1988 و1993.
شغل قنديل العديد من المناصب المهمة، آخرها كبير خبراء الموارد المائية بالبنك الإفريقي للتنمية، وشارك في أعمال مبادرة حوض النيل، وعضو مراقب للهيئة المصرية–السودانية المشتركة لمياه النيل.
التحق قنديل بالمركز القومي لبحوث المياه، ومُنح وسام الجمهورية من الطبقة الثانية في عام 1995. وتولى منصب مدير مكتب وزير الموارد المائية والري لشؤون مياه النيل خلال الفترة من 1999 حتى 2005. وعين رئيسًا لقطاع مياه النيل.
ساهم هذا الاخير في إنشاء المجلس الأفريقي للمياه ومرفق المياه الأفريقي. فتولى قيادة فريق العمل لإعداد خطة البنك الأفريقي لتنمية الموارد المائية والري بالقارة الأفريقية إلى جانب الإعداد والإشراف على تنفيذ مشروعات تنمية الموارد المائية في عدة دول أفريقية مثل أثيوبيا وتنزانيا وزامبيا ومالاوي وموزمبيق.
تقلد رئيس الوزراء المكلف العديد من المناصب في بنك التنمية الأفريقي كان آخرها منصب كبير خبراء الموارد المائية بالبنك ورئيس قطاع النيل في البنك فضلا عن مشاركته في أعمال مبادرة حوض النيل. كما مثًل الجانب المصري في الاجتماع الأول للدورة الخمسين للهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل المصرية السودانية التي عقدت بالخرطوم بعد الثورة المصرية.
تم تكليفه بحقيبة وزارة الموارد المائية والري في حكومة الدكتور عصام شرف الثانية في 21 يوليو 2011م، واستمر في حكومة الدكتور كمال الجنزوري لكفاءته في إدارة الملف. ومنذ توليه وزارة الري قام بتثبيت 8000 موظف مؤقت من مختلف القطاعات والمصالح والهيئات التابعة للوزارة إضافة إلى نقل نحو 5700 موظف متعاقد إلى الباب الأول تمهيداً للتثبيت. وظل في منصبه حتى كلفه الرئيس محمد مرسي في 24 يوليو 2012 بتشكيل أول حكومة بعد توليه الرئاسة.
محسوب على جيل الشباب
في تعليقه على الموضوع، أوضح الخبير السياسي الدكتور عمرو أبو الفضل، أنه “لا يمكن الحديث عن التشكيل الوزاري دون التطرق إلى الوضع السياسي الذي يسود المشهد في مصر خلال الفترة الأخيرة، والذي تسيطر عليه حالة استقطاب حاد بين كافة الفصائل والقوى السياسية، وبروز حالة من التصدع في كافة الجبهات التي أعلن عن تشكيلها خلال الفترة التي سبقت نتيجة الانتخابات الرئاسية، وتفتتها إلى أكثر من كيان لا يزال جميعها غير مؤثرة أو فاعلة بدرجة يعول عليها في الواقع السياسي”، مشيرًا إلى أن “خير مثال هنا ما أعلن عن تشكيل التيار الثالث، الذي انزوى ثم برز بعده التيار الشعبي”.
وقال أبو الفضل، الخبير بمركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية، في تصريحات خاصة لـ”swissinfo.ch”: “من جانب آخر نجد حالة من الترصد والعنت السياسي اقتحم المشهد خاصة من التيارات الليبرالية، في مواجهة أحزاب وقوى الإسلام السياسي، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة. وهو ما انعكس بدرجة كبيرة على الرئيس المنتخب محمد مرسى حيث أعلنت القوى الليبرالية، والتي كانت متمسكة بقوة بفكرة الحكومة الائتلافية، أنها تفضل عدم المشاركة في التشكيل الوزاري”.
وأضاف: “أنهم أقدموا على هذا بحجة ترك الفرصة للرئيس لاختيار من يراه موافقًا لتوجهه، ولديه قدرة على تنفيذ مشروعه، الذي انتخب على أساسه، وبالتالي لم يكن أمام مرسى سوى الاتجاه إلى اختيار من يراه مناسبًا. وهناك أكثر من نقطة إيجابية، في اختيار قنديل، لعل أهمها أنه محسوب على جيل الشباب”، معتبرًا “أنه ليس أكاديميًا، لكن خبرته الغالبة مهنية تنفيذية، وأيضًا اكتسابه دربة بالعمل الحكومي من خلال مشاركته في حكومتي شرف والجنزوري، بالإضافة إلى اطلاعه الواسع على ملف مياه النيل بكل تعقيداته ومشاكله”.
