جهاديون أجانب قيد الاحتجاز في سوريا يدفعون ببرائتهم من حمل السلاح
قبل سنوات، غادر نواف وحسن بلديهما رغبة بالعيش في كنف “الخلافة الاسلامية” لينتهي بهما الأمر معتقلين في شمال سوريا، لكنهما يصران في مقابلة مع وكالة فرانس برس على انهما كانا مجرد “موظفين” ولم يقاتلا مع تنظيم الدولة الاسلامية.
وعلى غرار مئات الأجانب من أكثر من أربعين دولة ممن انتقلوا الى مناطق سيطرة التنظيم، يقبع نواف (22 عاماً) البحريني الجنسية مع حسن (49 عاماً) التركي الجنسية منذ أشهر عدة في سجون تابعة لقوات سوريا الديموقراطية في شمال شرق سوريا.
وتستقبل هذه السجون أسبوعياً معتقلين جددا مع استمرار المعارك التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً ضد تنظيم الدولة الاسلامية الموجود في جيوب محدودة في شرق سوريا.
في مركز استخبارات تابع لوحدات حماية الشعب الكردية في بلدة رميلان في محافظة الحسكة، التقت فرانس برس الثلاثاء نواف وحسن اللذين كانا غير مقيدي الأيدي وبديا بصحة جيدة ويرتديان ثياباً رياضية نظيفة.
ويقول نواف الشاب اليافع ذو العينين الملونتين انه انضم الى التنظيم “للدفاع عن المسلمين الذين يتم قصفهم”، من دون أن يحدد ما اذا كان يقصد قوات النظام السوري أم التحالف الدولي الذي بدأ حملة ضد التنظيم في العام 2014.
وتجذب الرؤية المتشددة للاسلام التي تتبعها “الخلافة” نواف الذي يصف فرض النقاب على المرأة بأنه “جيد” باعتبار أنه يؤمن “حماية المرأة من النظرة الجنسية للرجال”.
من البحرين، انتقل نواف الى قطر ثم تركيا، ومنها توجه الى العراق لفترة وجيزة قبل أن يصل سوريا ويستقر في الرقة، التي كان تعد أبرز معاقل التنظيم المتطرف.
ويروي نواف الذي تزوج من فتاة كويتية (24 عاماً) وأنجب منها طفلة بعد فترة وجيزة، انه عاش “حياة طبيعية”، بعيداً عن عمليات الإعدام والعقوبات الوحشية التي نفذتها الدولة الإسلامية و”لا نراها الا في الإعلام أو في الأفلام الدعائية”.
ويقدم حسن ذو العينين الزرقاوين، نفسه كمدني أرهقته آلاماً يعاني منها في ظهره وعمليات جراحية عدة خضع لها.
ووصل حسن إلى الرقة في العام 2015، حيث عمل “حارساً في مرآب” فيما تمارس زوجته الأوزبكية الطب في منزلها. ويقول “أنا لم أحارب، ولم أكن أعرف شيئا” عن أنشطة التنظيم.
– “لم يجرؤ أحد”-
ويقول نواف “أنا لم أكن راض عما حدث” مضيفا “لكن هذه هي فلسفة داعش، ولم يتجرأ أحد على معارضتها” خوفا من اتهامه بالخيانة ومواجهة خطر الإعدام.
ورغم اصرار الرجلين على عدم انخراطهما في القتال مع التنظيم وعلى طبيعة عملها السلمي، الا أن ثمة مؤشرات مثيرة للشك.
قبل مجيئه الى الرقة، يقول حسن إنه أمضى وقتاً في مخيمات للمقاتلين في سوريا وتركيا، كما عاش “مع أوزبكيين” في وزيرستان، منطقة قبلية باكستانية يقطنها جهاديون أوزبكيون معروفون بشراستهم وانتموا لوقت طويل الى تنظيم القاعدة قبل أن يلتحقوا بصفوف تنظيم الدولة الاسلامية.
ويصر نواف على أنه لم يكن الا “مجرد موظف” في مكتب بحوث تابع لتنظيم الدولة الإسلامية، مكلف بتوضيح العقيدة الإسلامية والفتاوى التي يصدرها التنظيم. إلا أن هذا المكتب شكل حينها مركز سلطة نافذة بقيادة بحريني آخر هو المفتي تركي بن علي، الذي يعد من أعلى الشرعيين في التنظيم.
فر كل من نواف وحسن من الرقة صيف العام 2017 على وقع تقدم قوات سوريا الديموقراطية التي سيطرت على المدينة بالكامل في تشرين الأول/أكتوبر. أمن التنظيم هروبهما على غرار كثيرين قبل بدء المعركة ووصلا الى منطقة الميادين، حيث كان مقاتلو التنظيم على حد قولهما، يخوضون معارك نفوذ وتسوية حسابات في ما بينهم.
وازاء هذا الواقع، حاول الرجلان الفرار خوفاً من أن يقعا ضحية بدورهما.
اتجه حسن الخريف الماضي برفقة زوجته على متن دراجة نارية نحو الشمال، حيث تم توقيفهما على حاجز للقوات الكردية وأودعا بعد فصلهما السجن.
ودفع حسن مبلغ 4 آلاف دولار لمهرب سلمه مطلع الشهر الماضي الى القوات الكردية فيما كان يهم بعبور الحدود التركية.
لا يملك الرجلان أدنى فكرة عن المصير الذي ينتظرهما، في حين تعرقل كافة البلدان عملية اعادة مواطنيها الجهاديين المحتجزين في سوريا.
ويؤكد كلاهما انهما طويا صفحة التنظيم.
ويقول حسن الذي يأمل أن يجد مكاناً في المستقبل “لممارسة الطقوس الدينية للاسلام”، ان مقاتلي التنظيم “لم يكونوا سوى خونة وظالمين وليس لهم علاقة بالإسلام”.