دعم دولي للحق في الحصول على الادوية البديلة
صادقت لجنة حقوق الإنسان يوم الاثنين في خطوة غير عادية على قرار يدعو إلى حصول الفئات المحرومة من مرضى الإيدز في العالم على أدوية بديلة بأسعار في متناول الجميع.
الخطوة التي تأتي في أعقاب إلغاء الخلاف القضائي بين شركات الأدوية العالمية وحكومة جنوب إفريقيا يعتبر أول خطوة دولية تتخذ لدعم مطالب منظمات المجتمع المدني وحكومات البلدان النامية في صراعها من أجل الحصول على حق إنتاج الأدوية البديلة.
فهل ستكون الخطوة الأولى على طريق الحصول على حق معترف به دوليا بالنسبة للبلدان النامية من أجل تصنيع وإنتاج أدوية باهظة الثمن ومخصصة لمواجهة أمراض واسعة الانتشار مثل مرض نقص المناعة المكتسب ايدز او سيد.
ربما أن قرارات لجنة حقوق الإنسان من حيث طبيعتها ليست ملزمة وقلما يتم تطبيقها حرفيا ولكن القرار الذي اتخذته اللجنة يعتبر جريئا نظرا لكونه أول خطوة دولية رسمية تتخذ لدعم كفاح حفنة من منظمات المجتمع المدني التي تخوض حملة منذ سنوات من أجل السماح لمرضى الإيدز في البلدان الفقيرة بالحصول على أدوية بأسعار في متناول الجميع.
فقد صادقت لجنة حقوق الإنسان ليلة الاثنين بأغلبية اثنين وخمسين صوتا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية، على لائحة تدعو إلى تطبيق معايير القانون الدولي بدون تمييز في مجال وصول جميع مكونات المجتمع بما في ذلك الفئات الفقيرة إلى وسائل العلاج بأسعار في متناول الجميع، وهذا عندما يتعلق الأمر بمواجهة آفة واسعة الانتشار مثل مرض نقص المناعة المكتسب إيدز.
بعبارة أخرى تدعو لائحة لجنة حقوق الإنسان الدول المتقدمة، في وقت الأزمات الكبرى، إلى مساعدة الدول النامية على مواجهة بعض الآفات الواسعة الانتشار او الوقاية منها، وعدم الاحتماء وراء قوانين منظمة التجارة العالمية وحماية الملكية الفكرية للحد من حق تصنيع الدول النامية لهذه الأدوية.
ولاشك في أن وقوف البرازيل،البلد الرائد في مجال تصنيع الأدوية البديلة، وراء مشروع اللائحة، قد يترك انطباعا من أن العملية تهدف بالدرجة الأولى إلى الحصول على مناصرة الدول النامية له في خلافه مع الولايات المتحدة الأمريكية المعروض على محافل فض النزاعات بمنظمة التجارة العالمية.
وعلى الرغم من إيحاء بعض الاوساط الامريكية في جينيف بذلك، فإن سفير البرازيل رد مذكرا بأن برنامج محاربة الايدز في بلاده شرع فيه منذ اكثر من خمس سنوات أي قبل عرض الموضوع على منظمة التجارة العالمية مضيفا بان هذه الخطوة التي أقدمت عليها لجنة حقوق الإنسان ” ستساعدنا على الإظهار للعالم ما يمكن القيام به في هذا المجال “.
اختبار لجدية الدول المتقدمة وللشركات المتعددة الجنسيات
يأتي قرار لجنة حقوق الإنسان كخطوة رسمية أولى لدعم مطالب منظمات المجتمع المدني وحكومات بعض البلدان النامية التي جندت نفسها منذ سنوات مطالبة بإفساح المجال أمام مرضى الإيدز في البلدان الفقيرة من اجل الحصول على أدوية “العلاج الثلاثي” بأسعار معقولة.
ففي الوقت الذي تكتفي فيه منظمة الصحة العالمية بالاحتماء وراء “دعمها لكل ما من شأنه أن يسمح بوصول المرضى إلى العلاج بأسعار معقولة” وفي الوقت الذي تراجعت فيه كبريات الشركات العالمية لصناعة الأدوية عن تقديم حكومة جنوب إفريقيا للمحاكمة بسبب التجرؤ على تصنيع أدوية بديلة لمحاربة الإيدز، تأتى خطوة لجنة حقوق الإنسان لدعم إخراج موضوع تحديد أسعار <الأدوية الأساسية> وحقوق تصنيعها من المحافل التجارية المحضة لكي ينظر للموضوع من زاوية اكثر شمولية.
كما أن قرار لجنة حقوق الإنسان يُُُذكِر حتى المحافل التجارية الدويلة مثل منظمة التجارة العالمية ومنظمة الملكية الفكرية، بأن هناك تنازلات مدونة في المعايير التجارية الدولية تنص على إمكانية لجوء دولة فقيرة إلى استعمال براءات اختراع إلزامية لتصنيع أدوية بديلة في وقت الأزمات.
وقد حان الأوان لكي تشرع البلدان المتقدمة والشركات المتعددة الجنسيات من جهتها في تطبيق القلة القليلة من معايير التجارة العالمية التي هي في صالح البلدان النامية والفقيرة إن كانت صادقة في بحثها عن إقامة نظام اقتصادي وتجاري يستفيد منه الجميع.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.