توضيحات أممية حول الإتصالات مع الحكومة الفلسطينية
في جنيف، أكد مارك مالوخ براون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة "ضرورة الاستمرار في التعامل مع كل الساهرين على تطبيق البرامج الهادفة لمساعدة الشعب الفلسطيني".
من جهته أصر لاغون مارك، نائب وزيرة الخارجية الأمريكية المكلف بالمنظمات الدولية، على أن واشنطن “لا ترغب في تقديم دعم للسلطة ما دامت حماس في دفة القيادة”.
أثارت التصريحات التي أدلى بها ستيفان دو جاريك، الناطق باسم الأمم المتحدة في نيويورك، قبل أسابيع جدلا داخل الأوساط الأممية حول كيفية التصرف مع حكومة حماس التي انتخبها الشعب الفلسطيني بطريقة ديمقراطية نزيهة وشفافة يشهد له بها الجميع.
وما زاد في غموض الموقف أن تصريحات الناطق باسم الأمم المتحدة، أضيفت لها فيما بعد توضيحات مفادها أن “ما نقل عن المتحدث باسم الأمم المتحدة قد نقل بالغلط”. إلا أن المنظمة الأممية لم تصدر أية توصيات واضحة تصحح ما فهم خطأ في دعوة ستيفان دو جاريك الى وقف التعامل مع وزراء السلطة الفلسطينية المنحدرين من حركة حماس.
غموض ومواقف متباينة
وإذا كانت منظمات أممية مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، قد سارعت غداة صدور هذا الإعلان الى التوضيح على لسان مفوضتها السامية كارين أبو زيد بأنها “لن تمتثل لتلك التعليمات ما لم تحصل على نص مكتوب، وأنها ستواصل التعامل مع كل الشركاء في وقت يطلب منها أن تضاعف من مجهودها لمساعدة الشعب الفلسطيني”، فإن منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة تصرفت بطريقة مخالفة تماما.
فعلى سبيل المثال، امتنع وفد رفيع المستوى من منظمة العمل الدولية زار الأراضي الفلسطينية ما بين 30 مارس و4 ابريل 2006، عن مقابلة وزير العمل الفلسطيني، الأمر الذي دفع البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة في جنيف للاحتجاج لدى المدير العام لمنظمة العمل الدولية، مطالبة بتوضيح حقيقة التعليمات التي وجهت للوفد، والأسباب التي دفعته للتفاوض بخصوص الاستقبال من قبل الوزير بدون رئيس الوفد. وأمام رفض المسؤولين الفلسطينيين، تم إلغاء زيارة وزارة العمل من جدول زيارة الوفد للأراضي الفلسطينية، وهو السؤال الذي وجهته سويس إنفو لمنظمة العمل الدولية وهي في انتظار الرد.
من جهة أخرى، زار وفد من منظمة الصحة العالمية الأراضي الفلسطينية في بداية شهر مارس الماضي لمعاينة الاحتياطات المتخذة لمعالجة انتشار مرض أنفلونزا الطيور، ونقل آنذاك عن مصادر موثوقة أنه لما وصل وزير الصحة الفلسطيني في حكومة حماس الى مكان الاجتماع مصحوبا بالصحفيين، انسحب أعضاء وفد منظمة الصحة العالمية لتجنب الظهور برفقته في التقارير الصحفية.
الاتصال بكل الشركاء ولكن…
انتهزت سويس إنفو فرصة تحول مارك مالوخ براون، نائب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة إلى جنيف يوم الثلاثاء 25 أبريل 2006 للحديث عن إصلاح منظومة الأمم المتحدة وسألته عن قانونية ما تردد من تعليمات لموظفي المنظمة لمقاطعة الاتصال بأفراد حكومة حماس المنتخبة من قبل الشعب الفلسطيني.
نائب الأمين العام أوضح بأن “ما نقل عن الناطق باسم الأمم المتحدة تم بشكل خاطئ”، وأضاف “علينا ان نتعامل مع كل الأطراف التي نشتغل معها لانجاز مشاريع كبرى لدعم الشعب الفلسطيني، وسنواصل الحديث والعمل مع كل الذين يسهرون على تطبيق هذه المشاريع”.
