مساعدات سويسرا التنموية “غير كافية وتفتقر إلى التناسق”
قدم المسؤول عن مساعدات التنمية بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إيكهارد دويتشر، يوم 9 نوفمبر 2009 في العاصمة الفدرالية برن تقرير المنظمة حول المساعدات التنموية السويسرية التي وصفها بـ "الجيدة" منوها في المقابل أنها "غير كافية". لكن هذا التقرير ظل "ناعما ومتسامحا جدا" من وجهة نظر مناهضي العولمة.
وقال دويتشر: “إذا كان لابد أن أسند تقييما لجهود سويسرا في مجال المساعدات من أجل التنمية، فإني أمنحها ثمانية من عشر، ولا تتفوّق عليها في هذا الميدان سوى بلدان شمال أوروبا”.
وقدم رئيس لجنة المساعدات من أجل التنمية بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية خلال زيارة له يوم الإثنين 9 نوفمبر 2009 إلى برن تقرير السنوات الأربع للإستعراض الدوري الذي أشرفت عليه كل من بلجيكا وهولاندا، وانصب فيه الإهتمام على تقييم النظام السويسري في مجال المساعدات من أجل التنمية، والذي يُبوّأ سويسرا المرتبة 12 من مجموع الدول الاعضاء الثلاثة والعشرين في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
ففي عام 2008، أنفقت سويسرا 0.42% من الدخل الوطني الخام في مجال المساعدات التنموية، ومن المفترض أن تصل تلك النسبة إلى 0.5% بحلول 2013، غير أن البعض يتهم سويسرا بتجاهل نسبة 0.7% التي تنادي بها الأمم المتحدة.
لكن هذا التقرير أليس متساهل جدا؟ يرد دويتشر: “لم آت هنا لتقديم مجاملات، بل من أجل الحوار حول القضايا العملية. نشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه بعض البلدان، من دون ذكر أسماء، وجهود تلك البلدان أدنى بكثير مما كنا نتطلع إليه. وتحتل سويسرا موقعا متقدما مقارنة بتلك الدول”.
حجم المساعدات وتناسقها
في المقابل، يبدو “التحالف من أجل الجنوب”، والذي يضم أهم المنظمات المعنية بملف التنمية، أشد انتقادا لسويسرا. فبالنسبة لبيبو هوستيتّر، المخصصات المالية للمساعدة من أجل التنمية ليست غير كافية فحسب، بل أكثر من ذلك، هي تفتقر إلى الحد الأدنى من التناسق السياسي. وفي هذه النقطة يتفق التحالف من أجل الجنوب مع ما ورد في تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
ويضيف بيبو هوستيتّر: “ينص التقرير على ضرورة تعزيز الموائمة بين مختلف المكاتب الفدرالية المعنية. لكن المطلوب أكثر من ذلك، ويفترض التناسق التام بين مختلف أوجه السياسة الخارجية في سويسرا، وذلك في مجال التجارة، والساحة المالية، والبيئة، والهجرة، وغيرها..”.
ولرد الامور إلى نصابها، يدعو هوستيتّر إلى إنشاء هيئة لتقييم الجهود من أجل التنمية، كما هو الحال في مجال السياسة الأوروبية، وفي مجال البيئة.
من جهتها، تأسف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لكون المساعدات التنموية التي تمنحها سويسرا للبلدان النامية لا ترتقي إلى مستوى هذا البلد الغني. فنسبة هذه المساعدات بالنسبة للوكسمبورغ قد بلغت سنة 2008 ما قدره 0.97%، ويسعى إلى تحقيق 1% في السنة القادمة.
هذا التقصير لا ينفيه مارتين داهيندن، مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، والذي يعترف بأن على سويسرا “تدارك هذا التأخير، وأصحاب القرار السياسي واعون تمام الوعي بذلك. المشكلة هو الوضع المالي الذي تمر به المؤسسات الفدرالية”.
توجيه أفضل للإعانات
ويرى المسؤول في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية بأن أوجه القصور في المساعدات السويسرية لا تتمثل فقط في القيمة المالية، منوها إلى “إن سويسرا تفضَل التعاون مع البلدان الأشد فقرا (65% من المساعدات الثنائية)، وهذا أمر جيّد. لكن المشكلة أن هذه المساعدات المحدودة تـُوزّع على عدد كبير من البلدان، وعلى قطاعات متنوعة. بالإضافة إلى ذلك، على سويسرا توضيح المعايير التي تتعاون على أساسها ميدانيا مع المنظمات غير الحكومية”.
