مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

توعية في أحياء المهمشين

swissinfo.ch

في مجال التنمية الاجتماعية، يركز "الصندوق المصري السويسري للتنمية" على توعية سكان الاحياء العشوائية بأهمية تسوية أمورهم الادارية.

ويشكل هذا النشاط، جانبا من برامج تشمل محو الأمية والرعاية الصحية وتوعية المرأة والفتاة في الأحياء الفقيرة، خصص لها الصندوق خُمس ميزانيته.

في محاولة لتجسيد فكرة استفادة “أكثر الناس حرمانا” من مشاريع الصندوق المصري السويسري للتنمية، تم تخصيص جانب هام من المشاريع لاحتياجات الفئات الأكثر حرمانا في الأحياء العشوائية المحيطة بالقاهرة والعديد من المدن المصرية الأخرى.

سويس إنفو زارت في ضواحي العاصمة المصرية مشروع “نساء وفتاة في ظروف صعبة”، الذي تشرف على إنجازه “جمعية النهوض وتنمية المرأة المصرية”، والممول من قبل الصندوق المصري السويسري للتنمية للعام الثاني على التوالي.

تعريف جديد للمرأة المعيلة

إذا كانت المنظمات الخيرية قد اهتمت بالمرأة المهمشة في الأحياء الفقيرة منذ مدة، فإن العمل مع الصندوق المصري السويسري للتنمية، سمح بتحديد تعريف جديد للمرأة المحتاجة التي تشرف على إعالة عائلتها، وهذا بحكم ظروف وطبيعة أهالي هذه الأحياء الفقيرة التي تضم في معظم الأحيان مباني عشوائية ويقيم فيها سكان لا يملكون أوراق هوية وبالتالي لا يشملهم لا ضمان اجتماعي أو نظام علاج أولي وما شابه من الخدمات الأساسية.

السيدة نرمين فؤاد، مديرة مشروع “نساء وفتاة في ظروف صعبة”، استقبلت سويس إنفو في مكتبها المتواضع في حي بولاق الدكرور وشرحت قائلة: “إن هذه المنطقة منطقة عشوائية تكثر فيها الانحرافات والجريمة، وهو ما يترتب عنه بقاء سيدات كثيرات لعدة سنوات بدون زوج لأنه مسجون وبالتالي الاضطرار إلى إعالة العمل لإعالة أفراد العائلة”.

وأشارت مديرة المشروع إلى أن النظام الاجتماعي التقليدي لا يعتبر المرأة مُعيلة إلا إذا كانت “أرملة أو مطلقة أو مهجورة” لكنها نوهت إلى أن العمل مع الصندوق السويسري المصري للتنمية سمح بتوسيع مفهوم المرأة المعيلة لكي يشمل أيضا “من تعيش مع زوجها ولكن هي التي تعيل العائلة نظرا لأن زوجها يشتغل يوما ويبقى عاطلا عن العمل لعدة أيام، أو لان زوجها في السجن، أو مريض غير قادر على العمل أو زوجة المقعد أو المجند”.

وقد سمح هذا التوسيع في مفهوم المرأة المعيلة، لأكثر من 2155 سيدة بالاستفادة من قروض لمساعدتهن على تحسين دخولهن، كما مـكّـن 300 سيدة من فرض للحصول على مهارات حرفية لتعزيز اندماجهن في المجتمع، وساعد 100 سيدة على تعلم القراءة الكتابة في إطار برامج محو الأمية.

إضافة إلى ذلك، أتاحت المقاربة الجديدة لأكثر من 900 سيدة إمكانية الاستفادة من التوعية القانونية بالنسبة لقضايا بدائية مثل الحق في الحصول في هذه الأحياء العشوائية على بطاقة هوية أو على شهادة ميلاد. وقد تم فعلا استخراج 200 بطاقة هوية و200 شهادة ميلاد لسكان هذا الحي.

من جهة أخرى، قالت السيدة نرمين فؤاد إن العمل مع الصندوق المصري السويسري للتنمية، سمح للمنظمة التي تشرف عليها بـ “إبرام بروتوكول تعاون مع وزارة الصحة للسماح للمستفيدات من المشروع بتلقي علاج وكشوفات طبية في المراكز الطبية التي توجد في المناطق التي تنشط فيها المنظمة”. وشددت على أنه “بدون هذا الدعم من الصندوق لم نكن قادرين على القيام بخطوة تعامل مع جهة حكومية”.

توعية ومحو أمية في آن واحد

تركنا مكتب “منظمة تنمية والنهوض بالمرأة المصرية”، لكي نعاين ميدانيا جانبا من نشاطات مشروع “نساء وفتاة في ظروف صعبة”.

وبعد أن تركنا السيارة بعيدا في الشارع الرئيسي، انطلقنا في دروب ملتوية ضيقة في حي “قم غراب” بحثا عن المحل الذي يستعمل كفصل لدروس لمحو الأمية في هذا الحي الشعبي ذي المساكن العشوائية.

في بناية متواضعة لا تختلف عن مثيلاتها في الحي، وفي غرفة بسيطة ذات نافذة صغيرة تطل على الدرب، تكدست عشرات السيدات والفتيات (بعضهن مصحوب برضيع)، لتلقي درس محو الأمية الذي كان مخصصا يومها لموضوع “الزواج”.

وتقول المعلمة السيدة السيد محمود، خريجة كلية التربية من جامعة حلوان، إن سبب اختيار مثل هذه المواضيع يعود إلى أن “المنهج مرتبط بالحياة اليومية” ، وإلى وجود ضرورة لـ “توعية السيدات بأهمية عقد الزواج وخاصة ما يرتبط بـ “حفظ حقوق المرأة والعائلة، وإثبات شرعية الأولاد وضمان حقوقهم المادية”.

وبما أن الأمر يتعلق بسكان أحياء عشوائية لا يتوفر معظمهم على أوراق هوية، فإن التركيز يتم في اتجاه حث هؤلاء على تسوية أمورهم الإدارية من خلال استخراج بطاقات هوية وشهادات ميلاد، حيث أن “من لا شهادة ميلاد له معناه لا وجود له في المكان الذي يوجد فيه”، على حد تعبير المعلمة سيدة السيد محمود.

وبما أن الأمر يتعلق بالتوجه بالدرجة الأولى إلى الأم لتوعيتها، فإن الساهرين على هذا المشروع يرون أن إقناع الأم بأهمية دروس التوعية ومحو الأمية يساهم في تيسير عملية إقناع بقية أفراد العائلة.

هذا المشروع الصغير ليس إلا عينة بسيطة من الأنشطة الممولة من طرف الصندوق المصري السويسري للتنمية الذي خصص 20% من ميزانيته لفائدة قطاع الخدمات الاجتماعية ومحو الأمية.

وطبقا لما ورد في تقرير عام 2003، استهلك هذا القطاع أكثر من 97 مليون جنيه مصري وهو ما يمثل 32% من تكلفة جميع المشاريع التي وافق عليها الصندوق حتى موعد إعداد التقرير.

وقد شملت هذه المشاريع العلاج الأولي ورعاية الأمومة والطفولة والاهتمام الصحي بأطفال الشوارع وبرامج محو الأمية وبناء المدارس في المناطق المحرومة ومساعدة طلاب المدارس على القيام بنشاطات غير دراسية.

ومن بين الأمثلة عن هذه المشاريع الكثيرة والمنتشرة في كل محافظات مصر، نشير إلى المشروع الذي تسهر على إنجازه منظمة “كاريتاس” السويسرية في محافظات الإسكندرية وسوهاج وأسيوط والمنيا والذي استفادت منه حوالي 30 ألف سيدة في المحافظات الأربعة عبر نشاط 600 فصل لمحو الأمية.

محمد شريف – سويس إنفو – القاهرة

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية