مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصحفيون يدفعون الثمن غاليا مجددا في عام 2011

سيارة فريق صحفي هندي تعرضت للقصف بالقرب من البصرة جنوب العراق في عام 2003 Keystone

أوردت "حملة شعار الصحفي" في تقريرها السنوي أن عام 2011 شهد مقتل 106 صحفي أثناء تأديتهم لمهامهم، سقط عشرون منهم في ثورات الربيع العربي. في الوقت نفسه، تكافح المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها من أجل إبرام معاهدة دولية لحماية الصحفيين في مناطق الصراعات.

لم تكن سنة 2011 في صالح الصحفيين الذين فقدوا 106 من زملائهم أثناء تأدية مهامهم في مناطق الإضطرابات والصراعات المسلحة عبر العالم، حسب ما ورد في التقرير السنوي لمنظمة “حملة شعارالصحفي” المنشور يوم 20 ديسمبر 2011 في جنيف.

وفي حوار خاص مع swissinfo.ch أشار بليز لامبن، الأمين العام للمنظمة إلى أن “العام 2011 لم يعرف أي تحسن مقارنة مع 2010 الذي عرف تسجيل مقتل 105، أي بمعدل صُحفيّين كل أسبوع. كما أن الثورات التي عرفها العالم العربي لعبت دورا لا يُستهان به في هذه الأرقام حيث قتل فيها ما لا يقل عن عشرين صحفيا أثناء تغطيتهم لتلك الإنتفاضات”. وهو ما يرفع عدد الصحفيين الذين قتلوا منذ تأسيس المنظمة المدافعة عن الصحفيين في مناطق الصراعات قبل خمسة أعوام إلى 539.

ويوضح بليز لامبن أن “ثلثي هذا العدد كان في المناطق الخطرة أو مناطق الصراعات المسلحة”. وتشمل تلك المناطق حسب تعريف حملة شارة حماية الصحفي، مناطق الإرهاب أو الجريمة الكبرى مثل شمال المكسيك حيث تنشط كارتيلات المخدرات. ويبقى هذا البلد الأخطر بالنسبة للعمل الصحفي في العالم حيث سجل فيه مقتل ما لا يقل عن 12 صحفيا في عام 2011.

ضريبة تغطية أحداث الربيع العربي

وفي سياق تعداده للصحفيين الذين قتلوا أثناء تغطية الثورات التي اندلعت في عدد من البلدان العربية، يقول بليز لامبن: “لقد فقدنا 7 من زملائنا في أحداث ليبيا وحدها، و5 في اليمن، و3 في مصر، و2 في البحرين ( في ظروف غامضة أثناء الاعتقال)، و 1 في الجزائر و 1 في تونس و 1 في سوريا”.

وبخصوص سوريا، يقول الأمين العام للحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفي: “سوريا تشكل وضعا خاص لأنها لم تسمح بدخول الصحفيين الأجانب لتغطية ما يجري هناك. لكن ذلك لم يمنع البعض من الذهاب الى هناك بطريقة سرية ، والإعتماد على دعم داخليّ ومرشدين سوريين”. وإذا ما كان الصحفيون الأجانب يتمكنون من مغادرة البلاد سالمين إما بمحض إرادتهم أو بعد ضبطهم من طرف السلطات، فإن “المرشدين المحليين كثيرا ما يدفعون الثمن غاليا”، حسب تأكيده.

وفي هذا السياق، يُشير بليز لامبن إلى أن الوضع السوري “يُظهر جليا ما رددناه منذ سنوات ألا وهو ضرورة تحسين الحماية القانونية للصحفيين الذين يؤدون مهامهم في المناطق الخطيرة ومناطق الصراعات، لأنهم يجازفون بمواجهة مخاطر كبرى في الوقت الذي يُعتبرون فيه الشهود الوحيدين المستقلين القادرين على نقل حقيقة ما يتم بعيدا عن الدعاية الحكومية أو غيرها”.

مع ذلك، لا يمكن القول بأن الربيع العربي لم يجلب سوى السلبيات، حيث يرى بليز لامبن أيضا أن “هذه الإنتفاضات التي قامت من أجل تعزيز الحريات والحقوق من المؤكد أن حرية الصحافة والتعبير ستستفيد منها، إذا ما استمرت الأمور على أحسن ما يُرام “. ويتوقع الأمين العام للحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفي أن يكون العام 2011 “سنة حاسمة في هذا المجال. وهو ما بدأ تحقيقه بالنسبة لزملائنا في تونس، وقد يصبح الأمر كذلك بالنسبة لزملائنا في مصر واليمن وحتى في الجزائر والمغرب وسوريا”.

في هذا السياق، كان من نتائج ثورات الربيع العربي الإيجابية، أن سجلت الحملة انضمام جمعيات صحفية مستقلة أبصرت النور في البلدان التي حدثت أو تحدث فيها تلك الثورات، مثل جمعية الصحفيين التونسيين المستقلين، وحركة حرية التعبير في سوريا التي أعلنت عن دعمها للحملة.         

خطوات هامة في 2011

على مستوى نشاط حملة شعارالصحفي التي انطلقت في عام 2004، يمكن القول بأن العام الذي يُوشك على الرحيل شهد انطلاق عملها الدبلوماسي على أحسن وجه بعد قبول عضويتها قبل عامين باعتبارها منظمة غير حكومية مدافعة عن الصحفيين في مناطق الصراعات المسلحة من طرف المجلس الإقتصادي والإجتماعي لمنظمة الأمم المتحدة. وهو ما منح لها الحق في تعيين ممثل عنها داخل مجلس حقوق الإنسان تدخل أكثر من 11 مرة خلال هذه السنة للحديث باسمها كلما تعلق الأمر بمناقشة أوضاع الصحفيين والإعلام عموما.

وفي هذا الصدد، يقول الأمين العام للحملة بليز لامبن: “هذا ما أشرنا له في نهاية تقريرنا السنوي بالتشديد على أن هناك وعيا أكثر من قبل الدول للمشاكل التي يواجهها الصحفيون أثناء تأدية مهامهم في مناطق الصراعات، وهذا ما تمثل في قيام بعض الدول بتنظيم اجتماعات داخل منظومة الأمم المتحدة لجلب الإنتباه لذلك، مثلما حصل مع منع الصحفيين من الدخول لسوريا، أو ما تعرض له الصحفيون في مصر”. ويرى لامبن أن تدخل ممثل الحملة في مداولات مجلس حقوق الإنسان “يسدّ فراغا” كان قائما في المجلس، حيث أنه من المهم “وجود مندوب يتحدث باسم الصحفيين ويصغي له ممثلو الحكومات”.

ومن الخطوات العملية التي سيتم اتخاذها في المستقبل، ذكـر السيد بليز لامبن “قيام النمسا بتبني تقديم مشروع قرار أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته القادمة، تُريد أن يكون (أي القرار) قويا في مجال حماية الصحفيين”.

من جهة أخرى، تنظر المنظمة بشيء من التفاؤل إلى الندوة التي تخطط لعقدها دولة قطر في موفى يناير 2012، وتأمل في أن تُسفر عن خطوة هامة تُسهم في دفع الجهود الرامية الى إبرام معاهدة دولية لحماية الصحفي في مناطق الصراعات. ويقول بليز لامبن إن الحملة “ستدافع خلال الندوة عن مشروعها الأساسي المتمثل في إبرام معاهدة دولية لدعم حماية الصحفي في مناطق الصراعات”.

وبالعودة إلى ما أبدته النمسا من اهتمام بعمل الحملة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، وما أعربت عنه من دعم لها، يتساءل البعض عن الأسباب الكامنة وراء عدم الإهتمام السويسري بالمسألة. وهنا يجيب الأمين العام للحملة أن “سويسرا تتابع التطورات باهتمام شأنها في ذلك شأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ويجب ان ننتظر التطورات القادمة. لكنننا نأمل في أن يكون لسويسرا التي تعتبر راعية معاهدات جنيف دور فعال في هذا المجال وأن تتفهم بأن الصحفيين لهم دور خاص ولا يمكن حمايتهم من خلال معاهدات جنيف (في صيغتها الحالية – التحرير)، لأنهم  ملتزمون بواجب الإعلام وتقديم الشهادة العلنية في الوقت الذي تلتزم فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر بواجب الحفاظ على السرية، وهذا ما يجعل من الضروري التوصل إلى معاهدة دولية وعدم الإكتفاء بمعاهدات جنيف أو ببروتوكول إضافي لها”.

باريس (رويترز) – قالت منظمة (صحفيون بلا حدود) يوم الخميس 22 ديسمبر إن 66 صحفيا قتلوا في انحاء العالم في 2011 كثيرون منهم أثناء قيامهم بتغطية الثورات العربية أو عنف عصابات الجريمة في المكسيك أو الإضطرابات السياسية في باكستان.

وقتل 10 صحفيين – معظمهم في جرائم قتل – في باكستان وهو ما يجعلها البلد اكثر خطورة في التغطية الإخبارية للعام الثاني على التوالي.

ومع تسبب المظاهرات المطالبة بالديمقراطية في اعمال عنف انتقامية من جانب حكومات عربية فان عدد الصحفيين الذين قتلوا في الشرق الاوسط تضاعف الي 20 هذا العام.

وقالت صحفيون بلا حدود التي مقرها باريس في بيان ان عددا مماثلا قتل في امريكا اللاتينية حيث ينتشر عنف عصابات الجريمة.

والقي القبض على حوالي 1044 صحفيا هذا العام -او حوالي ضعفي العدد المسجل في 2010- فيما يرجع الي حد كبير الى الربيع العربي وايضا احتجاجات الشوارع في دول من بينها اليونان وروسيا البيضاء واوغندا وتشيلي والولايات المتحدة.

وقال بيان المنظمة “من ميدان التحرير بالقاهرة الي خوزدار في جنوب غرب باكستان ومن مقديشو الي مدن الفلبين فان مخاطر العمل الصحفي في اوقات عدم الاستقرار السياسي برزت في 2011 بشكل أكبر من أي وقت مضى”.

وأضافت المنظمة ان الصين وايران واريتريا ظلت أكبر سجون للعاملين بوسائل الاعلام دون ان تحدد عدد الصحفيين في سجون تلك الدول.

ومن بين المواقع العشرة التي اعتبرتها المنظمة الاكثر خطورة على الصحفيين في 2011 أبيدجان العاصمة التجارية لساحل العاج حيث قتل صحفيان على الأقل في عنف مرتبط بالانتخابات وميدان التحرير بالقاهرة حيث تعرض الصحفيون لهجمات بشكل منظم من مؤيدي الرئيس المصري حسني مبارك قبل تنحيه عن الحكم في 11 فبراير الماضي.

وشملت القائمة ايضا مدن درعا وحمص ودمشق في سوريا وساحة التغيير بالعاصمة اليمنية صنعاء ومدينة مصراته معقل مقاتلي المعارضة الليبية الذين أطاحوا بمعمر القذافي.

وفي العام الماضي قتل 57 صحفيا اثناء ممارستهم عملهم في انحاء العالم. وأسوأ عام على مدى العقد المنصرم كان 2007 عندما رفعت الحرب في العراق العدد الإجمالي للصحفيين الذين قتلوا في انحاء العالم الي 87 .

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 22 ديسمبر 2011)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية