مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حزب الله يدفع ثمنا متصاعدا في الصراع في الشرق الأوسط

طفل يرفع علم حزب الله خلال جنازة محمد حسن جعفر مكي أحد أعضاء الجماعة يوم الأربعاء الذي قتل في جنوب لبنان وسط تصاعد حدة التوترات بين إسرائيل وحزب الله في ضواحي بيروت الجنوبية بلبنان. تصوير: عزيز طاهر - رويترز reuters_tickers

من ليلى بسام وجهاد عبيدلاوي

بيروت 20 ديسمبر كانون الأول (رويترز) – قالت مصادر مطلعة على تفكير جماعة حزب الله اللبنانية إن الجماعة تدفع ثمنا متزايدا في قتال مستمر منذ أسابيع مع إسرائيل وأسفر عن مقتل أكثر من 100 من مقاتليها، لكنها لا تتوقع حربا شاملة حتى مع ارتفاع عدد القتلى واستمرار الصراع.

ودفنت الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران ستة آخرين من مقاتليها يوم الأربعاء، والتفت نعوشهم بعلم الجماعة الأصفر. وهؤلاء أحدث القتلى في أعنف مواجهة مع إسرائيل منذ حرب 2006.

وتبادل حزب الله إطلاق النار مع إسرائيل على الحدود منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حليفته الفلسطينية، على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. واشتعل منذئذ صراع تورطت فيه الجماعة المدججة بالسلاح وفصائل أخرى متحالفة مع إيران في أنحاء الشرق الأوسط.

لكن العنف انحسر إلى حد كبير في المناطق الواقعة على الحدود عبر ما وصفه مراقبون بأنه قواعد اشتباك غير مكتوبة بين الخصوم الذين طالما هددوا بعضهم البعض بأضرار كارثية في حالة الحرب.

وقال الشيخ يوسف سرور، المسؤول في حزب الله، أثناء تشييع الجثامين في الضاحية الجنوبية لبيروت التي يسيطر عليها حزب الله، إن الجماعة “أخذت عهدا على نفسها بأن تساند جبهة غزة… بحيث تخفف عنها بقدر ما أمكن”.

وأضاف لرويترز أن حزب الله يتصرف بطريقة “لا يتفجر (فيها) الوضع بشكل عام وبنفس الوقت تشعر إسرائيل بأن هناك طرفا جديا في مساندة هؤلاء المستضعفين في غزة”.

وقال أحد المصادر المطلعة على تفكير حزب الله، تحدث شريطة عدم نشر هويته بسبب حساسية الأمر، إن “القواعد لا تزال قائمة بين حزب الله وإسرائيل”. وكرر مصدران آخران هذا التقييم.

وقال المصدر “ما هي هذه القواعد؟ أولا تحييد المدنيين ، عندما يرتكب الإسرائيليون خطأ ما ويقتلون مدنيا، يقصف حزب الله بهدف قتل مدني. حين تقترب اسرائيل من العمق قليلا، يتعمق حزب الله قليلا في قصفه، وهنا يتوقف الامر”.

ورفض الجيش الإسرائيلي الرد على أسئلة لرويترز المتعلقة بهذا التقرير.

وقال نبيل بومنصف، نائب رئيس تحرير صحيفة النهار اللبنانية، إن “الجبهة الجنوبية محكومة بقواعد اشتباك غير معلنة، لكن مع أي خطأ كاسر قد تخرج الأمور عن السيطرة وتتدحرج نحو حرب شاملة”.

وقالت إسرائيل إنها لا تسعى لفتح جبهة في الشمال. وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن بيروت ستتحول “إلى غزة” إذا بدأ حزب الله حربا شاملة.

لكن مع فرار أكثر من 80 ألف إسرائيلي من بلدات وقرى في الشمال، قالت إسرائيل أيضا إنها تريد إبعاد حزب الله عن الحدود تماشيا مع قرار للأمم المتحدة أنهى حرب عام 2006.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في 18 ديسمبر كانون الأول “سنعيد سكان الشمال إلى منازلهم على الحدود بعد استعادة الأمن الكامل. نفضل فعل ذلك بالتفاهم، وضمان أن تكون المنطقة الحدودية خالية من الإرهابيين ولا تسمح بالتهديدات المباشرة لمواطنينا”.

وأضاف “إذا لم تُنفذ مثل هذه العملية دبلوماسيا، فلن نتردد في التحرك”.

وفر عشرات الآلاف من اللبنانيين من المنطقة الحدودية.

* الولايات المتحدة لا تريد حربا أوسع

قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وهو يقف إلى جانب جالانت، إن الولايات المتحدة لا تريد أن ترى الصراع يتسع إلى “حرب أكبر أو حرب إقليمية”.

وأضاف أوستن “نطالب حزب الله بأن يضمن عدم قيامه بأمور من شأنها إشعال صراع أوسع نطاقا”.

وشيع حزب الله جثامين أخرى يوم الأربعاء في قرى على بعد أمتار قليلة من الحدود الإسرائيلية.

وتجمع مقاتلو حزب الله وهم يرتدون الزي القتالي حول النعوش في مشاهد لم يكن من الممكن تصورها حين كان الخصوم يشنون حربا شاملة في عام 2006. وبثت قناة المنار التلفزيونية التابعة للحزب الجنازات.

وفقد حزب الله 269 مقاتلا في صراع عام 2006.

وتأرجحت حدة الهجمات. وتوقف العنف تماما خلال وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا في غزة، ثم استؤنف بعد انتهاء الهدنة.

وفي العاشر من ديسمبر كانون الأول وهو أحد أسوأ الأيام حتى الآن، أطلق حزب الله طائرات مسيرة وصواريخ “بركان” القوية على مواقع إسرائيلية، وهزت غارات جوية إسرائيلية جنوب لبنان، فدمرت خمسة منازل في بلدة واحدة.

ويقول حزب الله إن فرار الإسرائيليين من المنطقة يعد إنجازا لحملته، وإن هجماته شغلت الجيش الإسرائيلي على جبهة ثانية مع استمرار الحرب في غزة.

وفي لبنان، قُتل نحو 18 مدنيا. وفي إسرائيل، أسفر القتال عن مقتل ما لا يقل عن سبعة جنود وأربعة مدنيين.

ومن بين قتلى حزب الله أعضاء في وحدة الرضوان للقوات الخاصة.

وقال المصدر المطلع على تفكير حزب الله إن الصراع كان مناورة حية للجماعة، مع دروس لأي حرب مستقبلية، لكن بثمن.

(شارك في التغطية توم بيري في بيروت وفرانك جاك دانيال – إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية – تحرير محمود رضا مراد)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية