الثورات العربية تفرض تحديات جديدة على عمل اللجنة الدولية
رافقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ثورات الربيع العربي بنوع من التأقلم مع كل صراع، متميزة في كل الحالات بكونها إحدى المنظمات الإنسانية القليلة، إن لم تكن الوحيدة، التي واصلت القيام بعملها الانساني في ظل تحديات أمنية ومادية كبرى.
فقد شكلت ثورات الربيع العربي تحديا بالنسبة للجنة الدولية للصليب الأحمر، وبالأخص ببعديها السوري واليمني، أوضحت المنظمة الإنسانية بمناسبة نشر تقريرها السنوي لعام 2012 أن “الربيع العربي عمل على توسيع نشاطات المنظمة في المنطقة بشكل لم يكن متوقعا”.
وعدّد مدير العمليات باللجنة الدولية للصليب الأحمر بيار كريهنبول، كلا من سوريا، واليمن، وليبيا، والعراق، إضافة إلى الاراضي الفلسطينية المحتلة”. ويمكن ذكر السودان أيضا التي تعد من الدول الافريقية في التقسيم الجغرافي للجنة الدولية للصليب الأحمر.
تطور لم يكن متوقعا في سوريا
ردّدت اللجنة الدّولية للصليب الأحمر في أكثر من مناسبة بأنها المنظمة الإنسانية الدولية الوحيدة التي ســُمح لها بمواصلة نشاطها في سوريا. لكنها عبّرت أيضا عن قلقها بشأن العراقيل التي تعترض فرقها وتمنعهم من الوصول إلى الضحايا في بعض المناطق المتضررة.
وبخصوص تطور الأوضاع في سوريا، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيللنبيرغر: “لم أكن أتوقع قبل عام بأن تتحول سوريا إلى إحدى أهم المناطق العشرة الأوائل التي تقوم فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر بنشاطاتها”.
وإذا كانت هذه المنظمة الإنسانية قد اعتبرت التدخل في ليبيا بمثابة نموذج جيد لظروف عملها الانساني، فإنها أشارت إلى أن ما يحدث في سوريا دفعها إلى “التذكير مرارا بضرورة احترام وصول الجرحى والمصابين إلى مراكز العلاج، والسماح لفرق الاغاثة بالوصول إلى المناطق المتضررة”.
وعلى الرغم من زيارة رئيس اللجنة الدولية لسوريا مرتين خلال عام واحد، ومقابلة المسؤولين، بمن فيهم رئيس الدولة بشار الأسد، إلا أنها لازالت تـواجه صعوبات في الوصول إلى بعض المناطق المتضررة.
ولا زالت المنظمة تنتظر رد السلطات على ندائها الأخير من أجل السماح لفرقها بالوصول الى أحياء في مدينة حمص. وقد أوضحت في آخر بيان لها بعد ظهر الخميس 28 يونيو الجاري بأنها لم تحصل على ردّ على طلبها لالتزام كافة الأطراف بهدنة بغرض إخراج المرضى والمصابين وتقديم المساعدة للمتضررين من المدنيين في بعض أحياء مدينة حمص.
وشدّد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيلنبيرغر على العمل الوثيق الذي تقوم به اللجنة مع جمعية الهلال الأحمر السوري، إذ ذكرت المنظمة في تقريرها السنوي أنه “بالرغم من التضييق على عملية التنقل، إلا أن فرق الإغــاثة المزدوجة المكونة من أفراد اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية الهلال الحمر السوري استطاعت تقييم الاحتياجات في بعض المناطق المتضررة، والعمل في نفس الوقت على توزيع المواد الغذائية على زهاء 70 ألف متضرر، وتوزيع مواد الإغاثة والمتطلبات الدراسية على حوالي 40 ألف شخص. وكثيرا ما قرعت اللجنة الدولية جرس الانذار لتعرض المدنيين، ليس فقط كضحايا لأعمال العنف، بل أيضا لتعذر وصولهم إلى المواد الغذائية، ووسائل العلاج”، موجهة نداءات متكررة لــ “مختلف الأطراف المشاركة في أعمال العنف من أجل احترام الحياة البشرية وكرامة الإنسان في كــافة الأوقات”، وهو ما لم يسلم منه حتى عمال الاغاثة التابعين لجمعية الهلال الأحمر السوري.
كما استطاعت اللجنة الدولية الحصول من السلطات السورية لأول مرة على ترخيص بزيارة بعض المعتقلين، وقامت في شهر سبتمبر الماضي بأول زيارة للمعتقلين في السجن الكبير بدمشق. لكن اللجنة الدولية أشارت إلى “أن هذه الزيارات توقفت منذ نهاية العام وأن المشاورات مازالت مستمرة مع السلطات”.
اليمن: انتفاضة شعبية تضاف إلى صراعات مزمنة
في اليمن حيث تنشط اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ عام 1962، وجدت المنظمة الإنــسانية نفسها أمام فئات متشعبة من المتضررين، بحيث انضاف المتضررون من المظاهرات الشعبية المناهضة للحكومة، للمتضررين من مختلف الصراعات المزمنة في البلاد، سواء بين القوات الحكومية والحوتيين في الشمال، أو بين القوات الحكومية وأتباع القاعدة في عدة مناطق مثل جعار وأبين وزنجبار.
ودفع اندلاع الاحتجاجات في صنعاء وتعز اللجنة الدولية إلى تحوير برنامج عملها، بحيث ألغت بعض المهام وركّزت على أخرى. وسُمح لها لأول مرة بزيارة معتقلي إدارة التحقيقات الجنائية، وزيارة معتقلي المعارضة في سجن صنعاء.
وقدمت اللجنة الدولية دعما في مجال التزود بالماء الصالح للشرب لحوالي 1،4 مليون شخص. كما قدمت مساعدات لحوالي 394 ألف من النازحين في محافظات أبين، ولحج، وصعدة.
ليبيا: تأثيرات الحرب الأهلية وبقايا الذخيرة
أما في ليبيا، فقد وصف السيد كيللنبيرغر ظروف تدخل اللّجنة الدولية للصليب الأحمر بـ “المثالية”، بحيث استطاعت القيام بنشاطاتها سواء فيما يتعلق بتقديم المساعدة للمتضررين والمحاصرين في شتى المناطق من البلاد، أو بزيارة الأسرى فيما بعد، أو مساعدة الأهالي في تنظيم بقايا الذخيرة المتبقية.
كما سهرت المنظمة الإنسانية على تكوين متطوعين لجمعية الهلال الأحمر الليبي في العديد من مناطق البلاد.
ووزعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا، بالاشتراك مع جمعية الهلال الأحمر الليبي، مواد إغاثة على حوالي 300 ألف متضرر، كما أسهمت في القضاء على حوالي 2000 قذيفة لم تنفجر والعديد من أنواع الذخيرة الخفيفة.
كما قامت بجمع شمل حوالي 3250 عائلة عبر تنظيم رحلات بحرية، وإخلاء 122 جريحا لتلقي العلاج في الخارج. وكانت للجنة الدولية نشاطات متعددة على الجانب التونسي الذي استقبل آلاف اللاجئين الليبيين أثناء اشتداد حدة الصراع في ليبيا.
وفيما يتعلق بزيارة الأسرى، تمكنت اللجنة الدولية من تفقد حوالي 100 مكان اعتقال، أي ما مجموعه 14ألف سجين، كما قدمت مساعدات لحوالي 10 آلاف. وحتى نهاية عام 2011، واصلت اللجنة زيارة حوالي 8500 أسير في 68 مؤسسة اعتقال.
وتحاول المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، مرافقة بناء المؤسسات الليبية بتقديم مساعدة في مجال التكوين في قطاع القانون الانساني الدولي.
جنيف (رويترز) – قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الخميس 28 يونيو 2012 ان الجهود لإجلاء المدنيين والمصابين من مدينة حمص السورية فشلت مجددا بعد تعذر دخول فريق انقاذ الى المناطق المتضررة.
وقالت بياتريس ميجيفاند روجو، رئيس عمليات الصليب الأحمر الدولي في منطقة الشرق الأوسط والأدنى، في بيان انه كان هناك اتفاق مع السلطات السورية والمعارضة كي يقوم فريق الصليب الأحمر بعملية إجلاء يوم الأربعاء.
وأضافت “في الموقع لم يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه ولم يتمكن أعضاء الفريق من العمل.”
وأحجم بيجان فارنودي المتحدث باسم اللجنة في جنيف عن تقديم تفاصيل أو توجيه اللوم الي أحد في الانتكاسة الأخيرة بعد موافقة الجانبين مبدئيا على هدنة لأغراض انسانية.
وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوع التي يضطر فيها فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر للعودة الى دمشق. ففي 21 يونيو حزيران عاد فريق مشترك من الصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري أدراجه بعد سماعه دوي اطلاق نار لدى محاولته دخول المدينة القديمة حيث تقول اللجنة ان مئات من المدنيين مازالوا محاصرين بسبب الاشتباكات.
وقالت اللجنة في بيان يوم الخميس “اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري هما فقط المنظمتان الوحيدتان فعليا اللتان تعملان في المناطق الأكثر تضررا في البلاد ومن ثم فإن حرية الوصول بشكل آمن وبدون اعاقة أمر جوهري لعملهما. تتعرض فرق لجنة الصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري لأخطار كبيرة أثناء قيامها بمهامها.”
وأنحى مسؤول بوزارة الخارجية السورية في تقرير بثته وكالة الأنباء السورية الرسمية باللائمة على “مجموعات ارهابية مسلحة” -وهو الوصف الذي تطلقه الحكومة على مقاتلي المعارضة- في منع فرق الاغاثة من القيام بعملها.
ونقلت الوكالة عن المسؤول قوله إن هذا يحدث “دون أي مبررات على الاطلاق سوى اصرار هذه المجموعات على استمرار ممارسة القتل والاجرام بحق هؤلاء المواطنين الأبرياء.”
ولم يرد على الفور أي تعقيب من جماعات المعارضة المسلحة في المدينة.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 28 يونيو 2012)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.