شهدت دورة برلمان الشباب لهذا العام أربعة أيام من النقاش الحماسي ومن الدفاع المستميت عن الرؤى والمقترحات، وكانت بالفعل مختبرا حقيقيا للأفكار الجديدة. ولكن ماذا سيكون مصير هذه المقترحات؟ وكيف سيتفاعل البرلمانيون الكبار معها؟
تم نشر هذا المحتوى على
5دقائق
بعد أن بدأت مسيرتي المهنية في الصحافة الإقليمية (المكتوبة والإذاعية) في سويسرا الناطقة بالفرنسية، انضممت إلى إذاعة سويسرا العالمية في عام 2000، في الفترة الانتقالية التي شهدت ولادةswissinfo.ch . منذ ذلك الحين وأنا أكتب عن مجموعة متنوعة من المواضيع، من السياسة إلى الاقتصاد والثقافة والعلوم، بالإضافة إلى إنتاجي لأشرطة فيديو قصيرة حول هذه المواضيع أحياناً. مجالات الاهتمام المفضلة لدي هي العلوم الدقيقة، وخاصة فيزياء الجسيمات، والفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء وموسيقى الروك (نعم، هناك أشخاص لا يزالون يستمعون إليها إلى اليوم بالتأكيد! ...)
إنه مشهد غير معهود تحت قبة البرلمان الفدرالي. كل المقاعد في قاعة مجلس النواب البالغ عددها 200 مقعد وجدت من يشغلها من المشاركين المتحفّزين (أو هكذا يبدو عليهم). فقد شارك شبّان يرتدون قمصانا متعددة الألوان، بفعالية ونشاط في فعاليات الدورة السادسة والعشرين لبرلمان الشبابرابط خارجي التي اختتمت أعمالها في برن مساء الأحد 12 نوفمبر 2017.
هذا البرلمان الصوري غير منتخب، ويعمل جميع أعضائه البالغ عددهم 200 فرد ، الذين اختارهم لهذه المهمّة المجلس السويسري لأنشطة الشبابرابط خارجي وفق نظام الحصص بشكل طوعي. وفي العادة، تأخذ عملية الإختيار هذه بعين الإعتبار جنس المشارك ومستواه التعليمي أو نوعية تكوينه المهني، والأصل الذي ينحدر منه (ليس بالضرورة أن يكون مواطنا سويسريا). كذلك يتسع المجال لمشاركة السويسريين المقيمين بالخارج، وللقصّر غير المُرافقين الذين وصلوا إلى البلاد كطالبي لجوء. وهناك سعي جدّي لتنويع المشاركات، حتى لا تعود نفس الوجوه كل عام.
وفي هذا الصدد، ترى فاليري فويي، الناطقة باسم المجلس السويسري لأنشطة الشباب أنه “بهذه الطريقة، يكون لدينا برلمان أكثر تمثيلية للسكان مقارنة بالبرلمان الحقيقي”.
“لا لهدايا شركات المختبرات”
في العادة، يناقش برلمان الشباب، الذي يؤطّر عمله خبراء وسياسيون نشطون على المستوى الوطني، موضوعات حيوية وحقيقية، وفق أجندة مدروسة بعناية، وباقتراح من المشاركين أنفسهم. وعموما، تأتي القضايا الإجتماعية في مقدمة انشغالاته.
هكذا أيّد الأعضاء بأغلبية كبيرة مبادرة “لا لهدايا المختبرات”، والتي تطالب بوضع حد لممارسات شركات الأدوية التي تمنح هدايا للأطباء لتشجيعهم على إصدار وصفات لمرضاهم تطالبهم باستخدام الأدوية الأصلية عوض الأدوية الجنيسة. أما الهدف من هذه المبادرة فيتمثل في الحد من الإرتفاع اللولبي لتكاليف الخدمات الطبية.
ملف التقاعد: “لا وجود لحل خارق للعادة”
حاول السياسيون المبتدئون كذلك تقديم حلول مبتكرة وجديدة لقضايا فشل البرلمانيون الكبار في إيجاد مخرج لها، كملف إصلاح نظام التقاعد.
في هذا السياق، اقترح الأعضاء القادمون من الكانتونات الناطقة بالفرنسية المرور تدريجيا بالحد الأدنى لسن تقاعد للنساء إلى 65 عاما مقابل الترفيع في معاشات تقاعدهن للتعويض عن الظلم الذي لحق بهن بسبب عدم المساواة في الأجور خلال حياتهن المهنية.
