تنفيذ أول حكم إعدام علني في افغانستان منذ تولي طالبان السلطة
نفذت طالبان أول إعدام علني الأربعاء بحق أفغاني دين بارتكاب جريمة، وذلك للمرة الأولى منذ عودتها الى السلطة في افغانستان وبعد أسابيع فقط على أمر القائد الأعلى بتطبيق الشريعة الإسلامية بكل جوانبها.
وتوالت الادانات الدولية لهذا الاعدام وعبر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش عن “قلقه الشديد”.
وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في بيان إن “المحكمة العليا تلقت أمرا بتنفيذ أمر القصاص هذا خلال تجمع عام للسكان”، في إشارة الى مبدأ “العين بالعين” في الشريعة الاسلامية.
واشار البيان الى أن المحكوم اسمه تاجمير، ابن غلام سروار، كان متهما بقتل رجل وسرقة دراجته النارية وهاتفه النقال.
وأضاف البيان “في وقت لاحق، تعرف أهل الراحل على هذا الشخص” وكان يقيم في إقليم أنجيل بولاية هرات (غرب) وقد أقر بذنبه.
وأوضح الناطق باسم طالبان مساء أن حكم الاعدام نفذه والد الضحية الذي أطلق النار ثلاث مرات على المحكوم برشاش كلاشنيكوف.
حضر عشرات الموظفين الرسميين في القضاء ومسؤولون من طالبان تنفيذ حكم الإعدام.
وأكد القادة الجدد للبلاد أن القضية درست بشكل معمق من قبل مختلف المحاكم (البداية ومحكمة الاستئناف والمحكمة العليا) قبل ان يصادق القائد الاعلى لطالبان هبة الله أخوند زاده على الحكم.
وقال الناطق باسم طالبان إن “هذه القضية درست بعناية فائقة”.
في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر أمر أخوند زاده القضاة بتطبيق كل جوانب الشريعة الاسلامية، وخصوصا عمليات الإعدام العلنية والجلد والرجم، اضافة الى بتر اعضاء اللصوص.
وقال بحسب ما أورد الناطق باسم زعيم طالبان على لسانه في تغريدة “أدرسوا جيّدا ملفات اللصوص والضالعين في عمليات خطف ومثيري الفتن”.
– “خلق وحدة” –
وأضاف “أنتم ملزمون تطبيق الحدود والقصاص بالنسبة للملفات التي استوفت جميع الشروط التي تضعها الشريعة لذلك”.
وقال كريم باكزاد الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) لوكالة فرانس برس “مع هذا الإشعار الرسمي بتطبيق ما هو مكتوب، يذكر هبة الله أخوند زاده بأن القانون الوحيد على وجه الأرض هو الشريعة وأنه ما على البشر إلا تفسيرها”.
فيما تواجه طالبان اليوم مقاومة حتى من داخل النظام نفسه، يشير الباحث الى أن “الشريعة التي هي الأساس الأيديولوجي للحركة هي وسيلة للجمع بين الناس وخلق وحدة”.
من جانب آخر قالت الناطقة باسم الأمين العام للامم المتحدة ستيفاني تريمبلاي في تصريح صحافي إن غوتيريش عبر عن “قلقه الشديد” ازاء تنفيذ اول حكم اعدام علني في افغانستان منذ عودة طالبان الى السلطة.
وقالت “موقفنا لم يتغير أبدا، الأمم المتحدة تعارض عقوبة الاعدام. بالتالي ندعو الى العودة الى تجميد عقوبة الاعدام في البلاد”.
كما نددت باريس “بأشد العبارات” بهذا الاعدام العلني. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن “فرنسا تدين بأشد العبارات الإعدام العلني الذي نفذته حركة طالبان هذا اليوم”.
وأضافت “هذا القرار الشنيع يضاف الى العديد من الانتهاكات الاخرى للحريات الأساسية التي ترتكبها طالبان بحق أفغانيات وأفغان منذ تسلمها السلطة بالقوة في آب/اغسطس 2021”.
وقالت في بيان إن “فرنسا تذكر بمعارضتها الدائمة لعقوبة الاعدام في كل الأماكن وتحت أي الظروف” و”تبقى ملتزمة بتصميم في سبيل الغاء هذا القصاص الظالم وغير الانساني في العالم”.
نفذت حركة طالبان عدة عمليات جلد علنية منذ توليها السلطة في آب/اغسطس 2021 لكن إعدام الأربعاء هو الأول الذي يعترفون به.
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي منذ أكثر من سنة بمقاطع فيديو وصور لمقاتلي طالبان وهم يجلدون في الشوارع أشخاصا متهمين بارتكاب جرائم مختلفة.
كما وردت تقارير أيضا عن الجلد بتهمة الزنا في المناطق الريفية بعد صلاة الجمعة، لكن من الصعب التحقق من ذلك بشكل مستقل.
عند عودتها إلى السلطة، وعدت طالبان بأن تكون أكثر مرونة في تطبيق الشريعة لكنها عادت الى حد كبير إلى التفسير المتشدد للإسلام الذي طبع حكمها الأول.
وكانت تعاقب آنذاك علنا مرتكبي جرائم السرقة أو الخطف أو الزنا، بعقوبات مثل بتر أحد الأطراف او الرجم.
وقالت أوغاي آميل الناشطة الأفغانية في سبيل حقوق الانسان لوكالة فرانس برس إن “هذه العقوبات محظورة في جميع أنحاء العالم. من غير الإنساني رؤية ذلك”.
واعتبرت واشنطن أنه بهذا الإعدام الذي وصفته بـ”البغيض”، لم تفِ طالبان بوعودها لبقية العالم.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في مؤتمر صحافي “هذا يظهر، من وجهة نظرنا، أن طالبان تسعى للعودة إلى ممارساتها الرجعية والعنيفة في التسعينيات”.