اتفاق بالأحرف الأولى يُمهّد لتعاون سويسري – تونسي في مجال الهجرة
وقعت سويسرا وتونس يوم الأربعاء 28 مارس في برن بالأحرف الأولى على اتفاق تعاون في مجال الهجرة، يعالج بالدرجة الأولى مشكلة إعادة طالب اللجوء التونسيين الذين تُرفض طلباتهم.
وفي انتظار مزيد اتضاح تفاصيل بنود الإتفاق، يبدو أنه يندرج في سياق الخطة التي شرعت برن في انتهاجها مع عدد من البلدان الأجنبية المصدرة للهجرة.
في هذا السياق يمكن القول أن المفاوضات السويسرية التونسية بخصوص الهجرة، عرفت تتويجا بالتوصل الى التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق تعاون ثنائي في مجال الهجرة، يحدد – من بين ما ينص عليه – تفاصيل عمليات إعادة طالبي اللجوء الذين تُرفض طلباتهم سواء تعلق الأمر بالذين يعودون بشكل طوعي أو قسري.
وحسبما جاء في بيان صادر عن المكتب الفدرالي للهجرة بهذا الخصوص، فقد “تم في برن التوقيع بالأحرف الأولى، في إطار هذه الشراكة مع تونس على مذكرة تفاهم، وعلى إتفاق تعاون في مجال الهجرة يحدد تفاصيل الدخول، والإقامة، والإعادة (للرعايا الذين تُرفض طلباتهم). كما تم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق آخر لتبادل المهنيين الشبان بغرض التكوين”.
حل مشكلة الهجرة غير الشرعية؟
المكتب الفدرالي للهجرة أوضح بأن الوثائق التي تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى “ترتكز على أسس الإتفاقات الثنائية المبرمة بين البلدين، وتحدد تفاصيل الدخول والإقامة والعودة”، كما أشار إلى أنها تحدد أيضا “أسس التشجيع على العودة الطوعية، وتفاصيل الإعادة القسرية للبلد الأصلي”.
يجدر التذكير أن هذا الموضوع سبق أن أثاره وزير الخارجية السويسري ديديي بروكهالتر مع نظيره التونسي رفيق عبد السلام في أول لقاء لهما في المنتدى الإقتصادي العالمي الذي انعقد في منتجع دافوس شرق سويسرا في نهاية شهر يناير 2012 من أجل إيجاد حل لمشكلة توافد المئات من طالبي اللجوء التونسيين على الكنفدرالية ومعظمهم من الشبان المهاجرين الباحثين عن أوضاع اقتصادية أفضل في أعقاب الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس بن علي في 14 يناير 2011.
إنجاز في ظرف وجيز
مقارنة مع مفاوضات سابقة أجرتها سويسرا مع دول أخرى، يبدو أن المحادثات التي جرت مع الطرف التونسي أسفرت في ظرف وجيز عن التوصل إلى هذه الاتفاقات التي اختار المكتب الفدرالي للهجرة تسميتها في بيانه بـ “الشراكة في مجال الهجرة”. وهي تشكل حسب نفس المصدر “الإطار الذي يتم فيه التعاون في مجال الهجرة، مع الأخذ بعين الإعتبار للفرص المتاحة والتحديات التي يجب مواجهتها”، حيث أنه “يتطرق لقضايا الهجرة وللأسباب التي تدفع للهجرة ومدى تأثير التعاون الإقتصادي في التخفيف من ذلك”.
في هذا السياق، اعتبر المكتب الفدرالي للهجرة في بيانه أن “التوقيع بالأحرف الأولى على الإتفاقيات المذكورة من قبل السفير التونسي حافظ بيجار والسفير إيدوارد نيازا، المكلف بملف الهجرة في وزارة الخارجية السويسرية، يعد تتويجا للمفاوضات حول الهجرة التي انطلقت بين البلدين في شهر يناير الماضي”.
ورغم اتصال swissinfo.ch بالأطراف المعنية، إلا أنه لم يتسنّ الإطلاع على مزيد من التفاصيل بخصوص هذه الإتفاقيات نظرا لأن الملف برمته يجب أن يُعرض الآن على الحكومة الفدرالية لكي تبدي رأيها فيه قبل المرور إلى التوقيع الرسمي.
