جوزاف عون يؤكد بعد انتخابه رئيسا بدء “مرحلة جديدة للبنان”
أكّد الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون في خطابه الأول بعد انتخابه الخميس “بدء مرحلة جديدة للبنان”، متعهدا التأكيد على “حق الدولة في احتكار السلاح” وعلى احترام القرارات الدولية بما فيها اتفاق الهدنة مع إسرائيل.
ويشكّل انتخاب عون نكسة جديدة لحزب الله الذي عارض على مدى سنتين ترشيحه الى الرئاسة. وقد تضمّن خطاب الرئيس المنتخب رسائل واضحة إلى الحزب، القوة الوحيدة غير الشرعية التي تحتفظ بسلاحها بحجة “مقاومة إسرائيل”.
وجاء انتخاب عون بعد حرب مدمّرة بين حزب الله وإسرائيل أضعفت الحزب اللبناني وتلاها سقوط حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة.
ويُنهي انتخاب قائد الجيش اللبناني رئيسا للجمهورية شغورا في المنصب استمر أكثر من سنتين وساهم في تعميق أزمات أمنية واقتصادية وسياسية.
وفي خطاب القسم الذي أعقب أداءه اليمين الدستورية في مقرّ البرلمان، قال عون “عهدي الى اللبنانيين أينما كانوا، وليسمع العالم كله، اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان”.
وأضاف “عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلحة ورئيس للمجلس الأعلى للدفاع، بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح”.
وتابع أنه سيسعى الى بناء “دولة تستثمر في جيشها ليضبط الحدود ويساهم في تثبيتها جنوبا وترسيمها شرقا وشمالا وبحرا ويمنع التهريب ويحارب الإرهاب.. ويطبّق القرارات الدولية ويحترم اتفاق الهدنة (مع إسرائيل) ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية”.
ولبنان الرسمي مرتبط منذ العام 1949 باتفاق هدنة مع إسرائيل.
كما تعهّد الرئيس الجديد العمل على إزالة الاحتلال الإسرائيلي للبنان وعلى بناء المؤسسات ومحاربة الفساد.
وفاز عون بالرئاسة في الدورة الثانية من الاقتراع ب99 صوتا من أصل 128 نائبا يشكّلون كلّ أعضاء مجلس النواب وقد حضروا جميعا الجلسة.
– تصفيق واجتماع –
وبعيد إعلان رئيس البرلمان نبيه برّي فوز عون، وصل الرئيس المنتخب الذي ارتدى بزة مدنية رسمية سوداء الى مقرّ البرلمان في وسط بيروت ودخل قاعة الجلسات على وقع تصفيق النوّاب الذين قاطعه العدد الأكبر منهم بالتصفيق كذلك خلال إلقائه الخطاب، بينما لم يصفّق نوّاب حزب الله.
وكان مصدر قريب من حزب الله وحليفته حركة أمل قال لوكالة فرانس برس إن نواب الحزبين صوّتوا في الدورة الأولى ب”ورقة بيضاء”.
ورُفعت الجلسة لساعتين بعد الدورة الأولى التقى خلالها ممثلان لحزب الله وأمل جوزاف عون في البرلمان. وبدا واضحا أنّ أكثرية نواب الحزبين البالغ عددهم ثلاثين اقترعوا له، ما منحه الأكثرية المطلوبة للفوز، وذلك بعد أن كان قد حصل على 71 صوتا فقط في الدورة الأولى، علما أنه يحتاج الى أكثرية الثلثين للفوز فيها.
وأكّد رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد ذلك عندما قال بعد خروجه من مجلس النواب لصحافيين “أردنا من خلال تأخير تصويتنا لفخامة الرئيس أن نرسل الرسالة بأنّنا كما كنّا حماة السيادة الوطنية فإنّنا حماة الوفاق الوطني في هذا البلد”.
وحملت بعض أوراق الاقتراع تعابير منها “السيادة والدستور”، والوصاية”، و”الدستور ليس وجهة نظر”، و”جوزاف آموس بن فرحان”، في إشارة الى اسمي الموفد الأميركي آموس هوكستين والسعودي يزيد بن محمّد بن فهد آل فرحان اللذين التقيا هذا الأسبوع العديد من النواب والشخصيات السياسية لإبلاغها بتأييد بلديهما لقائد الجيش، وفق ما نقل سياسيون عنهما.
وكان عدد من النواب انتقدوا في بداية الجلسة خرق الدستور الذي يحظّر انتخاب أيّ موظف من الفئة الأولى للرئاسة وهو لا يزال في الخدمة. كما انتقدوا “إملاء” اسم عون من جانب دول أجنبية، وفق قولهم.
وكانت كتلة التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، صهر الرئيس السابق ميشال عون، الكتلة الوحيدة، إلى جانب بعض المستقلين، التي لم تصوّت لجوزاف عون.
– مواقف مرحّبة –
ورحّب مجلس الأمن الدولي بانتخاب عون، معتبرا أنّ هذه الخطوة “أنهت أكثر من عامين من الشغور في هذا المنصب المهم”. وقال المجلس في بيان إنّ أعضاءه الـ15 يؤكّدون على “أهمية انتخاب رئيس في لبنان لضمان سير عمل مؤسسات الدولة بالكامل، ومواجهة التحدّيات الاقتصادية والأمنية الملحّة”.
ورحّب بانتخاب عون الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، معتبرا أنّ الرئيس الجديد هو “الزعيم المناسب لهذه الفترة”.
وقال بايدن في بيان “أثق بالرئيس عون، وأعتقد بشكل راسخ أنّه الزعيم المناسب لهذه الفترة”، معتبرا أنّ عون سيوفر “قيادة حاسمة” في الإشراف على وقف إطلاق النار الساري بين إسرائيل وحزب الله.
وهنّأ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان الرئيس الجديد.
واعتبرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت أنّ “انتخاب رئيس جديد يبعث الأمل مجددا، ويمثّل فرصة لتمهيد الطريق نحو تحقيق تقدّم في ترسيخ وقف الأعمال العدائية” مع إسرائيل، و”تعزيز سلطة الدولة على كامل الأراضي اللّبنانية ودفع عجلة الإصلاحات الشاملة والمستدامة”.
وفي نيويورك، هنّأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على لسان متحدث باسمه الرئيس اللبناني الجديد، معتبرا انتخابه “خطوة حاسمة على طريق الخروج من المأزق السياسي والمؤسسي في لبنان” وداعيا إلى “تشكيل حكومة جديدة بسرعة”.
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن انتخاب رئيس في لبنان “يمهّد الطريق أمام الإصلاحات”. كما رأت الخارجية الألمانية في انتخابه “مناسبة لإجراء إصلاحات” في لبنان.
وأعلن الإليزيه أنّ ماكرون هنأ عون هاتفيا و”اتفق” معه خلال المكالمة على أن “يزور لبنان قريبا جدا”.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إنّ انتخاب رئيس يمثل “لحظة أمل” لهذا البلد.
وأعرب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في برقية تهنئة لعون عن تمنياته له بـ”التوفيق في خدمة لبنان وتعزيز مسيرة التقدم والتطوير فيه وتحقيق الازدهار للشعب اللبناني الشقيق”.
وتمنّى الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس أن يتمكّن لبنان قريبا من أن “يتجاوز تداعيات” الحرب المدمّرة التي دارت بين إسرائيل وحزب الله بعد انتخاب عون.
وأكّدت السفارة الأميركية في لبنان التزام واشنطن “العمل بشكل وثيق مع الرئيس عون مع بدئه جهود توحيد البلاد، وتنفيذ الإصلاحات وتأمين مستقبل مزدهر للبنان”.
من جهته اعتبر المتحدث باسم الخارجية الايرانية اسماعيل بقائي انتخاب عون بمثابة “نجاح لكل لبنان”.
وأعربت الخارجية التركية عن أملها في أن يساهم انتخاب عون و”الحكومة المقبلة التي سيتم تشكيلها في استقرار لبنان، وكذلك في السلم والازدهار في المنطقة”.
وأملت قطر أن يساهم انتخاب الرئيس الجديد في “استقرار لبنان”.
وتنتظر الرئيس المقبل والحكومة التي سيشكلها تحديات كبرى، أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمّرت أجزاء في جنوب وشرق البلاد وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
ومن التحديات أيضا القيام بإصلاحات ملحّة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من خمس سنوات من انهيار غير مسبوق.
-احتفالات-
وعمّت الاحتفالات البلدة التي يتحدّر منها عون في جنوب لبنان ومكان إقامة عائلته في ضاحية بيروت الشمالية.
وفي بلدة العيشية، مسقط رأسه، احتفل الأهالي على وقع الموسيقى والرقص والمفرقعات. ورفعت في شوارع القرية صور عون ولافتات مؤيدة كتب على إحداها “مبروك فخامة الرئيس”.
وقال سليم نصر أحد سكان القرية “أتمنى من الله أن يوفقه حتى يحقق حلمنا، نحن نريد السلم والهدوء في البلد، نتمنى أن يتمكن من تحقيق نصف ما وعد به” في خطاب القسم.
بور-لار/لو/رض/ب ق/بم