أما المجموعة القادمة من الكانتونات الناطقة بالألمانية، فقد انصبّ اهتمامها على طرق تمويل معاشات التقاعد، ومن ذلك اقتراحها اعتماد نسب ضريبة على القيمة المضافة تتغيّر بحسب المجالات: نسب محدودة على السلع الأساسية، ونسب مرتفعة على المنتجات غير الضرورية أو الكمالية. ولئن وجد هذا المقترح الأخير القبول، فإن المقترح الأوّل لم يجد التأييد الكافي. وقال أحد المتدخلين خلال النقاش: “لابدّ من مكافحة عدم المساواة في الأجور في البداية ومن الأساس بدل التعويض عنها في سن التقاعد”.
ومن بين المقترحات الأخرى التي لقيت الإستحسان أيضا سنّ تشريع يسمح للأزواج المثليين بتبني أطفال.
الطريق الطويلة
في ختام هذه الدورة، أحيلت المقترحات التي حظيت بقيول الأغلبية إلى برلمان “الكبار”. بعدها يبدأ عمل من صنف آخر: انخراط متطوّعي المجلس السويسري لأنشطة الشباب في حملة تهدف إلى ضمان أخذ مطالب الشباب في الحسبان، من خلال العمل كجماعة ضغط عبر التواصل مع أعضاء غرفتي البرلمان الفدرالي، والمنظمات الوطنية والمحلية، مستعينين بموارد تزيد وتنقص قيمتها بحسب الجهات.
وفي الواقع، عادة ما يرفض البرلمان مقترحات الشباب. وقد فعل ذلك مؤخرا عندما رفض تشكيل لجنة فدرالية مستقلة لمراقبة صادرات الأسلحة السويسرية. وكذلك كان مصير قانون “الإخصاب الطبي” أو التبرّع بالخلايا البيضية.
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
قراءة معمّقة
المزيد
سياسة فدرالية
الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب العقارات
كيف يمكننا منع احتكار الذكاء الاصطناعي من قبل الدول والشركات الكبرى؟
يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على حل العديد من مشكلات العالم، لكن قد تسعى الدول الأغنى والشركات التكنولوجية الكبرى إلى احتكار هذه الفوائد لمصلحتها الخاصة.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
برلمان وطني للشباب في سويسرا
تم نشر هذا المحتوى على
وبالرغم من نظام الديمقراطية المباشرة والميليشيا التي عُرِفَت بها، لكن سويسرا بالذات بحاجة إلى دعم سياسي لليافعين والشباب. وعلى مستوى البلديات والكانتونات، تتمتع برلمانات الشباب اليوم بشعبية كبيرة. وهكذا، نلاحظ تأسيس ستة برلمانات شبابية جديدة في المتوسط كل عام. وعمّا قريب، ستكون هناك برلمانات جهوية (أي كانتونية) للشباب في جميع الكانتونات الـست والعشرين المكونة لسويسرا.…
تم نشر هذا المحتوى على
من الصعب تصور وجود شباب ينظرون للعالم بسلمية أكثر من آمين كاسوت وماتيو بريكولا. إلا أن ما تفتقت عنه قريحة الشابين ذوي السادسة عشرة عاماً والمنحدرين من كانتون غراوبوندن، قد ينتهي بحرب بين سويسرا وإيطاليا. أو على الأقل بنزاع خطير على الحدود. طبعاً هذه مبالغة شديدة، وليس هذا ما يرمي إليه أبداً الطالبان من أبناء…
“لا يُمكن الإستغناء عن صوت الشباب لمُواجهة تحديات الغد”
تم نشر هذا المحتوى على
للمرة الأولى، تُشارك سويسرا، البلد الذي يصوّت فيه الناس أكثر من أيّ مكان آخر في العالم، في إحياء اليوم الدولي للديمقراطية. ورغم التقاليد العريقة، لا يُمكن القول بأن كل شيء يسير على الوجه الأكمل في بلد الديمقراطية المباشرة، حيث ترى آنيا فايدن غيلبا، مستشارة الدولة بكانتون جنيف، أن الشبان على وجه الخصوص "لا يُمنحون فرصا كافية للتعبير عن مشاغلهم".
تم نشر هذا المحتوى على
يوم 25 سبتمبر 2016، سيتحدد مستقبل تأمين الشيخوخة الخاص بنا. فالوضع مأساوي: ذلك أن صناديق التقاعد تخفِّض المعاشات المستحقة عن التأمين الإختياري (الركن الثاني) سنة بعد أخرى. والأغلبية اليمينية في البرلمان تسعى من خلال مبادرة “التقاعد 2020” إلى تخفيض حاد في معاشات التقاعد، بل ورفع سن التقاعد إلى 67 للجميع ـ لهذا ليس من الغريب…
تم نشر هذا المحتوى على
تشغل الشيخوخة اهتمام “المستقبل السويسريرابط خارجي” (وهي عبارة عن “خلية تفكير” للأوساط الإقتصادية في سويسرا)، فبالاضافة إلى الأسئلة الإعتيادية حول التقاعد والرعاية الصحية، تنكب هذه الخلية أيضا على تأثيرات الشيخوخة على الديمقراطية، التي يمكن أن تأخذ منحى “حكم المُسنّين”. ففي سويسرا اليوم، يفوق متوسط عمر المواطنين الذين يذهبون إلى صناديق الإقتراع بكثير متوسط عمر السكان…
تم نشر هذا المحتوى على
كان بِوسعهم أن يجعلوا الأمر أكثر سهولة بالنسبة لهم، بِتناول قسيمة الإيداع والقيام بدَفع الرسوم السنوية، ومن ثَمَّ المشاركة في تشكيل سياسة البلاد ضمن أحزابهم الناجحة والراسخة في التاريخ السويسريرابط خارجي. ولكن لوكاس رايمان وسيدريك فيرموث كانا يتطلعان إلى أبعد من ذلك: الحق الفوري في المشاركة في الرأي. “كان هناك شيء مفقود”، يقول رايمان، الذي…
“المشاركة في الحياة السياسية مفتاح نجاح الديمقراطية”
تم نشر هذا المحتوى على
تستضيف جنيف في منتصف أغسطس الجاري المؤتمر السنوي الـ 93 لمنظمة السويسريين في الخارج، وذلك قبل بضعة أسابيع من الإنتخابات البرلمانية الفدرالية التي ستجري يوم 18 أكتوبر 2015. ويركز المؤتمر هذا العام على مشاركة المواطنين في الحياة السويسرية، بما أن إسهامهم النشط يعتبر حجر الزاوية للديمقراطية المباشرة المُعتمَدة في الكنفدرالية.
تم نشر هذا المحتوى على
على عكس بلدان الربيع العربي الأخرى، نجحت تونس في تجاوز المرحلة الإنتقالية التي تلت الإطاحة بنظام بن علي. ويؤكِّـد الخبير القانوني عياض بن عاشور، الذي لعب دورا مهمّـا في عملية الإعداد للإصلاحات السياسية، أن تاريخ البلد وتجربته السابقة في البحث عن الوفاق وممارسة "الديمقراطية التشاركية"، تفسِّـر هذا النجاح الذي لا زال هشّـا.
تم نشر هذا المحتوى على
بثقة في النفس تدفع ليانا ماير دراجتها البخارية في هذا اليوم الربيعي البارد والمُمطر عبر شارع تساون في مدينة غلاروس، عاصمة الكانتون الذي يحمل نفس الإسم في شرق سويسرا. لقد حصلت ابنة الرابعة عشرة على رخصة قيادة الدراجات البخارية قبل شهر. أما بالنسبة للتصويت والإنتخاب فيتحتم على ليانا الإنتظار عامين آخرين “فقط”. لكن هذا الأمر…
هل تضع سويسرا حدّا للفوارق الهائلة في مجال الأجور؟
تم نشر هذا المحتوى على
بعد مرور أقل من تسعة أشهر على التأييد الباهر الذي حظيت به مبادرة “ضد العلاوات المبالغ فيها” التي أطلقها المقاول الصغير توماس ميندر، يستعد السويسريون للتصويت على مقترح آخر جاء على خلفية استنكار الرأي العام للأجور المرتفعة جدا التي يحصل عليها بعض كبار المدراء والمُسيّرين، ويتمثل في مبادرة تحمل عنوان: “1:12 – من أجل أجور…
عزوف متزايد لشباب سويسرا عن المشاركة في الإنتخابات
تم نشر هذا المحتوى على
ويُشار إلى أنه في أواخر مايو 2011، وقبل أن تتخذ الحكومة السويسرية قرارا بخصوص الطاقة النووية، نزل الآلاف من طلاب المدارس إلى شوارع العاصمة برن للمطالبة بإغلاق محطات الطاقة النووية في البلاد، الأمر الذي يُعَدّ دليلا على أنه ما زال لدى الشباب متابعة للقضايا المتعلقة بالشأن العام، وأن جذوة الاهتمام لم تنطفئ تماما، حتى هذه…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.