مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انتقادات شديدة لسويسرا بسبب قوانين اللجوء المعدّلة

ينوه تقرير منظمة العفو الدولية بالتحسّن الذي طرأ على التدابير الأمنية المتخذة خلال عمليات الترحيل القسري للأجانب بالمطارات السويسرية Keystone

حققت سويسرا بعض التقدّم في مجال حقوق الإنسان في عام 2012، وفقا للتقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية لكنها تظل "مثالا سيئا" في مجال إيواء اللاجئين، وتشديد القوانين المنظمة لهذا الميدان، خاصة التعديلات "المقيّدة والمتشدّدة" التي أقرّها البرلمان خلال العام الجاري.

جزء من هذه الإجراءات الجديدة دخلت حيّز النفاذ، وسوف تعرض على انظار الناخبين يوم 9 يونيو القادم، في استفتاء عام، ترى مانون شيك، المديرة العامة للفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية بأنه “اقتراع يشكّل رمزا في حد ذاته.. رمز لتوجه نحو الإنغلاق والتشدد في سويسرا كما في أوروبا بصفة عامة”.

هذا التقييم رأت فيه سيمونيتا سوماروغا، وزيرة العدل والشرطة بالحكومة الفدرالية “مبالغة واجحافا” خلال مداخلة لها في برنامج حواري بثه التلفزيون العمومي الناطق بالفرنسية مساء الأربعاء 22 مايو 2013، حيث ذكرت بأن “في هذا القانون المعدّل هناك سبعة اجراءات، خمسة منها تهدف بالأساس إلى تسريع عملية البت في طلبات اللجوء، وهذا أمر في مصلحة اللاجئين أنفسهم”.

من جهته، يعتقد كريستوف داربولي، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي في تصريح له خلال نفس البرنامج أن الوزيرة سوماروغا “نجحت، وبالتعاون مع البرلمان الفدرالي في اقتراح الحلول المجدية، وأن الإجراءات التي ستعرض في استفتاء عام يوم 9 يونيو متوازنة وضرورية إذا اردنا فعلا أن نحافظ على البعد الإنساني الذي عرفت به سويسرا طوال تاريخها”، على حد قوله.

“حماية الحدود أولى..”؟

لكن هذا لم يمنع شيك التي عبرت في حوار مع وكالة الانباء السويسرية عقب صدور التقرير عن بالغ أسفها : “لكون الأولوية الكبرى قد باتت تعطى لحماية الحدود بدلا من حماية البشر”. وأن “التدابير العاجلة التي سوف تطرح في إستفتاء 9 يونيو، مثل إلغاء امكانية إيداع طلبات اللجوء في السفارات السويسرية بالخارج، أو التخلّي عن اعتبار الإستنكاف الضميري او الفرار من صفوف التجنيد الإجباري  في ظل انظمة استبدادية سببا كافيا لمنح حق اللجوء، تدابير خطيرة”، بحسب المسؤولة السويسرية بمنظمة العفو الدولية.

السيدة شيك حذرت أيضا من هذه التدابير، وقالت: “للمرة الأولى، يتوجّه القانون للنيل من جوهر قيمة حماية الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة اللاجئ”. ومن خلال هذه الإجراءات “لم يعد الأمر يتعلّق بالوقاية من الإساءة والتعدّي، بل ببساطة بالحد من حماية الأشخاص المحتاجين لذلك”، على حد رأيها.

عنف الشرطة وقوات الأمن

“خلال هذا العام (2012) أيضا، أشارت بعض التقارير إلى قيام شرطة جنيف بإساءة معاملة أشخاص من بينهم أطفال قصّر خلال عملية الإعتقال أو مباشرة بعدها. وقد طالبت اللجنة الأوروبية لمكافحة التعذيب من الحكومة السويسرية توفير المزيد من الضمانات لمكافحة العنف الذي تمارسه قوات الأمن”.

التمييز ضد الاجانب

 “تتواصل أشكال التمييز ضد الأجانب والأقليات الدينية والعرقية على مستوى القوانين والممارسة، والتشريعات المعتمدة  في هذا المجال لا تتطابق مع النواميس والقوانين الدولية. وفي مارس الماضي، عبّر مفوّض حقوق الإنسان بمجلس أوروبا عن بالغ انشغاله بسبب بعض المبادرات الشعبية ذات العلاقة بقضايا تهم حقوق الإنسان. فلا يزال قانون حظر المآذن معمولا به سنة 2012، وسبق لمجلس النواب أن أقرّ التماسا يهدف إلى دعوة الحكومة للتقدّم بمشروع قانون يحظر النقاب في سويسرا، لكن هذا الإلتماس لم يتجاوز عتبة مجلس الشيوخ “.

فتح الباب للتعسّف والاعتباطية

إذا ما تمّ التصويت بنعم يوم 9 يونيو القادم على التعديلات المقترح إدخالها على قانون اللجوء، تخشى منظمة العفو الدولية من أن “يفتح ذلك الباب لخطوات أخرى أكثر جرأة” باتجاه تفكيك المنظومة التشريعية الخاصة باللجوء، وبوجه “جميع أنواع الممارسات التعسفية”، كالعمل مثلا بنظام الحصص بالنسبة لكل بلد.

من جهة أخرى، يستنكر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية مجموعة “الإجراءات التقييدية” في مجال القواعد المنظمة للّجوء، ومنها على سبيل المثال حرمان الشبان البالغين من الإستفادة من حق اللجوء الممنوح لعائلاتهم، وانتظار 10 سنوات، للتحقق من نجاح عملية اندماجهم في المجتمع لتمكينهم من الحصول على تصريح الإقامة الدائمة في سويسرا.

 

تقدّم جيّد في مجال حماية النساء

التقرير السنوي للعفو الدولية لم يتردد في انتقاد سويسرا نظرا لما تسجّله المنظمة غير الحكومية من تمييز ضد المهاجرين والأقليات العرقية والدينية، لكنه أشار أيضا إلى التقدّم الكبير الذي تحقق في مجال حماية المرأة حيث تم إقرار قانون ضد الزواج القسري، وإطلاق برنامج وطني خاص لتعزيز الوقاية من العنف المنزلي، ووضع خطة عمل وطنية لمكافحة الإتجار بالبشر. وفي هذا الصدد، تنوه مانون شيك بهذه الخطوات وترى أنها “مهمّة، وإن جاءت متأخرة”.

من الإشارات الإيجابية أيضا ما تحقق خلال العام الماضي من تحمّل للشركات متعددة الجنسيات التي يوجد مقرّها في سويسرا لمسؤولياتها في مجال حقوق الإنسان، حيث قبلت برن بوضع استراتيجية وطنية لهذا الغرض، وهي “خطوة صغيرة إلى الأمام”، مثلما تقول مانون شيك، التي أعربت عن ارتياحها لأن بعض الشركات قد أدركت بالفعل أهمية هذه العملية وتقوم الآن بدعمها.

أخيرا، لا يغفل التقرير عن الإشارة إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة الفدرالية للحدّ من اللجوء إلى استخدام القوة أثناء عمليات الترحيل القسري للمهاجرين غير الشرعيين أو اللاجئين الذين رُفضت مطالبهم. وتأتي هذه التحسينات نتيجة للتحقيقات التي أجريت في أعقاب وفاة طالب لجوء نيجيري خلال عملية ترحليه من مطار زيورخ في عام 2010، ولمصادقة برن على العديد من الإتفاقيات الدولية في الغرض.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية