“حرب لبنان.. إذكاء لنار الكراهية في المنطقة”
بعد جدل، تطرقت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة أوجه التمييز العنصري للحرب في لبنان منتهية الى التحذير من أنها قد تؤدي الى "إذكاء نار الكراهية والتمييز العنصري في المنطقة".
اللجنة التي تختتم أعمالها يوم 18 أغسطس عقدت جلسة حول الموضوع تجلت فيها الإنقسامات القائمة بين خبرائها حول مجرد “أهليتها” لمناقشة الموضوع.
تزامن انعقاد الدورة الحالية للجنة الأمم المتحدة المكلفة بمناهضة كل أوجه التمييز العنصري في جنيف مع نشوب حرب لبنان بين إسرائيل وحزب الله، وفي الوقت الذي كان على إسرائيل ان تقدم فيه تقريرها الدوري أمام اللجنة قبل ان تؤجله بسبب هذه الحرب.
وفي جلسة عقدت يوم 3 أغسطس، ثار نقاش وجدل بين خبراء اللجنة حول مدى أهلية لجنة مناهضة التمييز العنصري لمعالجة الأزمة الناشئة في لبنان أو التطرق إليها لكنه انتهى الى اعتماد قرار (بأغلبية سبعة أصوات وامتناع ستة عن التصويت) تم الإعراب فيه عن أن “استمرار هذا الصراع قد يعمل على تعميق ظاهرة التمييز العنصري وشعور الكراهية في المنطقة وباقي انحاء العالم”.
كما دعا القرار الذي صدر يوم 11 أغسطس 2006 الى مساندة النداءات التي أصدرها كل من الأمين العام للامم المتحدة والمفوضة السامية لحقوق الإنسان بخصوص الأوضاع في لبنان.
سجال داخل اللجنة
الجدل الذي دار داخل لجنة مناهضة كل أشكال التمييز العنصري، سمح للخبراء الأعضاء فيها بالتعبير عن آرائهم وتقييماتهم المختلفة للمسألة.
الخبير الجزائري نور الدين أمير رأى بأنه “أمام ضخامة ما يتعرض له المدنيون في هذا الصراع، أن من صلاحيات لجنة مناهضة كل اشكال التمييز العنصري أن تعالج الموضوع من الناحية الإنسانية ومن ناحية القانون الإنساني الدولي”. وبعد ان حمل القائمين بالقصف، المسئولية عن عدم احترام المدنيين، دعا الخبير العربي اللجنة لاتخاذ قرار يتضمن “الدعوة الى احترام غير المقاتلين واحترام القانون الإنساني الدولي”.
أما الخبير خوزي ليندجرين آلفيس (من البرازيل)، فقد تساءل بوضوح: “إذا لم تعالج لجنة مناهضة كل أشكال التمييز العنصري وضعية مثل التي يعرفها لبنان، فعلينا أن نتساءل ما الذي يفعله خبراؤها هنا، أليس من الأفضل بالنسبة لهم العودة الى بيوتهم؟”. كما ذكر الخبير بأنه “كان على اللجنة ان تناقش هذا الموضوع ضمن بند الحالات الطارئة وان تناقش ذلك في جلسة مغلقة”.
من جهتها اعتبرت الخبيرة باتريسيا نوزيفو جانواري بارديل (من جنوب أفريقيا) أن القنابل التي يقال عنها ذكية والمستعملة من قبل إسرائيل “ليست ذكية بالمرة لأنها خلفت العديد من الضحايا المدنيين”. وذهبت الخبيرة الى حد القول: “إننا خجولون نوعا ما في الاعتراف بأن هناك إحساسا عنصريا منهجيا في هذه المنطقة من العالم”. وأضافت السيدة بارديل “إن الناس يسمحون لأنفسهم بالقيام بعمليات التقتيل عندما يُنقصون من قيمة الخصم، وأن الوضعية الحالية تشتمل على عناصر تمييز عنصري رسمية”. وطالبت مجلس الأمن الدولي بضرورة “إدانة العقاب الجماعي الذي تقوم به إسرائيل ضد السكان المدنيين”.
في المقابل – ومع اعتراف كل الخبراء الأعضاء في اللجنة بأن الأوضاع التي يعيشها المدنيون في هذا الصراع هي باعث على القلق – رأى بعضهم من أمثال الخبيرة فاطمة بنتا فيكتوار داه (من بوركينا فاسو) أن “الشك الذي راودها في البداية حول مدى صلاحية هذه اللجنة في معالجة الموضوع ما زال قائما”.
من جهته، لفت الخبير كوكو ماوينا كانا ايفومزان (من الطوغو)، انتباه اللجنة الى ضرورة “احترام عدم التحيز، وانتظار أن يثار النقاش عند تقديم إسرائيل لتقريرها”.
أما الخبير رالف بودي (من الولايات المتحدة) فقد اعتبر أن أعضاء اللجنة “بإمكانهم التعبير عن انشغالاتهم كأفراد، ولكن ليس كأعضاء في لجنة رسمية تنظر في قضية ليست من صلاحياتها”.
استغراب!
وفي حديث خص به سويس إنفو، عبر الخبير نورالدين أمير عن “استغرابه لكون بعض الخبراء عبروا عن عدم صلاحية اللجنة في معالجة هذا الموضوع”، ويستشهد على بطلان هذه المواقف بواقع أن “اللجنة نظمت نقاشا حول الموضوع، وأن محافل حقوق الإنسان من لجنة مناهضة كل أشكال التمييز العنصري أو مجلس حقوق الإنسان تطرقا للموضوع في نفس اليوم”.
ويذكر السيد أمير على أن لجنة مناهضة كل أشكال التمييز العنصري وضمن الصلاحيات المخولة لها “أدانت كل ما من شأنه أن يعمق الإحساس بالكراهية والتمييز بين الأديان والطوائف العرقية”.
ويذهب الخبير العربي إلى أن ما حدث في حرب لبنان “هو استهداف السكان المدنيين بعمليات قصف عمياء، وأن هؤلاء السكان لم يسمح حتى بتقديم المساعدة الإنسانية لهم بسبب قصف الجسور والطرقات والبنية التحتية”، وتساءل السيد نور الدين أمير: “هل يعقل ان نترك قصف المدنيين والمستشفيات والمنشئات المدنية بدون إدانة أو عقاب؟”.
مطالبة بتحقيق
في سياق متصل، بدأت بعض الأصوات في الارتفاع مطالبة بفتح تحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في هذه الحرب وخاصة ما يتعلق بالاستهداف المتعمد للسكان وللمنشئات المدنية وللبنية التحتية.
اللجنة الدولية للحقوقيين التي تتخذ من جنيف مقرا لها أعلنت عن اعتزامها القيام بتحقيق في انتهاك كل من القوات الإسرائيلية وقوات حزب الله للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان أثناء الصراع الأخير في لبنان.
وقال مدير اللجنة الدولية للحقوقيين نيكولا أون “لا يمكننا، مع ترحيبنا بوقف إطلاق النار، نسيان عدد الضحايا المدنيين وحجم الدمار الذي تم خلال شهر من القتال”، وأضاف “إن الوقت قد حان الآن لتجاوز الغموض والتصريحات المتضاربة لتحديد – بطريقة محايدة – حقيقة ما تم خلال العمليات العسكرية من الطرفين”.
وطالبت اللجنة الدولية للحقوقيين في بيان صدر يوم الخميس 17 أغسطس بمحاكمة مرتكبي التجاوزات وتقديم التعويضات للضحايا، وعدم تكرار تلك الممارسات في حال تجدد القتال.
أخيرا، ذكر السيد نور الدين أمير، الخبير في لجنة الأمم المتحدة لمناهضة كل أشكال التمييز العنصري بأن “المفوضة السامية لحقوق الإنسان لويز آربور تحدثت عن ان الأمر يتعلق “بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، كما طالبت “بمتابعة الذين اعطوا الأوامر وقادوا العمليات القتالية”.
ويرى الخبير الجزائري أن “من واجب رجال القانون في المجموعة الدولية أن يهتموا بمعالجة هذا الموضوع خصوصا عندما يتم استهداف المدنيين بهذا الشكل”.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
عقدت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري دورتها التاسعة والستين من 31 يوليو إلى 18 أغسطس 2006 في جنيف.
تتشكل اللجنة من 18 خبيرا يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة يتم انتخابهم لمدة 4 أعوام من طرف الدول الأعضاء في المعاهدة الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز العنصري.
من المتوقع أن تدخل بعض التغييرات على وضع وأسلوب عمل اللجنة في إطار هيكلة مجلس حقوق الإنسان الجديد الذي عوض لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم 17 يونيو 2006.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.