مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تكنولوجيا الإتصالات في خدمة التنمية والسلم

السيد فالتر فوست، مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون Keystone

هذا هو أحد أوجه الأنشطة الجانبية العملية التي عرفتها "قمة تونس" والتي أسهمت في بلورتها شخصيتان سويسريتان.

عن حصيلة ما تم تحقيقه في هذا المجال من مشاريع والمشاريع التي ستعرفها المنطقة العربية بعد قمة تونس يتحدث كل من فالتر فوست، مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون والسفير دانيال شتاوفاخر.

بعيدا عن الخطب الرنانة التي عرفتها المنصة الرسمية لقمة مجتمع المعلومات في مرحلتي جنيف وتونس، أسهمت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون الى جانب مؤسسة Global Knowledge Partnership في تقديم وجه عملي لاهتمامات المجموعة الدولية بردم الهوة الرقمية وهذا من خلال برنامج ” تكنولوجيا المعلومات من أجل التنمية”. وهو ما قالت عنه مديرة المؤسسة الأخيرة رنالدا رحيم “إننا لا نتحدث فقط عن الشراكة في مجال استخدام وسائل الاتصال من أجل التنمية بل نقوم بتطبيق ذلك على أرض الواقع”.

من المشاريع التي شرع هذا البرنامج في إنجازها منذ مرحلة جنيف من قمة مجتمع المعلومات (ديسمبر 2003)، والتي تفوق الثلاثين مشروعا عدد مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون فالتر فوست ، مشروع مراكز الاتصال في المناطق الحضرية بالاشتراك مع منظمة اليونسكو وهذا في بلدان مثل مالي والسنغال وموزمبيق، ومشروع إدارة الإنترنت مع مؤسسة دبلوفونديشن في جنيف.

وبلإشتراك مع شركة مايكروسوفت، تم الشروع في تأسيس مراكز اتصال بالشبكة، كما تم إطلاق مشروع خاص بالتعليم عبر شبكة الإنترنت بتمويل مشترك مع السويد وأيرلندا وكندا. وقد تم الشروع في تطبيق مشروع تكوين خاص بالمعوقين في مالي والهند.

وهناك حوالي ثمانية مشاريع لها علاقة بوسائل الإعلام تتعلق بالتكوين والتجهيز قسم من هذا البرنامج مطبق في النيجر حيث يتم تحسين مرافق البث الإذاعي والتلفزيوني بدعم من التلفزة السويسرية. والمشروع الثاني حول تحديد معايير النوعية والجودة في مجال البث الإذاعي والتلفزيوني في بعض البلدان النامية وهناك مشاريع تكوين للصحفيين في العديد من البلدان من بينها اذربايدجان وكوصوفو ومنطقة البلقان.

ويرى السيد فالتر فوست ان الاهتمام بهذه المشاريع قد “تعاظم خلال قمة تونس”، لكنه أوضح في رد على سؤال طرحته إحدى الصحفيات أنه “لا توجد مشاريع في هذا الخصوص مع تونس في حين أن هناك مشاريع مع بعض الجامعات التونسية”.

مشاريع المستقبل

عن المشاريع المستقبلية التي تنوي إدارة التنمية والمساعدة الإنسانية السويسرية تطبيقها في المستقبل بالاشتراك مع مؤسسة GKP التي تضم أكثر من 100 شركة ومؤسسة، تقول مديرة مؤسسة GKP رينالدا رحيم: “إننا سنعتني بالمقاولين الشباب لمساعدتهم على استيعاب كيفية استخدام تكنولوجيا الاتصال في مشاريع التنمية وهو الموضوع الرئيسي الذي سيثار خلال تنظيم الندوة العالمية الثالثة لتقاسم المعرفة في الهند في العام 2007”.

ويؤكد السيد فالتر فوست أنه سيتم التركيز – على مستوى القارة الإفريقية – على مشاريع استخدام تكنولوجيا الاتصال من قبل المرأة إما في مجالات التكوين أو من أجل الحفاظ على السلم.

أما فيما يتعلق بالمنطقة العربية، فأوضح السيد فوست أن هناك اهتماما متزايدا من قبل البنك الإسلامي لدعم مشاريع استخدام تكنولوجيا الاتصال لفائدة التنمية. وقد أسس البنك الإسلامي مؤخرا قسما خاصا بمشاريع من هذا النوع. كما أعربت أكثر من 40 مؤسسة عربية عن نيتها في الإنظمام الى شبكة دعم تبادل المعرفة، وهو ما يعكس اهتمام المنطقة بهذه المشاريع حسب السيد فوست.