ويرد داهيندن بالتأكيد على أن الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون قد عالجت فعلا البعض من هذه النقاط. ومن الآن وحتى 2012، تركّز الوكالة جهودها على 12 دولة بدلا من 24. وفي السنة الماضية، أعادت تنظيم نفسها لتجنّب تكرار جهود بعض المكاتب الفدرالية الأخرى، خاصة كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية.
ويضيف مدير الوكالة السويسرية: “في سياق الإصلاحات التي قمنا بها، قررت الحكومة، الآن على الأقل، الإبقاء على مسؤولية مشتركة في مجال المساعدات الإنمائية بين الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، ووزارة الخارجية، وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية. لكننا قمنا في شهر يناير الماضي باعمتاد خطة موحّدة على مستوى الوزارتيْن من شأنها المساعدة في عقلنة وترشيد العمل”.
من هنا مرت العولمة
من النقاط الإيجابية الأخرى التي يشير إليها تقرير المنظمة الإقتصادية مبادرة سويسرا بإرجاع الأرصدة المنهوبة إلى العديد من البلدان النامية، وبلغت قيمة تلك الأرصدة إلى حد الآن 1.7 مليار فرنك.
لكن بيبو هوستيتّر يأسف لخلو هذا التقرير الدولي من أي إشارة إلى دور الساحة المالية السويسرية، و”الأضرار التي تلحقها بالبلدان الفقيرة على المستوى المالي”، قبل أن يُضيف: “التقرير لا يشير من قريب أو بعيد إلى غياب التناسق بين مختلف المؤسسات العاملة في مجال السياسة الخارجية وتحديدا في مجال المساعدات التنموية، وهذا الأمر معقّد نوعا ما وليس من السهل فهمه وتحليله”.
من جهته، يشير داهيندن إلى التعقيدات المتزايدة في مجال التعاون والمساعدات من أجل التنمية: “قبل عشرين سنة، كانت حدود هذا المجال مرسومة بوضوح، وخلال العمل الميداني، كانت المشروعات دقيقة المعالم، أما اليوم أصبحت كل المجالات مترابطة، التغيرات المناخية، والهجرة، الأزمة الغذائية، وكل ذلك يتطلب ردا يتجاوز حدود المشروعات التفصيلية، ويجعل العاملين في الميدان مجبرين على الإنخراط في النقاشات السياسية. باختصار، تغيّرت طريقة العمل بشكل جذري”.
إيزابيل أيشنبيغرغر – swissinfo.ch
(ترجمه من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
عادت الثقة إلى العلاقة بين برن ومنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية، وكانت هذه الثقة قد اهتزت في الاشهر الأخيرة، بعد أن وضعت سويسرا على قائمة رمادية مصنفة كجنان ضريبية (وسُحبت منها قبل نهاية شهر سبتمبر الماضي بعد أن امتثلت لشروط المنظمة).
قدمت سويسرا ترشحها لرئاسة الإجتماع الوزاري المرتقب في سنة 2010. كما قامت بالإفراج عن مبلغ 136.000 فرنك من مخصصات المنظمة، سبق أن اتخذت قرارا بتجميد صرفها. وقالت ريتا بالديغار، الناطقة بإسم كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية: “تمثل منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية بالنسبة لسويسرا منتدى دوليا هاما يشتمل على 40 دولة”.
إلى جانب سويسرا، ترشحت إلى منصب رئاسة المنظمة إيطاليا أيضا، وسيعرف الفائز بالمنصب نهاية هذا العام. ويعقد المجلس الوزاري السنوي للمنظمة في العادة نهاية شهر مايو أو بداية شهر يونيو.
تعود آخر مرة ترأست فيها سويسرا هذه المنظمة إلى 20 سنة خلت، أي في عهد الوزير جون باسكال دو لامورا. وإذا ما فازت سويسرا بالمنصب، فسوف تتولى الرئاسة وزير الاقتصاد دوريس لويتهارد، التي سوف تتولى أيضا السنة القادمة الرئاسة الدورية للكنفدرالية.
منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية: لجنة المساعدات التنموية، هي اللجنة المعنية بملف التعاون مع البلدان النامية على مستوى منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية.
1960: أنشأت هذه اللجنة سنة 1960، وتشتمل في عضويتها الأعضاء الثلاثة والعشرين في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية، بما في ذلك سويسرا ولجنة المفوّضية الأوروبية.
إستعراض الأعضاء: ترتكز هذه اللجنة الفرعية التي تتمتع بحرية عمل واسعة النطاق إلى حد كبير على آلية “إستعراض الأعضاء”، في مسعاها لصياغة وتقديم توصيات. ويجرى هذه الإستعراض الدوري الذي يخضع له جميع الأعضاء مرة كل أربعة سنوات.
2009: المستعرضان لتقرير 2009 حول سويسرا هما بلجيكا وهولاندا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.