مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حصيلة ميلوني أكثر اعتدالًا بعد عام من تسلّمها رئاسة وزراء إيطاليا

رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني قبل اجتماع مع العاهل الأردني في روما في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2023 afp_tickers

بعدما تعهّدت إحداث تغيير نحو التشدد في إيطاليا، تبنّت رئيسة الحكومة جورجيا مليوني التي مرت سنة على توليها منصبها، سياسة خارجية أكثر اعتدالًا ممّا كان متوقعًا وبرنامجًا يمينيًا لا يشي بتعديلات جذرية داخليًا.

خلال عام واحد، تحوّلت ميلوني من زعيمة مرهوبة الجانب لحزب يميني متطرّف إلى شخصية سياسية أكثر توافقية و”صديقة” للرئيس الأميركي جو بايدن.

رغم تشكيكها السابق في فعالية المؤسسات الأوروبية، سعت الزعيمة الإيطالية البالغة من العمر 46 عامًا إلى التعامل بشكل بنّاء مع الاتحاد الأوروبي وشركائه، باستثناء بعض المشاحنات مع باريس وبرلين بشأن ملفّ الهجرة.

ودعمت ميلوني أوكرانيا بقوّة في مواجهة موسكو، ومن المتوقع أن تسحب بلدها من مشروع طرق الحرير الصينية الجديدة بعد أربعة أعوام من انضمامه إليها ليكون الدولة الوحيدة من دول مجموعة السبع المشاركة فيه.

وبعدما أعربت ميلوني عن دعمها لأوكرانيا، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في تموز/يوليو في المكتب البيضاوي “أصبحنا أصدقاء”.

بالتوازي مع ذلك، احتضنت ناخبيها من خلال تخفيضات ضريبية وسياسة صارمة مناهضة للمهاجرين، بالإضافة إلى الدفاع عن الأسرة التقليدية، ونجحت في إبقاء حزبها “فراتيلي ديتاليا” على رأس استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت.

ويقول الباحث في مركز الإصلاحات الأوروبية لويجي سكاتزيري لوكالة فرانس برس “تمكّنت من الظهور بمظهر المعتدلة كشريكة على الرغم من اعتبارها متطرّفة”، متسائلًا حول المدة التي سيصمد خلالها هذا التوازن الدقيق.

– “أقلّ راديكالية ممّا كنّا نتوقع” –

ظلّ حزب “فراتيلي ديتاليا”، الذي تأسس في العام 2012، حزبًا هامشيًا طيلة عشرة أعوام قبل أن يفوز بانتخابات أيلول/سبتمبر 2022 بنسبة 26% من الأصوات.

وشكّلت ميلوني مع حزب الرابطة المناهض للمهاجرين برئاسة ماتيو سالفيني وحزب “فورتسا إيطاليا” الذي أسسه سيلفيو برلوسكوني الذي توفي في حزيران/يونيو، الحكومة الأكثر يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية.

ويحظى حزبها حاليًا بأكثر من 28% من التأييد في استطلاعات الرأي، وفقًا لمعهد “يوترند” YouTrend.

وخفّضت الحكومة العبء الضريبي، خصوصًا على الأسر، وهو أولوية تقليدية للناخبين المحافظين، حسبما يقول الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة لويس في روما لورينزو دي سيو.

السياسة الاقتصادية الحالية، وهي أكثر تسامحًا مع التهرّب الضريبي، تتبع بشكل عام خط الحكومات اليمينية السابقة، ما يعني شبه استنساخ لعهد برلوسكوني، بحسب دي سيو.

ويضيف أن الحكومة الحالية “بالتأكيد أقلّ راديكالية ممّا كنّا نتوقع”.

لكن مع ذلك، لم تتوقف ميلوني عن توجيه رسائل تجيّش مشاعر ناخبيها الذين يدعمون مواقفها بشأن المهاجرين والحفاظ على القانون والدفاع عن القيم المسيحية.

فالحكومة منعت مثلًا السلطات المحلية من تسجيل أطفال الأزواج المثليين والمثليات الذين لا يُسمح لهم في إيطاليا بتبنّي أطفال أو اللجوء إلى أمهات بديلات.

وتستمر ميلوني في الدفاع عن النموذج التقليدي للأسرة المكوّن من أب وأم، حتى لو أنها أكثر مرونة في ما يتعلق بالزواج. فقد أعلنت الجمعة انفصالها عن شريك حياتها والد طفلتها البالغة من العمر سبعة أعوام.

– “القيام بعمل أفضل” –

كان ملف الهجرة في صلب الحملة الانتخابية حين وعدت ميلوني وسالفيني بمنع وصول سفن المهاجرين من سواحل شمال إفريقيا إلى إيطاليا.

ولكن على الرغم من إصدار سلسلة من المراسيم والقوانين، تضاعف عدد المهاجرين الوافدين في العام 2023 مقارنة بالعام 2022.

ودعت ميلوني الاتحاد الأوروبي إلى المساعدة، لا سيّما من خلال دعم اتفاق أوروبي مع تونس لمنع مغادرة مهاجرين من هذا البلد ورحبت باتفاق تمّ التوصل إليه في بروكسل بشأن تبادل طلبات اللجوء بين دول الاتحاد الأوروبي.

مع ذلك، تتأخر الجهود في أن تصبح واقعًا، فوفق استطلاع أجرته “يوترند” لقناة التغطية الإخبارية المستمرة “سكاي تي جي 24″، تأتي الهجرة على رأس قائمة أسباب عدم رضا الناخبين من عمل الحكومة.

وأقرّت ميلوني بنفسها بأنها تأمل في “القيام بعمل أفضل” بشأن هذا الملف، وأعربت عن استيائها حين هاجمت قاضية في صقلية رفضت تطبيق أحد مراسيمها على اعتبار أنه مخالف للقانون الإنساني والدولي.

ولا يبلي الاقتصاد بلاء حسنًا كما أملت ميلوني، ما اضطرّ روما إلى مراجعة توقعاتها للنمو نزولًا. ومن المتوقع أيضًا أن يكون العجز العام أعلى من المتوقع.

ويعتبر لويجي سكاتزيري أنه في حال فشلت جورجيا ميلوني في إظهار أن نهجها المتوازن سيخدم مصالح إيطاليا، ستضطر إلى تغيير خطها السياسي وجعله أكثر تشددًا.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية