مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تنامي “الإسلاموفوبيا” في سويسرا

RDB

عبّر عمر أورهون، المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الذي أنهى يوم الأربعاء زيارة عمل لسويسرا، عن بالغ قلقه لتنامي مشاعر الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في سويسرا.

وانتقد الدبلوماسي التركي المبادرة الشعبية الداعية إلى حظر بناء المآذن، لكنه أقر خلال ندوة صحفية عقدها في ختام الزيارة، بأن ظروف حياة المسلمين في سويسرا أفضل، نِـسبيا، من بعض البلدان الأخرى، التي سبق له أن زارها.

ففي سويسرا، يقول المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا “ليس هناك أحياء معزولة خاصة بالمسلمين، كما أنهم لا يشتكون من أعمال استفزازية أو مضايقات، لكنهم قلقون لتنامي مشاعر الخوف من الإسلام بين صفوف المواطنين السويسريين”.

وفي تصريح خاص لسويس انفو، قال الدبلوماسي التركي: “إن مشاعر الخوف المتبادلة بين المسلمين وغير المسلمين يمكن تجاوزها بسهولة، عبر اتخاذ مبادرات بسيطة تترجم الإرادة الطيبة من الطرفين”.

وهذا ما يعتقده أيضا عادل الماجري، رئيس رابطة مسلمي سويسرا الذي يأسف أن تعلّـق الأنظار لمعالجة قضايا داخلية بـأطراف خارجية، “إذ الأصل في الأشياء، أن يتم هذا من خلال حوار بين المسلمين وسلطات بلادهم، على المستويين الكانتوني والفدرالي، ولكن هذا لم يتم، ربما لعدم إدراك حجم المصاعب التي يعايشها المسلمون في هذا البلد”.

وخلال زيارته التي استمرت ثلاثة أيام (من 12 إلى 14 نوفمبر)، التقى المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بممثلي المنظمات الإسلامية، وتناولت تلك اللقاءات مُـجمل القضايا التي تحيط بوجود المسلمين في سويسرا، وحقّـهم في العمل والتعليم وممارسة دينهم في جوّ من الاطمئنان والراحة.

وفي اتصال مع سويس انفو، لخص فاتح درسون، عضو اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية وعضو منتدى حوار الأديان بزيورخ تلك القضايا بقوله: “لقد ناقشنا مع المبعوث الأوروبي ضرورة احترام الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون ومنها سويسرا، مواثيق حقوق وكرامة الإنسان، وشرحنا له المشكلات التي يواجهها المسلمون على مستوى قوانين الإقامة والجنسية والتمييز الذي يتعرضون إليه في مجالات العمل والتعليم ومخاطر ذلك على مستقبل أبنائهم”.

وعن الجانب الرسمي، سمحت الزيارة للسفير أورهون بالاستماع إلى وجهة نظر ثلاثة من أعضاء الحكومة الفدرالية وهم باسكال كوشبان (وزير الشؤون الداخلية)، وميشلين كالمي – ري (رئيسة الكنفدرالية ووزيرة الخارجية) وكريستوف بلوخر (وزير العدل والشرطة).

وفي معرض تعليقه على تلك اللقاءات، قال المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا: “إنه من المبكّـر تحديد موقف حول القضايا التي تمّ التطرق إليها”.

الخطوة التي لا يمكن تبريرها

ويرى الدبلوماسي التركي أن هناك دواعي كثيرة للقلق على أوضاع المسلمين في سويسرا، ومنها القوانين الجديدة المنظمة لإقامة الأجانب، والذي يرى أنها “قوانين قائمة على التمييز العنصري”، كما يرى في المبادرة الشعبية الداعية إلى إضافة بند في الدستور يحظر بناء المآذن في سويسرا، “مثال آخر يُـمكن أن يضاعف شعور المسلمين بأنهم مستهدفون وغير مرغوب فيهم”.

في المقابل، ونقلا عن الشخصيات الإسلامية التي التقى بها خلال زيارته، يقول السفير أرهون: “إنهم ينتظرون من الجهات الرسمية مبادرات ايجابية تُـشعرهم بأنهم طرف مرحب به ويتمتعون بكامل الحقوق، وأن تساعدهم في الحصول على أماكن عبادة لائقة”.

ومما نُـقِـل عن بعض ما دار في اللقاء الذي جمع الدبلوماسي التركي بقيادات من الأقلية المسلمة في سويسرا، تساؤل السيدة نادية كرموس، رئيسة جمعية النساء المسلمات بسويسرا التي قالت “كيف يُـعقل أن يمنح حق المقابر المسيحية للمسيحيين في مصر منذ مئات السنين وفي المغرب وغيرها، ثم لا يزال المسلمون يطالبون بذلك إلى اليوم من دون جدوى”.

وقد حذّر المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا من أن “الإقدام على حظر المآذن، ستكون خطوة غير محسوبة العواقب ولا مُـبرر لها، لا من وجهة نظر القانون الدولي ولا مواثيق حقوق الإنسان”.

الآمال المعلقة على الزيارة

وفي غياب حوار جادّ وشامل بين المسلمين في سويسرا والسلطات الرسمية، تبقى الآمال معلّـقة على ما سيَـرِد في تقرير المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ولا تخفي المنظمات الإسلامية أملها في أن يؤدّي نشر التقرير إلى “إلقاء الضوء على تصرّفات وأفكار حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، وكيف أنه أصبح وكر اليمين المتطرف في أوروبا”، مثلما يقول هشام ميرزا، رئيس فدرالية المنظمات الإسلامية في سويسرا، الذي يضيف: “وسيعلم بذلك أن الجميع يسكن في بيت من زجاج، وعليه أن يأخذ في الاعتبار المعايير الدولية والقوانين الإنسانية”.

وأما جمال الشريف، مسؤول الإتصال بجمعية مسلمي نوشاتيل فيرى أن “نتائج الزيارة مرهونة بالإرادة السياسية للسلطات السويسرية، فالأمر يتعلق بصورة سويسرا في العالم، ومنذ فترة، كانت أغلب التقارير التي صدرت عن سويسرا سلبية، وأعتقد أنهم هذه المّرة حريصون على تحسين هذه الصورة”.

ومن المنتظر أن ينتهي السفير عمر أرهون من إنجاز تقريره لتسليمه لرئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في موفى شهر يناير القادم، ولبرن الحق بعد ذلك في السماح بنشره أم الاحتفاظ به طي الكتمان.

وكان السفير التركي قد قام قبل زيارته لسويسرا، بزيارات مماثلة لكل من فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا والدنمرك، وهي الدولة الوحيدة التي سمحت بنشر التقرير للرأي العام.

عبد الحفيظ العبدلي – لوزان

الكاثوليك الرومان: 42%
الكاثوليك القدامى: 0.2%
الكنيسة البروتستانتية: 33%
الأرثوذكس: 1.8%
الإنجيليين: 0.1%
المسلمون: 4.3%
اليهود: 0.2%
البوذيون: 0.3%
الهندوس: 0.4%
بقية المجموعات الدينية: 0.1%
اللادينيون: 11%
(المصدر: الإحصاء الفدرالي سنة 2000)

تضم هذه المنظمة المعنية بالأمن والاستقرار في أوروبا، 56 دولة في صفوفها، وتهتم بالأبعاد السياسية – العسكرية والاقتصادية – البيئية والإنسانية في المجال الأمني.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، عمِـل عمر أورهون، (الذي سبق له أن ترأس بعثة تركيا لدى المنظمة من عام 2000 إلى 2004)، ممثلا شخصيا لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمكافحة عدم التسامح والتمييز تجاه المسلمين.

كان من المقرر أن يزور السيد أورهون سويسرا في وقت سابق من العام الجاري، لكن زيارته أجِّـلت بطلب من الحكومة السويسرية لما بعد موعد الانتخابات العامة المقررة يوم 21 أكتوبر.

سيقوم السيد أورهون بزيارة سويسرا في شهر نوفمبر القادم، باسم الرئاسة الإسبانية للمنظمة، وسيُـجري لقاءات مع عدد من الجهات السويسرية.

عيّـنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ثلاث ممثلين شخصيين للرئيس المباشر لها.
منذ ثلاثة أعوام، يُـخصّص السفير عمر أورهون جزءً من وقته لمكافحة عدم التسامح والتمييز ضد المسلمين في البلدان الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ويعمل بقية الوقت في وزارة الشؤون الخارجية التركية.

يتمثل دور السفير التركي – الذي يعمل بتعاون وثيق مع الرئيس المباشر للمنظمة – في العمل على إيجاد تنسيق أفضل بين الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في المنظمة، لتطبيق قرارات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول التسامح وعدم التمييز.

منذ سنة تقريبا، يوجّـه السفير عمر أورهون انتقادات إلى ألمانيا بخصوص اختبارات التجنّـس المفروضة فيها على المسلمين، وفي العام الجاري، هاجم الحكومة الدنمركية وإجراءات التمييز المطبقة في هذا البلد، على حدّ قوله.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية