خبراء: “أدمجوا الشبّـان المخالفين ولا تطردوهم”
أشار استطلاع للآراء إلى أن أغلبية عريضة من السويسريين، تريد إجبار الشبان الأجانب المدانين بارتكاب جرائم خطيرة على مغادرة البلاد.
في المقابل، يُـشكك خبراء في قُـدرة إجراء من هذا القبيل، يحظى بتأييد سياسي متزايد في سويسرا، على الوقاية فعلا من الجريمة، ويدعون على العكس من ذلك، إلى إدماج أفضل للشبان الأجانب وآبائهم، وخاصة في المناطق الحضرية.
كشف استطلاع للآراء، نُـشرت نتائجه في ثلاث صحف تصدر يوم الأحد في سويسرا، أن 69% من الذين تم استجوابهم (913 شخصا)، يؤيّـدون الفكرة الداعية إلى طرد المجرمين الشبان العنيفين من ذوي الأصول الأجنبية.
وجاء الاستطلاع بعد أسبوع فقط من إقدام ثلاثة شبان ولِـدوا في الخارج في البلقان، وتتراوح أعمارهم ما بين 19 و21 عاما، يحمل إثنان منهم الجنسية السويسرية، على ضرب أحد الشبان المشاركين في كارنفال لوكارنو (جنوب سويسرا)، حتى الموت.
وعلى الفور، دعا حزبان يمينيان (حزب الشعب السويسري ورابطة سكان تيتشينو) البرلمان المحلي إلى طرد الشبان الثلاثة وسحب الجنسية عن اثنين منهما.
ويقول فيرنر راينمان، معِـد الاستطلاع لسويس انفو “لقد فوجئت بردّة فعل الجمهور القاسية، فهناك خط متشدد ضد الشبان الأجانب بشكل عام من خلال سبر الآراء”.
على العكس من ذلك، أشار آلاّن غوغنبوهل، وهو طبيب نفسي وأستاذ في جامعة زيورخ، يعمل مع الشبان العنيفين، إلى أنه لم يكن شديد الاندهاش لنتائج الاستطلاع، “نظرا، لأن الحادث الرهيب، الذي جدّ في لوكارنو، يثير الكثير من الخوف والتوجّـس”.
وأضاف غوغنبوهل أن “هذه الأحداث تثير لدينا مشاعر التقزّز، لذلك، نريد أن نتخلّـص من المشكلة بأسرع وقت ممكن، والحل الأسهل هو الطرد. إنه من الطبيعي أن يتم التفكير بهذه الطريقة، لكن هذا ليس هو الحل”.
إجراء لا يُـساعد على حلّ المعضلة
القانون الفدرالي السويسري حول الأجانب، تمّـت مراجعته في الفترة الأخيرة بما يُـعزز قدرة الكانتونات على طرد الأجانب المجرمين. وفي الوقت الحاضر، يُـتيح القانون طرد الأشخاص الذين أكملوا عقوبة لا تقِـل عن سنتين وراء القضبان. ومع أن هذا الإجراء يحظى بدعم سياسي لا بأس به، لم يُـطبّـق عمليا إلا في حالات محدودة جدا.
في الأثناء، يريد حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) إضفاء صِـبغة آلية على طرد المجرمين الأجانب المرتكبين لمخالفات خطيرة، ومن المنتظر أن يُـطلق خلال شهر فبراير الجاري مبادرته، الرامية إلى فرض إجراء تصويت وطني على هذه المقترحات.
مع ذلك، تظل مسألة طرد القصَّـر وإلحاق آبائهم بهم، قضية ذات حساسية شديدة على المستوى السياسي. ويذهب غوغنبوهل إلى أنه، على الرغم من إطلاق مواطنين سويسريين وأجانب دعوات لاتخاذ إجراءات أكثر تشددا، فإن طرد القصّـر “غير مفيدة”، عندما يتعلق الأمر بالوقاية من الإجرام، كما أنه إجراء “لا يخيف الشبان”.
وفي واقع الأمر، تعني الإجراءات والتراتيب المعمول بها في سويسرا، انقضاء فترة (من سنة إلى سنتين) ما بين توجيه تُـهمة ارتكاب جريمة خطيرة إلى هذا الصِّـنف من الشبان و ما بين إدانتهم، وهي مدّة طويلة جدا، نظرا “لأنهم ينأون بأنفسهم بشكل أو بآخر عمّـا اقترفوه”، حسب قوله.
مرآة للمجتمع؟
في سياق متّـصل، يؤكّـد آلاّن غوغنبوهل أن “الشبان يتأثرون عندما تُـسحب منهم حرياتهم” ويضيف “يجب أن تُـصبح الإدانات أكثر سرعة وبساطة، وفي الوقت نفسه، نحن بحاجة إلى بناء علاقة معهم”.
ويضيف الأستاذ بجامعة زيورخ، أنه “في الوقت الذي تبدو فيه أغلبية الشبان الأجانب مندمجة بشكل جيّـد جدا في المجتمع، وخاصة في المناطق الداخلية، توجد مجموعات في المناطق الحضرية تحتاج إلى المساعدة”.
السيدة سيمون برودوليي، مديرة اللجنة الفدرالية للأجانب تعتبر من جهتها أنه “من الصعب القول ما إذا كان هذا الصِّـنف من استطلاعات الرأي، مرآة عاكسة للمجتمع، لكنني، أعتقد أن هناك انقساما واضحا بين المؤيِّـدين لطرد الشبان والمعارضين له”.
وتقول برودوليي إنه “إذا ما كان السويسريون يرغبون في انتهاج سياسة اندماج مؤثرة على المدى البعيد، فعليهم الاعتراف بأن معظم المجرمين الشبان المتورطين في أحداث من هذا القبيل، قد نشأوا هنا”.
وأوضحت المسؤولة الفدرالية، أن ما نشاهده الآن هي الانعكاسات الناجمة عن غياب اندماج حقيقي للجيل الأول من المهاجرين، الذين نقلوا جميع مشاكلهم إلى أبنائهم
وأضافت السيدة برودوليي أنها معركة طويلة الأمد، “يجب علينا أن نقوم بالمزيد من الوقاية وأن نفتح الآفاق بوجه الشبان وأن ننشئ المزيد من الأماكن، مثل نوادي الشباب، حيث يمكن لهم أن يتواصلوا فيها مع آخرين وأن يُـقدِّم لهم فيها الكبار النُّـصح ويرسموا لهم الحدود”.
وفي ختام حديثها مع سويس انفو، أكّـدت مديرة اللجنة الفدرالية للأجانب على أن “أولئك الذين لا يشعرون بأنهم في وطنهم هنا، بحاجة للوعي بأنهم يؤخذون على محمل الجدّ”.
سويس انفو – سيمون برادلي
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه كمال الضيف)
طِـبقا للمعطيات التي نشرها المكتب الفدرالي للإحصاء، بلغ عدد الشبان الذين أدينوا في عام 2006 بارتكاب جرائم 140045 (79،5% منهم ذكور)، وهو رقم يفوق بألفين إحصائيات عام 1999.
يحمل 64،1% من الشبان المدانين الجنسية السويسرية.
منذ عام 1999، سُـجل ارتفاع في عدد الإدانات، بسبب ارتكاب مخالفات مرورية أو جرائم تتعلق بالاعتداء على الأشخاص والممتلكات، لكن السلطات سجّـلت تراجعا في عدد الجرائم المرتبطة بالمخدرات.
في الوقت الذي تُـظهر فيه إحصائيات الشرطة تضاعف عدد الجرائم المرتكبة من طرف الشبان العنيفين خلال السنوات الثمان الماضية، وفيما يتنامى الشعور لدى الجمهور بتصاعد ظاهرة عنف الشباب، يعتقد الباحثون والمتخصصون أنه يجب التعامل بتحوّط مع الأرقام.
توصّـلت دراسات أجريّـت في سويسرا وألمانيا وهولندا والسويد، إلى نفس الخلاصات، ومفادها أن إحصائيات الشرطة تشهد تضخما، بسبب توجّـه متصاعد إلى إبلاغ السلطات بالجرائم والاعتداءات، مقارنة بالسنوات القليلة الماضية.
ينص الفصل 48 من قانون الجنسية السويسري (الذي أشارت إليه أحزاب اليمين المتشدد في كانتون تيتشينو) على إمكانية سحب الجنسية السويسرية والمواطنة في الكانتون والإنتماء البلدي عن شخص يحمل جنسية أخرى، إذا ما كانت تصرفاته خطيرة وتلحق الضرر بمصالح سويسرا أو بسمعتها.
لا يمكن اتخاذ قرار بسحب الجنسية السويسرية، إلا في حالات خطيرة جدا، مثل صدور حكم على الشخص لارتكابه جرائم حرب.
بالنسبة للسكان الأجانب، يتضمن القانون الفدرالي للأجانب سلسلة من الإجراءات تشمل: حظر الدخول إلى سويسرا وإلغاء تراخيص الإقامة وعدم تجديد التراخيص الممنوحة.
أطلق حزب الشعب السويسري “مبادرة شعبية لطرد المجرمين الأجانب”، ولا زالت في مرحلة تجميع التوقيعات من المواطنين لفرض إجرائها في وقت لاحق.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.