خامس اتفاق من نوعه
على صعيد آخر، تُعدّ تونس تقليديا من البلدان المصدرة للهجرة (بما في ذلك إلى سويسرا)، لكن الإرتفاع الكبير المسجل في توافد المهاجرين من هذا البلد تحديدا ومن منطقة شمال افريقيا عموما في أعقاب اندلاع ثورات الربيع العربي، دفع العديد من الأصوات ترتفع داخل الكنفدرالية مطالبة بمواجهة هذه الظاهرة والتصدي بحزم للهجرة غير الشرعية القادمة جنوبا عبر إيطاليا.
واليوم، يُمكن القول أنه بهذا التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق شراكة مع تونس، التي قدّم أكثر من 2500 من مواطنيها طلبات لجوء في سويسرا في عام 2011 (حسب الإحصائيات الرسمية)، تكون السلطات الفدرالية قد أبرمت لحد الآن خمس اتفاقيات شراكة مهمة في مجال الهجرة مع كل من نيجيريا، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو، وصربيا.
أكتوبر 2002:
كانت سويسرا قد وقعت على 13 اتفاقا فحسب لإعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلى بلدانهم الأصلية، ولكن الحديث عن ربط العودة بالمساعدات الإنمائية كان قد بدأ بعد. وسبق لدوريس لويتهارد، وزيرة البيئة والنقل والطاقة والإتصالات حاليا، التي كانت آنذاك مجرد نائبة برلمانية عن الحزب الديمقراطي المسيحي، أن أعربت عن مخاوفها من أن تؤدي الاتفاقيات إلى “تفاقم المشاكل المرتبطة بطالبي اللجوء”، وطالبت من الحكومة الفدرالية اتخاذ موقف من هذه المسألة.
أغسطس 2010:
في تقرير شامل عن المشروطية في مجال السياسة الخارجية، أجابت الحكومة السيدة ليوتهارد أن هذا الصنف من الإجراءات لا يمكن أن يكون القاعدة، وأن القرارات يجب أن تؤخذ في كل حالة على حدة، ولئن كان “انقطاع الحوار أو التعاون يظل ممكنا، كمبرر أخير”.
سبتمبر 2011:
وافق مجلس النواب (الغرفة السفلى في البرلمان الفدرالي) على مذكرتين، رغم توصية الحكومة برفضهما. إحداهما من اقتراح حزب الشعب (يمين شعبوي)، وتطالب بوقف المساعدات الحكومية والقروض للبلدان التي ترفض التعاون في مجال استعادة رعاياها الذين ترفض سويسرا طلبات لجوئهم أو المقيمين فيها بصفة غير شرعية. والثانية تقدم بها الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين)، وتطالب بأن تقترن المساعدات لبلدان المغرب العربي بابرام اتفاقيات إعادة طالبي اللجوء المرفوضين. وتضيف المذكرة بأنه على سويسرا أيضا أن تقنع بكافة الوسائل “المحافل الدولية” بعدم مساعدة شمال إفريقيا طالما لم تؤمّـن حدودها ولم تستعد رعاياها.
يناير 2012:
في المنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس، تباحث ديديي بوركهالتر، وزير الخارجية السويسري الجديد بإيجاز مع نظيره التونسي رفيق عبد السلام حول مسألة إعادة اللاجئين الذين ترفض السلطات الفدرالية طلباتهم.
فبراير 2012:
صرحت وزير العدل والشرطة السويسرية، الاشتراكية سيمونيتا سوماروغا للصحافة، بأن الحكومة الفدرالية ستعير في المستقبل اهتماما أكبر لرغبة الدول في التعاون لاستعادة مهاجريها، وذكرت تونس كمثال ضمن هذا السياق.
ربيع 2012:
ينتظر أن يتخذ مجلس الشيوخ السويسري (الغرفة العليا في البرلمان الفدرالي) موقفا من المذكرتين حيث توصي لجنة السياسة الخارجية التابعة لهذا المجلس بقبولهما. من جهته، قدم حزب الشعب مذكرة تطالب بابرام اتفاقيات إعادة اللاجئين المرفوضين مع 17 بلدا في غضون سنتين، والتهديد ليس فقط بقطع المساعدات التنموية، بل أيضا العلاقات الدبلوماسية!
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.