وعن رأيه في الحملة التي يشنها البعض علي قنديل لمجرد أنه متدين- ويطلقون الشائعات ضده فتارة يتهمونه بالانتماء للإخوان وتارة للحزب الوطني المنحل ولجنة السياسات، أوضح أبو الفضل أن “بعض التيارات التي وجدت الاختيار ليس على هواها، راحت تنتقد قنديل ليس على أساس عدم مناسبته سياسيًا ولكن على أساس علامات التقوى التي تظهر على وجهه، أو ما أشيع عنه من حرص على الأخلاق، والغريب أن نجد بعض الإشاعات التي اتهمت الرجل بانتمائه للجنة السياسات، وانه كان ضمن الشخصيات الكبيرة المنضمة في عام 2003م”.
مصر الثورة تدار بطريقة مختلفة
وأشار أبو الفضل إلى أن “الهدف من هذه الاتهامات هو محاولة تشويه شخصية رئيس الوزراء لدى رجل الشارع، والتقليل من انتمائه للثورة، ولم تجرؤ هذه الجهات التي تروج لهذا الاتهام على إظهار دليل واحد يثبت انتساب الرجل إلى لجنة السياسات، بل اتضح أن من روج لهذه المعلومة تعمد تزييف الحقائق، ووضع اسم رئيس الوزراء بهدف إثبات أن هناك تواطؤ من الرئاسة، وأنها وقعت في سقطة باختيار أحد رجال لجنة السياسات”.
وفى ذات الوقت- يكمل أبو الفضل- “انتقد البعض قنديل ومسلكه الشخصي الذي ينم عن التمسك بتعاليم الإسلام الوسطية، من زاوية أن هذه السمات تجعله مقربًا من جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد، وأنه سيأتمر بأوامره، ويكون ميالاً لتنفيذ توجهاتهم، وتناسى من يرفع هذا الاتهام أن مصر الثورة أصبحت تدار بطريقة مختلفة، وأن عملية بناء المؤسسات مستمرة، ولم يعد الأمر كما كان في الماضي، عندما كان رئيس الوزراء والوزراء مجرد سكرتارية عند الرئيس وحزبه ولجنة السياسات”.
وحول أبرز التحديات والملفات التي ينبغي على الحكومة الجديدة مواجهتها، قال أبو الفضل: “الملفات المطروحة كثيرة، وكلها في غاية الأهمية، وعلى رأسها الملف الاقتصادي، ومحاولة استعادة طاقته التشغيلية، ورفع معدلات التنمية التي وصلت إلى ما يقرب من 2%، وانجاز كافة المشروعات المعطلة التي يمكن أن تستوعب البطالة وتفتح مجالات تحرك عجلة الإنتاج، خاصة في مجال الإسكان، ومشروعات الصرف والطاقة”.
ويضيف الخبير السياسي قائلاً: “أيضًا هناك الملف الأمني، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، لأنه من خلال استمرار تراخى جهاز الشرطة عن القيام بمسئولياته لا يمكن الحديث عن استقرار أو جذب للاستثمارات، فضلا عن ضياع هيبة الدولة، وفى ذات الوقت يجب ألا تستغرق الوزارة الجديدة كافة جهودها في الملفات الداخلية فقط، ولكن يجب عليها أن تتجه إلى العمل لاستعادة دور مصر في محيطها الإقليمي، ورعاية مصالح المصريين في الخارج، وأيضًا ملف النيل”.
تباينت ردود أفعال الأحزاب والقوى السياسية على قرار الرئيس محمد مرسي بتكليف الدكتور هشام قنديل وزير الري بتشكيل أول حكومة في ظل أول رئيس مدني منتخب، وتراوحت الآراء بين مؤيد ومعارض ومتحفظ.
المؤيدون:
الدكتور عصام العريان – نائب رئيس حزب الحرية والعدالة: تكليف هشام قنديل برئاسة الحكومة مفاجأة للمعلقين الذين فرضوا أسماء أخرى على الرئيس، سنسمع عجباً حول رئيس الوزراء الذي نتمنى له التوفيق والنجاح.
نادر بكار– المتحدث الرسمي عن حزب النور: اختيار رئيس الوزراء هو قرار سيحاسب عليه الرئيس محمد مرسي أمام شعبه في نهاية مدة ولايته، لذا أرى أن له مطلق الحق في اختيار من يثق في قدرته على تنفيذ مشروع النهضة.
الدكتور حازم الببلاوي، وزير المالية الأسبق: «حان الوقت لمنح الشباب مسؤولية تولي الحكومة، لمواكبة تطورات العصر»، و«قنديل يملك كاريزما وصاحب رؤية واضحة ظهرت عقب توليه وزارة الري». وأرجح أن «اختياره (قنديل) جاء بسبب اهتمامه بالملف الأكثر أهمية لمصر، وهو قضية نهر النيل».
الدكتور حازم عبد العظيم – المرشح السابق لوزارة الاتصالات: أعتقد أن معايير اختيار مرسي الرئيسية هو رئيس حكومة بعيد تماما عن العمل السياسي، إنه اختيار جرئ وانه خطوة جيدة أن يكون رئيس الوزراء شاب.
الإعلامي علاء صادق: “لو محمد مرسى اختار نبيا لرئاسة الوزراء فإن الحامض (محمد حامد) والبكري (مصطفى بكري) وعكوشتهم (توفيق عكاشة) لن يرضوا عن اختياره….”.
المعارض الاستشاري ممدوح حمزة: توقعت من قبل أن وزير الري سيبقى في مكانه، وأكد أن الاختيار موفق.
المعارضون
السياسي البارز جورج إسحاق: لا أعرف على أي أساس تم اختيار رئيس الوزراء الجديد بعدما تم تجاهل كل الشخصيات الوطنية التي تم ترشيحها للرئيس، طموحاتنا بدأت تنخفض بشكل كبير، “مش عايزين حد مؤدب إحنا عايزين حد يعرف يشتغل”.
الدكتور أيمن نور رئيس حزب غد الثورة: إن اختيار هشام قنديل وزير الري رئيسًا للوزراء مفاجأة غير متوقعة، وهو عودة لزمن رؤساء الوزراء التكنوقراط.
الدكتور أحمد دراج – وكيل مؤسسي حزب الدستور الجديد: لن نصدقكم (الإخوان) بعد الآن، وتحملوا مسئولية عدم الوفاء بالعهد. هناك محاولات لتنويم الشعب والالتفاف عليه، وهذا الأمر لن يسكت عليه الشعب فترة طويلة.
أحمد ماهر – القيادي في حركة 6 أبريل: إن الرئيس محمد مرسى لم يف تعهداته للقوى الوطنية باختيار شخصية وطنية ومستقلة وذي خبرة سياسية واقتصادية لمنصب رئيس الوزراء.
الدكتور باسل عادل – حزب المصريين الأحرار: وصف قرار تعيين الدكتور هشام قنديل رئيسًا للحكومة الجديدة بأنة قرار (صادم).
انجي أحمد – القيادية في حركة 6 ابريل: ما هي إنجازات قنديل في وزارة الري؟ وهل الأولوية عند مرسى في الري أم في الإدارة والاقتصاد؟
الدكتور محمد يسري سلامة– المتحدث السابق باسم حزب النور السلفي: “هشام قنديل؟ اللهم إني صائم”.. و”هل هشام قنديل هو (الشخصية) الوطنية المستقلة؟”..”بصراحة أنا مش من بتوع نستنى ونشوف.. الجواب بيبان من عنوانه”.
النائب محمد أبو حامد: مع احترامنا لشخص الدكتور قنديل إلا أنه لا يملك الخبرة التي تؤهله لأن يكون رئيس وزراء لمصر في هذه الظروف الصعبة، وأنه لم يحدث في تاريخ مصر أن عين وزيرا للزراعة رئيساً للوزراء.
رشاد عبد العال – منسق التيار الليبرالي بالإسكندرية: لا أفهم الأسباب الكامنة وراء اختيار الدكتور قنديل لمنصب رئيس الوزراء سوي أنه ينال رضا العسكر والإسلاميين معا. فلم تكن له أية بصمات واضحة بخلاف كونه كان وزيرا للموارد المائية في حكومتي شرف والجنزوري.
د.جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق: «لا يمكن الحكم على قرار مرسي إلا بعد أن نشاهد النتائج على أرض الواقع»، و«بشكل شخصي أنا غير متفائل». و«أخشى أن يكون الاختيار بناء على التقارب الفكري بين مرسي وجماعة الإخوان وقنديل، لكن على أي حال أتمنى أن يخطئ ظني». أنا لا أرى ما يؤهل قنديل لتولي رئاسة مجلس الوزراء».
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.