وأشار براون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن “أمامنا مشكلة، وهي أن هذه المشاريع تمول بطريقة طوعية من قبل دول مانحة، وإذا ما توقفت هذه الدول عن الدفع فإن هذه المشاريع قد تتوقف”.
كما أثار نائب الأمين العام في رده مبدأ آخر وهو “أنه إذا كانت هناك ضرورة للتعامل مع السلطات المنتخبة، فإن علينا أيضا، كمنظمة ملتزمة بميثاق الأمم المتحدة، أن نرفض العنف مهما كان مصدره، وبالأخص العنف الموجه ضد المدنيين، وأن نرفض أية تلميحات تشير الى رفض وجود بلد عضو”، في إشارة إلى دولة إسرائيل.
وأكد نائب الأمين العام في تصريحاته أنه “في الوقت الذي يجب فيه الاستمرار في العمل مع الشعب الفلسطيني ومع السلطات التي انتخبها، يجب ألا نغض الطرف عن مواصلة التمسك بالمبادئ التي يجب أن تلتزم بها الحكومة الفلسطينية، كالاعتراف بدولة إسرائيل وإدانة الاعتداءات ضد المدنيين داخل إسرائيل، والعمل من أجل التوصل الى تسوية سلمية”.
وفي معرض شرحه لمضمون التعليمات التي وجهت بصريح العبارة لموظفي الأمم المتحدة بهذا الخصوص، أوضح السيد مارك مالوخ براون “إن التعليمات هي تلك التي أوضحها مبعوث الأمم المتحدة للمنطقة، السيد الفارو دي صوتو، والتي عرضت أمام مجلس الأمن الدولي اليوم (الثلاثاء 25 ابريل 2006)”.
وتنص التعليمات على “ضرورة الاستمرار في كل الاتصالات المتعلقة بإنجاز البرامج التي شرع في إنجازها، وأن الأمين العام للأمم المتحدة هو الذي له صلاحية تحديد الاتصالات السياسية والدبلوماسية التي يجب القيام بها، وهذا ما سيواصل القيام به. أما الموظفون، فعليهم مواصلة العمل مع نظرائهم من السلطة الفلسطينية لإتمام إنجاز البرامج”، على حد قوله.
أمريكا: لا اتصالات ولا دعم
في سياق متصل، شدد مارك لايغون، نائب وزيرة الخارجية الأمريكية المكلف بالمنظمات الدولية في لقاء جمعه بالصحافة الدولية في جنيف في نفس اليوم (الثلاثاء 25 أبريل 2006) على “أن الولايات المتحدة لا ترغب في تقديم أي دعم للسلطة الفلسطينية ما دامت حماس في دفة القيادة”.
ولكنه أوضح في المقابل بأن واشنطن تواصل تقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني، وهي تعد من أكبر الممولين لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التابعة للأمم المتحدة.
من جهة أخرى، هاجم المسؤول الأمريكي اللجان الثلاثة المعنية بمتابعة القضية الفلسطينية في منظمة الأمم المتحدة، متهما إياها بأنها “لا تعمل لصالح رفاهية الفلسطينيين، بل هي عبارة عن وسيلة دعائية تستخدم ضد إسرائيل”، على حد تعبيره.
وردا على سؤال حول “ما إذا كانت الدولة التي تنادي بتعزيز الديمقراطية في العالم تجد تبريرا لتجويع شعب بأكمله”، رد مارك لايغون، نائب وزيرة الخارجية الأمريكية “ما دام المنتخبون في السلطة الفلسطينية من حركة حماس يصرون على إنهاء وجود دولة إسرائيل، فإننا لن نقبل الاستمرار في دعم السلطة الفلسطينية”.
واختتم المسؤول الأمريكي رده بالقول: “في حال تغيير حماس لموقفها وإعلانها التخلي عن هذا الموقف، فإن الأمور قد تتغير”.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.