وبالإضافة الى مشروع يرمي إلى تعريب محتوى مكتبة الإسكندرية، تم تنظيم ملتقى في مصر حول تفعيل دور المرأة في استخدام وسائل الاتصال. ويتم التحضير حاليا لتنظيم ملتقى في لبنان بين القطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني بخصوص استخدام تكنولوجيا الاتصال. وفي الأردن، أشار السيد فوست ان الملكة رانيا تقوم بنشاط مكثف في هذا المجال كما ان المملكة العربية السعودية ابدت اهتماما بهذه المشاريع في سياق اجتماع نظم على هامش قمة تونس.

نقص في الوعي

من المشاكل الكبرى التي عادة ما تواجه مثل هذه المشاريع التنموية، مشكلة التمويل. ولكن مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون يرى أنه “لحسن الحظ بدأت بنوك التنمية الإقليمية في افريقيا وآسيا، تدرك مدى أهمية تطوير برامج استخدام تكنولوجيا الاتصال في مجال التنمية”.

لكن المشكلة الكبرى تتمثل حسب رأي السيد فالتر فوست في أن بعض الدول او بعض المصالح “تجهل كيفية الحصول على تمويل مثل هذه المشاريع”. وخير مثال على ذلك شهادة البنك الدولي التي أفادت بأن “القروض المخصصة لهذا القطاع لم يصرف منها أكثر من 1%”.

وأوضح السيد فالتر فوست بأن هناك العديد من المؤسسات الكندية والأمريكية والسويسرية المستعدة لتمويل مشاريع تستخدم تكنولوجيات الاتصال في مجال التنمية أو الحفاظ على السلم.

وسائل الاتصال من أجل دعم السلم

في مجال استخدام تكنولوجيا الاتصال من أجل الحفاظ على السلم وتجنب الحروب والكوارث، ينشط سويسري آخر هو السفير دانيال شتاوفاخر الذي أسس بعد مرحلة جنيف بمساعدة من وزارة الدفاع والخارجية السويسرية وبالاشتراك مع شخصيات عالمية مثل الرئيس الفنلندي السابق مارتي أتساري، ما يعرف بـ “تكنولوجيا الاتصال من أجل السلم”.

يقول السفير شتاوفاخر في حديث لسويس إنفو في قمة تونس: “إن المرحلة الحالية تتمثل في تحديد القطاعات التي يمكن أن تلعب فيها تكنولوجيا الاتصال دورا فعالا للحفاظ على السلم وتجنب الحروب والكوارث”. وقد تم أثناء قمة تونس نشر نتائج هذه الدراسة، كما تم تنظيم ندوة لمناقشة تلك النتائج بمشاركة شخصيات عالمية مثل الرئيس الفنلندي الأسبق.

وعن مجال تطبيق تكنولوجيا الاتصال يقول المشرف على الدراسة بول كارين: “إن تكنولوجيا الاتصال يمكن أن تتدخل بفعالية قبل الكوارث في مجال الانذار المبكر، وقد تلعب دورات فعالا أثناء الكوارث بحيث تسهل عملية الإغاثة ولها دور أيضا بعد مرور الكارثة او الصراع في مرحلة المصالحة بين الطوائف التي كانت متنافرة”.

ويرى السفير شتاوفاخر أن الوفد السويسري أدرج أثناء المفاوضات لمرحلة تونس، الفقرة 41 التي تعتمد رسميا برنامج “تكنولوجيا الاتصال من أجل السلم” كجانب من نشاطات قمة مجتمع المعلومات.

ومن التطبيقات العملية ما يتم على مستوى الصراع في الشرق الأوسط بحيث يتم تعميق الاتصال بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني وبالأخص بين الشباب عبر تسجيلات فيديو. كما تعهدت شركة إيريكسون لصناعة الهواتف بالمساهمة في إقامة شبكات هاتف نقال على الفور بعد كارثة المد البحري تسونامي في آسيا. ونفس المشروع تقوم به شركة إيريكسون في أفغانستان لفك العزلة عن أفغانستان في اتصاله مع العالم الخارجي.

ومن التطبيقات التي سهر هذا البرنامج على تشجيعها، ما تقوم به مؤسسة “لانكاستر صوفت وير فونديشن” في سريلانكا التي تسهر على تطوير برامج كمبيوتر مفتوحة المصدر Open source يمكن للمجتمعات المتضررة أن تستخدمها مثلا في البحث عن المفقودين أو للتنسيق بين مئات المنظمات الإنسانية العاملة في منطقة من المناطق. ويقول مدير هذه الهيئة شاميندرا دا سيلفا: “إن هذه الخبرة وهذه البرامج ستوضع تحت تصرف المجموعة الدولية لاستخدامها في كوارث أخرى تقع في مناطق أخرى من العالم”.

من جهته، أفاد السفير دانيال شتاوفاخر، أن سويسرا قررت دعم المشروع خلال الثلاث سنوات القادمة.

محمد شريف – سويس إنفو – تونس

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية