حماية الجنين
عرضت الحكومة الفدرالية السويسرية الأسبوع الماضي مشروع قانون لحماية الجنين من العبث، خاصة من إمكانية حسم مصير الجنين على أساس الجنس.
ويوصي خبراء الحكومة في هذا المشروع بعدم الإباحة بجنس الجنين إلا في الحالات الصحية الطارئة والحالات الاستثنائية.
لا تسمح الوسائل البيوتقنية المعاصرة بالتعرف على جنس الجنين فحسب، وإنما بتقييم أحواله وأوضاعه العامة أيضا. فقد يُصبح في إمكان الأطباء مستقبلا، القول ماذا سيكون لون شعر الجنين أو لون عينيه، وماذا ستكون قامته ومستوى الذكاء عنده.
فلا غرابة في أن تثير الإمكانيات التكنولوجية الإحيائية المعاصرة الإعجاب بالمعنى الحرفي للكلمة. لكن ذلك لا يحجب عن أنظار خبراء الحكومة الفدرالية السويسرية أنها قد تثير مشاكل إنسانية واجتماعية لا يتصورها العقل، عند المستوى الحالي للخبرة والمعرفة بمضاعفاتها البعيدة الأمد، أي على امتداد جيل أو أكثر.
وكمقابل لحرية الإجهاض في سويسرا، لا يرغب خبراء الحكومة الفدرالية أن يكون سبب هذا الإجهاض على حساب جنس الجنين، أي لصالح إمكانية الاختيار بين طفل وطفلة. وهنالك مواقف أخرى ذات مضاعفات إنسانية واجتماعية كبيرة يحاول المشرعون أخذها في الحسبان لا تخلو من الاعتبارات الاقتصادية والنفسانية في آن واحد.
لا لسوء التصرف بالمعلومات الجنينية!
من بين هذه المواقف، الموقف النفساني والاقتصادي والأخلاقي من الجنين، إذا كشفت الفحوصات أنه سيولد بعاهات هامّة. ويخشى الخبراء الذين يدافعون عن سرية المعلومات عن الجنين، وضع الأمهات الحوامل بجنين معوّق في مأزق نفساني عسير بين خيار الاحتفاظ بالجنين أو إجهاضه، كما يخشون أن تتعرض النساء اللواتي يحملن جنينا بعاهات كبيرة لضغوط متزايدة في المستقبل لأسباب مالية واقتصادية ترغمهن على إسقاط الجنين.
ولهذا، يرغب الخبراء تعديل المادة القانونية الحادية عشرة التي تتعلق بالأبحاث على الجنين، بطريقة تمنع الأطباء، وأطباء النساء والتوليد على وجه الخصوص، من الإباحة ببعض ما يجمعون من معلومات عن الجنين أثناء الفحوصات الطبية، ما عدا تلك الضرورية للحفاظ على حياة الجنين وصحته.
ومما لا شك فيه، هو أن العديد من الحوامل والأزواج سيُصدمون بالتعديلات المقترحة، خاصة وأن بعضهم يرغب في معرفة أكبر قدر ممكن من التفاصيل عن الجنين، خاصة إذا كان ذكرا أو أنثى لشراء الضروريات الأساسية والملابس أو الأثاث قبل استقبال المولود الجديد.
التشريع شيء، والتطبيق شيء آخر
ويقول أحد الخبراء، إن بعض الناس يرغب في معرفة جنس الجنين بأسرع ما يمكن، وأن البعض الآخر يفضل الانتظار حتى ساعة الولادة تمديدا للإثارة ولذة اكتشاف جنس المولود الجديد.ويضيف أنه لا مجال بالمرة على وجه العموم لمعرفة هدف أو أهداف بعض الناس من محاولة معرفة الجنس قبل الأوان.
ولذلك، فأن عدم الإباحة بهذه المعلومة بالذات وفق المسودة القانونية التي تقترحها الحكومة لا يستجيب لروح التشريعات المقترحة لحماية الجنين والمعلومات عن الجنين في هذه الحالة. لكن الأمر ليس كذلك في حالة المعلومات التي تتعلق بالحالة الصحية للجنين.
ومما يذكر، أن التقنيات الإحيائية والتناسلية الحالية تستخلص الكثير من المعلومات عن الجنين حتى في مرحلة مبكرة جدا من تطوّره عن طريق تحليل البيئة الجنينية كالمَشيمة أي الغشاء والعصارة الجنينية وغيرهما. وتتم التحليلات غالبا بالوسائل الكيميائية، باستخدام المِكشاف العامل بالتموّجات فوق السَمعيّة أو الصوتية في مرحلة متقدمة من نموّ الجنين.
جورج انضوني – سويس إنفو
يعكف خبراء الحكومة الفدرالية منذ ما يقرب من خمس سنوات على مشروع قانون لحماية الجنين وعلى وجه التحديد لحماية المعلومات عن الجنين، كي لا يتعرض لأي تمييز. ويوصي الخبراء بعدم الإباحة بجنس الجنين بعد الآن، لحمايته من الخيار على أساس جنسه، ذكر أو أنثى.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.